لم يتفاجأ المقربون من الشاب بلال بإقدامه على خطوة الحصول على الجنسية المغربية بعدما تقدم بطلب رسمي. بعدما كان يتردد المرة تلو الأخرى لمعرفته بحساسية الموقف وكذا العداء الدفين و الغير مبرر الذي تكنه السلطات الجزائرية للمغرب. فقد كان يسر لأصدقائه المغاربة المقربين و كذا الجزائريين أنه لولا غضب بعض أفراد عائلته في الجزائر و الزوبعة الإعلامية التي سيثيرها قراره، خصوصا أن جهات محددة في الدولة الجزائرية متخصصة في ردع الفنانين الجزائريين الذين يتفوهون بكلام لطيف اتجاه المغرب و تسخيرها لأجهزة إعلامية و على رأسها جريدة الشروق الاستخباراتية لتخويف كل من قال الحقيقة و لم يسايرهم في هذا العداء الغريب اتجاه كل ماهو مغربي.يضيف الشاب بلال أنه لولا كل هذا لكان أقدم على هاته الخطوة مند مدة طويلة فجل وقته كان يقضيه متنقلا بين تطوانالفنيدق،الدارالبيضاء أكاد ير ووجدة.بعدما ترك مقر إقامته القديم بمدينة (نيم الفرنسية). و للتذكير فقط أن عدد سهرات الشاب بلال التي يحييها في المغرب سنويا تفوق 40سهرة بمبالغ خيالية جعلته يحقق طفرة مادية ملحوظة فصاحب أغنية(الغربة والهم كل يوم اسطوار)وهي أول أغنية له يملأها الهم والغم انتهى بشكر الله في ألبومه الأخير على النعم الذي أغدقها عليه في بلد يكرم الفنان الأجنبي بعنوان(أمين ياربي أمين)...!! وقد استغربت الجزائر لرفض الشاب بلال كل الدعوات التي توجه له لإحياء سهرات هناك سواء تلك التي تنظمها جهات رسمية أو خواص.وقد برر الشاب بلال هاته الخطوة أن الفنان الجزائري يعاني الويلات في بلده من سوء المعاملة و مبالغ مالية هزيلة تحط من كرامته انتهاءا باستحالة العيش في بلد يسخر كل جهوده لبلبلة المغرب و كما جاء على لسانه(الناس مع الناس وأنا مع خيرة ختي)و رد قائلا كنا نفتخر بالجزائر بلد المليون شهيد لكن عصابات الجيش جعلوا الجزائريين يمقتون العيش هناك و هنأ بالمناسبة الشعب المغربي على ملكه الشاب المحبوب و على الازدهار الذي أصبح يعيشه المغرب و على كرم الجود والضيافة ،وعقب هاته التصريحات أصدرت وزارة الثقافة الجزائرية بيانا تصف فيه سياسة المغرب اتجاه فنانيها بتدليلهم و إفساد طبائعهم بطريقة جعلتهم يفضلون المغرب على بلدهم الأصلي. واعتبرت خطوة الشاب بلال هاته و قبلها رضى الطالياني و خالد بالخيانة التي لا تشرف الجزائريين هذا البيان أثار استهجان كل من بلال و رضى الطالياني و الشاب خالد الذين أعربوا على أن الفن لا جنسية له و أن ما وجدوه من ظروف صحية للعمل بأريحية في الميدان الفني جعلتهم يفضلون وجهة المغرب. فالفنان لا يمكن أن يتبع السياسي و خصوصا في حماقاته. الشاب بلال اعتبر خطوته هاته بالعادية لأن الوطن العربي و المغرب العربي بصفة خاصة وطن واحد فرقته أطماع جنرالات الجزائر و أضاف أن المغرب قدم له مالا يحلم به فنان من طراز عالمي و قال أن انطلاقته الفنية كانت من مدينة وجدة ثم إلى باقي مناطق المملكة. و عبر مرة أخرى عن عشقه الأسطوري لمجموعة ناس الغيوان و الأغنية المغربية بصفة عامة. وشخصيا حضرت للشاب بلال في جلسات حميمة يغني أغاني ناس الغيوان بطريقة تجعلك تحس أنه فعلا مسكون بهاته المجموعة الخالدة و غنى كذلك أغاني المعطي بلقا سم وعبد الهادي بلخياط و لطيفة رأفت هاته الأخيرة التي عبر عن رغبته في التعامل معها في(دويتو غنائي).و في إحدى الجلسات عندما قلت له ما سر هذا التعلق بكل ماهو مغربي قال لي بالحرف الواحد و بكل تلقائية أن(الإنسان بصفة عامة يبحث عن الراحة سواءا كان فنانا أو شخصا عاديا)ولهذا يبرر خطوته بأنها ذات طابع شخصي بدرجة أولى. وقبل هذا القرار نسرد أمام قرائنا كرونولوجيا لأحداث متلاحقة عجلت بإقدام الشاب بلال على هاته الخطوة و المصدر والعهدة هنا على مرافقي الشاب بلال وللإشارة فنصف اوركسترا الشاب بلال كلهم مغاربة وقائدهم الموزع المغربي العالمي(هشام الختير القاطن بحي القدسوجدة وهو للإشارة من أعز أصدقائي وهو من وزع لي ألبومي الشخصي الذي سيرى النور في الأيام القادمة).وجميع الألبومات التي لقيت نجاحا منقطع النظير للشاب بلال كانت من توزيع هشام الختير دون أن ننسى ابن مدينة القنيطرة(لاعب آلة لا باطري)وبفضل هؤلاء حقق الشاب بلال نقلة نوعية في مساره الفني جعلته يحقق طفرة مميزة خصوصا من ناحية جودة سهراته.ومن يقول أن الراي اختصاص جزائري الجواب يوجد عند الشاب بلال،فمن فنان عادي إلى فنان بمواصفات عالمية بفضل موسيقيين و تقنيين مغاربة مشهود لهم بالكفاءة . لكن ما فاجأني و سيفاجأ الكل هوما حدث العام الفارط لصديقي هشام الختير قائد المجموعة الموسيقية التي ترافق الشاب بلال(العازف على آلة السانتي)حيث وقف للقيام بالإجراءات الروتينية للدخول للجزائر لإحياء حفل هناك وإبان وقوفه أمام مصلحة طبع جواز السفر خاطبه الموظف بلهجة تحمل ما تحمل من شوفينية اتجاه المغاربة حيث قال له بالحرف: يبدو لي من خلال جواز سفرك انك دائم الحضور للجزائر ماذا تفعل هنا،فأجابه صديقي بابتسامة عريضة انه يدخل إلى الجزائر و يقوم بإجراءاته القانونية السليمة للدخول إليها لكن الموظف أصر إصرارا غريبا على معرفة سبب الحضور المتواتر للموزع المغربي فأجابه حتى لا يعطله أكثر من اللازم:أنا موسيقي قائد اركسترا بلال . جواب صديقنا هذا تسبب في حرق أعصاب الموظف الذي رد بطريقة تبرز عقدة الجزائريين الأبدية اتجاه المغرب و قال حرفيا:(مروكي خانز يلعب مع الشاب بلال)وطبع جواز السفر ورمى به أرضا فماكان من الموزع المغربي إلا أن التقط جواز السفر وكتم غضبه داخلا وهو مندهش لما شاهده وكأنه دخل إسرائيل و ليس دولة مسلمة جارة. متاعب صديقنا الحميم لم تنته ففي ليلة ذلك اليوم توجهوا لمدينة (باثنة) لإحياء حفل هناك وهو بمعنويات محبطة، وبما أن المصائب لا تأتي فرادى كانت تنتظر الموسيقي الشاب هشام الختير مفاجأة أخرى من العيار الثقيل حيث وجد في مكان الحفل الذي كانت تحظره وزيرة الثقافة و شخصيات و مسئولين جزائريين.تفاجأ صديقنا بوجود كل رايات الدول العربية باستثناء راية المغرب و مازاد في مفاجأته هو وجود راية(الجمهورية الصحراوية الوهمية المزعومة)فثارت حفيظة صديقنا العزيز وهو المعروف برزانته محتجا أمام الكل بما فيهم الشاب بلال رغم المحاولات المتتالية لتهدئته من طرف مدير أعمال الشاب بلال الذي ينتمي كذلك لمدينة وجدة،وخاطب الشاب بلال بلهجة وهو في حالة هستيرية هل هكذا يعاملونك في المغرب؟وهل هكذا يعامل الجزائريين بصفة عامة في المغرب. وذكره بالمعاملة المثالية التي يعامل بها الفنانون الجزائريون في مدن المملكة. وذكره كذلك بحدث بارز يعبر عن نضج ورزانة المسئولين المغاربة عندما قام والي اكادير بخياطة علم الجزائر مع علم المغرب بالذهب الخالص وأهداهما للشاب بلال هذا الأخير ظل صامتا ورأسه في الأرض من شدة الحرج و خصوصا عندما رفض هذا الموسيقي البطل الصعود إلى المنصة حتى يرى العلم المغربي يرفرف كبقية الدول الأخرى ،وتحركت الهواتف ودخلت وزيرة الثقافة وهي في شدة الارتباك إلى كواليس الحفل مرغمتا لكي تعتذر للموزع المغربي مبررتا له هذا السلوك بالغير مقصود ولم تقف المضايقات عند هذا الحد حيث تجاهل المخرج التلفزيوني فناننا البطل طيلة فقرات السهرة ولم يظهر على شاشة التلفزة الجزائريةحتى انتهت السهرة فهل سمعتم بهذا من قبل؟! وبعد نهاية السهرة المشئومة توجه الشاب بلال وفرقته إلى مدينة (البليدة) لمواصلة جولتهم الفنية في الجزائر فكانت الصاعقة الكبرى التي لولا ذكاء موزعنا المغربي لما رأيتم الشاب بلال في المغرب بعد تلك السهرة حيث جلس مجموعة من المرتزقة في الصفوف الأمامية للحفل حاملين علم جمهورية الوهم وكان دلك فخا مدبرا للشاب بلال فان هو تسلم العلم فتلك نهاية علاقته بالمغرب و المغاربة و إن رفض فمئاله التنكيل والتخوين. وبذكاء حاد خاطب موزعنا المغربي الشاب بلال وأخبره عن الفخ المدبر له مما جعل من مدير أعمال الشاب بلال أن يطالب تلك المجموعة بالانسحاب لينتهي الأمر على سلام. بعدها خلدوا للراحة لمدة يومين و توجهوا لمدينة (سطيف) وقع ما لم يكن في الحسبان فقد تصادفت جولة الشاب بلال في الجزائر مع وجود صاحب الجلالة بمدينة (الحسيمة) لتفقد الأوراش المفتوحة ومتابعتها،كما تصادف الأمر مع تنظيم فعاليات مهرجان الحسيمة ،هؤلاء وبتوصية من دوائر عليا مقربة من القصر اتصلوا بالشاب بلال لإحياء حفل الاختتام لكن الشاب بلال ومدير أعماله تفاجؤا بالدعوة لأنها تتصادف مع أجندتهم المملوءة والتي لا تسمح لهم بالمجيء إلى الحسيمة ثم العودة لمتابعة الجولة الفنية بالجزائر. قلق الشاب بلال تبدد بسرعة البرق عندما طالبه شخص مقرب من دوائر عليا في الدولة بالموافقة لترسل إليهم طائرة خاصة نقلتهم مباشرة إلى( الحسيمة) ثم أعادتهم فيما بعد إلى الجزائر،وفور وصولهم إلى مدينة (الحسيمة) قام الشاب بلال بحركة تلقائية أصابت الكل بالذهول فقد قبل الأرض المغربية والدموع تنهمر من عينيه لهاته المعاملة المثالية، وهو يقول بصوت عال أتمنى من صاحب الجلالة الملك المغربي أن يتنعم علي بالجنسية المغربية .فظن صديقي أنها لحظة عاطفة ومجرد نزوة لكن الشاب بلال قال له ستريك الأيام ما كنت جاهلا لتصبح النزوة حقيقتا ماثلة أمام الجميع حينما تقدم الشاب بلال بطلب رسمي للحصول على الجنسية المغربية ومن المنتظر أن تشكل هاته الخطوة علامة فارقة لأساطير جنرالات الجزائر ودرسا للمجتمع الدولي ليتيقنوا أن الصراع ليس بين الشعبين الجزائري والمغربي فقضية الصحراء في المغرب هي قضية دولة وشعب فيما تعتبر في الجهة المقبلة قضية جنيرلات مجانين بأحقاد أنستهم حسن الجوار ووحدة الدين والتاريخ واللغة ووقوف المغاربة إلى جانب الجزائريين في محنتهم مع المستعمر. هذا الحدث خلق بلبلة وارتباك كبيرين في صفوف المسئولين الجزائريين نظرا للشعبية الخارقة التي يحظى بها الشاب بلال في الأوساط الجزائرية والعالم العربي بصفة عامة وأوربا وخاصة بفرنسا. وما يخيف السلطات الجزائرية أكثر هوهاته الهجرة الجماعية للفنانين الجزائريين نحو المغرب لعل أولهم الشاب خالد وملكة الراي الحاجة حليمة الزهوانية التي صرحت بأعلى صوتها أنها تعبد المغرب والمغاربة إضافة إلى رضى الطالياني الذي تزوج بمغربية وصرح شخصيا أن الصحراء مغربية ولو منع من الدخول إلى الجزائر نهائيا حيث قام بترحيل والديه للعيش معه بين باريس والدارالبيضاء وكان أخر حفل له في برنامج سهران معاك اليلة بالقناة الثانية .إضافة إلى (محمد لمين) و(الشاب عباس) الذي يقيم في مدينة السعيدية (كادر الجابوني).... للتاريخ فقط لابد من تذكير السلطات الجزائرية أن المغرب ومند زمن طويل ظل القبلة المفضلة والمحببة لمشاهير الفن والسياسة والرياضة والمثقفين وكل من يبحث عن الاستقرار النفسي والروحاني. ولابد هنا من التذكير بأمثلة تبرز بجلاء سحر المغرب الذي يجلب كل مشاهير الفن سواء العرب منهم أو الأجانب فقد اعتبرت سيدة الطرب العربي( أم كلثوم) الحفل الذي أحيته بالرباط بالأروع في حياتها الفنية أما العندليب الأسمر فقد كان يتقن اللهجة المغربية أكثر من المغاربة أنفسهم فلا حاجة للتذكير أن مهرجان موازين صنف بالأحسن عربيا وإفريقيا وبين الثلاث الأوائل في العالم.فهرولة الفنانين الجزائريين نحو المغرب ليست بدافع مادي محض نحن لا ننكر أن الفنان من واجبه أن يؤمن مستقبله في عالم لا يرحم لكن الدافع هو الاستقرار الذي ينعم به المغرب .والمسلسل الديمقراطي الذي تشهده بلادنا وحبهم لملك شاب رفع شعار التنمية بدل تسخير أموال الشعب من اجل التسلح لمحاربة بلد جار فلا غريب عندما قال لي الشاب (فوضيل) أنه يخاطب صاحب الجلالة نصره الله بلفظة سيدنا. إنه العهد الجديد الذي يتمثل في تواضع الحاكم وانكبابه على معالجة مشاكل شعبه، فلا عجب كما قال خالد الناصري الناطق الرسمي باسم الحكومة أنه لو فتحت الحدود بين المغرب والجزائر لوجدت نصف الجزائريين في المغرب. فإلى متى ستظل الجزائر تعاكس منطق التاريخ والجغرافيا فكفانا تضييع الجهد والمال لنضع اليد في اليد من اجل مغرب عربي قوي ومتماسك فان كان لجنرالات الجزائر رأي أخر فمآلهم مزبلة التاريخ. ترقبوا في الأيام القليلة القادمة مقال مطول يشمل دراسة قمت بها تبين تطور أداء الدبلوماسية المغربية وكيف انتقلت من آلية رد الفعل إلى آلية صنع الفعل .استعنت في هذا البحث بأمهات الكتب لفقهاء القانون الدولي والعلاقات الدولية انتظرونا.