أصبح الشيخ أبو النعيم حديث وسائل الإعلام، بعد قضية تصريحات الكاتب العام لحزب الاتحاد الاشتراكي و التي وجدت الصدى السيئ من لدن فئات عريضة من المجتمع المغربي، كون القضية أساسا ليست من اختصاص الرجل الحديث عنها لا علما و لا توقيتا، القضية التي تفاعل معها الشيخ أبو النعيم بطريقة الإدانة و التكفير، و هو الأمر الذي لم تستسغه أيضا فئات عديدة من المجتمع و سارعت إلى إدانة فعل التكفير إنصافا و الرجل إجحافا، لكن القضية أخذت بعدا آخر تعدى القضية إلى الإساءة إلى تيار بعينه، فمن جهة أصبح تيار يوصف بمعاداة الإسلام و تيار آخر يوصف بالظلامية و الدعوة إلى القتل و تقسيم المجتمع، و بعد ذلك أصبحت سيرة الشيخ أبو النعيم تلوكها الألسن في كل مكان نخبة و عواما، وهو الذي لم يكن يعرفه إلا خاصة من أهل هذا الوطن ، و فجأة أصبح الكل يعرفه و يدلو بدلوه في سيرته و يدعي انه كان يعرفه منذ الصبا فيتحدث عن سيرته و سريرته. في كلامي هذا ليس حديثي عن الموقف من الرجل أو من خصومه لكن الحديث عن وسائل الإعلام التي اتخذت من الرجل مادة إعلامية تكسب بها جمهورا يعاديه و يبحث عن كل ما يدينه، فأصبح الجمهور كالأحمق الذي يلهث وراء صحافة صفراء تقدم له ما يريد، أو ما يتمنى أن يسمع، من تهم، أو ما يعتبرها تهما، ليس ضد أبو النعيم فقط بل ضد التيار الإسلامي قاطبة. مما قالت به وسائل الإعلام أن الرجل كان بودشيشيا ثم عدليا قبل أن يصبح سلفيا، و كان قبلها شابا متفتحا "ماجنا" لا علاقة له بالشأن الإسلامي أو بالدعوة، لكن الحقيقة كما يسوقها من عرف الرجل منذ طفولته و شبابه، ممن يتفقون معه في شيء و يختلفون معه في أشياء، أن الرجل منذ سن السادسة عشرة كان يتتلمذ على شيوخ السلفية منهم شيخ مشايخها الدكتور محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله. مما يقال أيضا أن الرجل متزوج من ثلاث نساء إحداهن في العشرينيات من عمرها، و الحقيقة التي يذكرها ابنه أن الزوجة الصغرى أبناؤها قد تزوجوا و بلغوا العشرين. مما يقال أن تكفير لشگر دعوة لقتله، و لفهم الموضوع يجب فهم منهج أبو النعيم، الرجل من فكر يؤمن بالدولة القائمة و يحرم الخروج عن ولي الأمر حتى بالمظاهرات، و التكفير الذي ينتج عنه دعوة إلى إقامة حد الردة هو من اختصاص القاضي الشرعي نيابة عن الحاكم و بالتالي فتكفير أبو النعيم للشگر ما هو إلا نعت كما ينعت اليسار الإسلاميين بالظلاميين لا ينتج عنه ما بعده، و أما الجماعات الجهادية فلها شيوخها و مفتوها، و لا تحتاج لأبو النعيم و لا لغيره لفعل ما تقوم به، و لم يحدث أن كان أمثال لشكر من ضمن أجنداتها و لا يظن انه سيصبح، فما هي إلا زوبعة في فنجان المقصود منها أساسا نيل مكاسب سياسية أكثر من أي شيء آخر. هنا الحديث الذي أسوقه ليس دفاعا عن الرجل فله لسان و أتباع يدافعون عنه، لكن حديثي عن وسائل إعلام اختارت نهجا هابطا، و تجارة صفراء أصبحت واضحة، و كان من الأولى محاججة الرجل بما فيه، لا بالأكاذيب و التهم الباطلة التي تعودناها من هذه الصحافة الصفراء التي لا يباع منها حتى ما يكفي لتغطية مصاريفها و لولا الإشهار المشبوه الذي يقيم صلبها لانهارت منذ زمن. إن مستوى النقاش الدائر اليوم ليس من شأنه خدمة قضايا الوطن، بل يلهي عن القضايا الأساسية لصالح الفساد الذي ينخر في جسد الأمة في صمت، و يستفيد من انشغالات وهمية للنخبة التي تجر وراءها العوام إلى الهاوية.