تمثل تقنيات الاتصال عبر الأجهزة المحمولة اليوم جزءاً مهماً في رسم ملامح حياتنا وتواصلنا بشكل دائم، وقد ساهم تطور هذه التقنيات في تغيير حياتنا في الماضي، كما يعمل على تغيرها من جديد مع التطورات المنتظرة. وأصبحنا نسمع اليوم عن جيل جديد من تقنيات شبكات الاتصال، بدأت ملامحه ترتسم في الأفق، فقد بدأ مؤخرا السباق على المستوى الوطني لاعتماد الجيل الرابع من طرف الفاعلين المغاربة في مجال الاتصالات، حيث قدم كل فاعل منهم عروضه للحصول على رخصة التشغيل الخاصة به لإدراج هذه الخدمة في شبكته الوطنية. وتعتبر العائدات المباشرة لهذه التراخيص على الخزينة قيمة جدا وفي حدود 2.003.437.000 درهم. ويعتبر بناء الشبكات الجديدة مساهما كبيرا في الاقتصاد لما يتطلبه من استثمارات في التجهيزات تصل قيمتها الى أكثر من 860 مليون درهم وتشغيل يد عاملة مباشرة وغير مباشرة تقدر بالمئات. وبحسب تصريح للوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، فان تكنولوجيا 4G ستضمن مستوى صبيب أعلى مما هو متوافر حاليا بتقنية 3G ، كما ستمكن من تحسين جودة الخدمات بالمغرب وستساهم في تحديث شبكات الاتصالات وتحقيق انسيابيتها.
لكن ما هي أجيال شبكات الاتصالات حتى يومنا هذا وكيف نفهمها بشكل مبسط: – الجيل الأول يعتبر كما يشير اسمه اللبنة الأولى للشبكات كما نعرفها اليوم وهو عبارة عن تقنيات مكنت من إجراء الاتصال باستخدام الهاتف أثناء التنقل بشكل مبدئي. – الجيل الثاني بالإضافة إلى خصائص الجيل الأول مكنت تقنيات الجيل الثاني الشبكات من خدمات جديدة كإرسال الرسائل النصية عبر شبكات المحمول بتحويل البيانات إلى إشارات رقمية. – الجيل الثالث يعتبر الجيل الثالث من التقنيات التي رسمت ملامح العصر التكنولوجي كما نعرفه اليوم. وهي عبارة عن تقنيات سمحت بإرسال واستقبال الاتصالات بالوسائط المتعددة، الصوت والصورة والنص. – الجيل الرابع ركزت تقنيات الجيل الرابع على سرعة البيانات كأهم خصائصها، فمثلا خدمة LTE، التي تعتبر واحدة من تقنيات هذا الجيل تقدم لمستعمليها سرعة بيانات أسرع بثمانية مرات مقارنة مع تقنيات الجيل الثالث. – الجيل الخامس وأخيراً من المتوقع إطلاق الجيل الخامس والذي سيقدم إمكانية تنزيل بيانات بحجم 1 جيجابايت في الثانية الواحدة، وذلك أسرع ب 200 مرة من اتصالات الجيل الرابع. أي أن مستخدمي الأجهزة المحمولة المتصلين بشبكة من الجيل الخامس سيكون بمقدورهم تحميل فيلم كامل في غضون ثانية واحدة. ومن المتوقع طرح شبكات الجيل الخامس تجارياً للمشتركين على المستوى العالمي ابتداءا من سنة 2020، حيث لا تزال شبكات الجيل الخامس مجرد مفهوم تقني في المرحلة الراهنة، لأنه لم يتم الاتفاق على وضع معايير محددة لها حتى اليوم.
مواكبة شبكات الجيلين الرابع والخامس إن أغلب الهواتف الذكية الحالية غير مزودة للاستفادة من منافع تقنية اتصالات الجيلين. وقد بدأت الشركات مثل سامسونج و LG وهواوي ببيع أجهزة جديدة قادرة على التعامل مع الجيل الرابع وبإجراء بعض التجارب على تقنيات الجيل الخامس الجديدة لإخراجها إلى الأسواق. وفي الوقت الذي لا تزال هذه التطورات في مراحلها الأولى، فإن الهواتف الذكية الجديدة ستكون على الأرجح مزودة ببطاريات ذات عمر أطول لتتمكن من تحمل الكم الهائل من البيانات التي سيتم نقلها مستقبلا.
متى سيتم تعميم تقنيات الجيلين الرابع والخامس؟ كما أشرنا سابقا فالمغرب بدأ مؤخرا سباقا لتوفير تكنولوجيا الجيل الرابع في السنوات المقبلة, لكن دول كالمملكة المتحدة قد بدأت بالفعل بتمكين مستخدمي الشبكات من امتيازات الجيل الرابع تدريجيا عبر مراحل جغرافية. واستناداً إلى دورة التطور لدى شبكات الاتصالات، فإنه من المتوقع توفر شبكات الجيل الخامس في عام 2021 تقريبا إلا أن بعض الدول ككوريا الجنوبية قد استثمرت 1.5 مليار دولار في إجراء تحديثات تمكنها من تجربة شبكات الجيل الخامس في عام 2017 على أن يتم تعميها في البلد بحلول 2020. ويرى خبراء آخرون أن تقنية الجيل الخامس لن تصل إلى دول كالولايات المتحدة حتى عام 2018، أو ربما حتى عام 2020. وليس من المرجح أن يتم تقديمها كخدمة قبل عام 2025.
ماذا يعني ذلك بالنسبة للمستخدمين؟ شبكات الجيلين الرابع والخامس ستقدم للمستخدمين تجربة فريدة من نوعها في عالم الاتصال وستسمح بمكالمات وتبادل للمعلومات بطريقة سلسة ومذهلة. وستضع السرعات المذهلة للجيل الخامس حداً للانتظار العقيم والتطبيقات البطيئة. ولاشك بأن العديد منا قد عانى من الاحباط عند إجراء المكالمات عبر السكايب، أو من الانتظار حتى تتم عملية التخزين المؤقت لدى مشاهدة الفيديوهات على اليوتوب، ولكن من المتوقع أن هذه السلبيات ستكون شيئاً من الماضي لدى إطلاق شبكات الجيلين الرابع والخامس.