عزالدين لمريني قضت المحكمة الإدارية بوجدة، مؤخرا، بالحكم بأداء الدولة المغربية في شخص كل من الوزير الأول السابق عباس الفاسي ووزارة الصحة في شخص وزيرة الصحة السابقة ياسمينة بادو، بأداء تعويض مادي قدره 80 مليون سنتيم في ملف وفاة الطفلة شيماء كمراني بمستشفى الفارابي بوجدة في 8 يناير 2009، نتيجة الإهمال و التقصير الطبي. و عللت المحكمة الإدارية بوجدة، حكمها القضائي في الملف المذكور بكون مستشفى الفارابي بوجدة من المفروض فيه آن يقدم كامل العلاجات الطبية الضرورية للوافدين عليه من المرضى، وان يوفر جميع الأجهزة لكافة التخصصات، وان يتوفر فضلا عن ذلك، على طاقم طبي متواجد في الأوقات العادية و في أوقات الديمومة.. و في الوقت الذي حاولت فيه إدارة المستشفى تبرير عدم حضور الأطباء المداومين لإنقاذ حياة الطفلة شيماء بأنه كان مرخص لهم في وقت واحد، اعتبرت هيئة المحكمة الإدارية التي كانت تنظر في الملف، بان ذلك يعد خطا جسيما في تسيير مثل هذا النوع من المرافق العمومية التي يستلزم تواجد طبيب الديمومة تحسبا لآي طارئ. و يأتي الحكم القضائي في الملف، بعد الشكاية التي تقدم بها والد الضحية محمد كمراني إلى النيابة العامة بتاريخ 9 يناير 2009، محملا فيها المسؤولية في وفاة طفلته شيماء كمراني، لمستشفى الفارابي بوجدة ووزارة الصحة بسبب الإهمال و غياب الطبيب المختص و عدم تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر، بعد أن حمل طفلته الصغيرة يوم 7 يناير 2009، إلى مستشفى الفارابي بوجدة نتيجة نزيف في انفها حيث وضعت لها ضمادة على مستوى الأنف و غادرت قسم المستعجلات في اتجاه المنزل، إلا انه في حدود التاسعة ليلا من نفس اليوم أصيبت بنزيف ثاني أرجعت معه إلى قسم المستعجلات بعد استشارة طبيبها بالرباط الذي نصح والد المريضة بضرورة تزويدها بالأوكسجين و إدخالها غرفة الإنعاش تحت إشراف طاقم طبي متخصص لتلقي العلاجات الطبية الضروية في مثل هذه الحالات، إلا آن الطبيب المداوم بقسم المستعجلات و رغم وقوفه على حالة الطفلة التي كان قد سبق لها أن أجريت ثلاث عمليات جراحية على مستوى القلب كللت جميعها بالنجاح، رفض تزويدها بالأوكسجين مكتفيا بتغيير الضمادة الأولى و منحها حقنة طبية .. مع تركها ملقاة على كرسي بقسم المستعجلات. و أمام احتجاجات والد الطفلة على تصرفات الأطر الطبية الحاضرة لحظتها أجريت لها بعض التحاليل و تم تزويدها بالسيروم في انتظار التحاق الأطباء المداومين تلك الليلة بكل من جناح طب الأطفال و القلب و الإنعاش، إلا انه رغم ساعات من الانتظار لم يلتحق منهم أي احد رغم الاتصالات التي أجريت معهم. وأمام تدهور الحالة الصحية للمريضة أحيلت على جناح الأطفال ليتم رفضها من طرف الممرضة المداومة بالجناح لخطورة حالتها الصحية و عدم وجود الطبيب المختص المداوم، لتعود أسرة شيماء بها إلى قسم المستعجلات و يتم إحالتها مرة أخرى على جناح القلب و الشرايين الذي رفضت الممرضة المداومة بالجناح استقبالها، مما دفع بالأسرة إلى العودة مرة ثالثة إلى قسم المستعجلات أمام غياب الأطباء المداومين بالأقسام المحالة عليهم، و لينتهي الأمر باستقبال المريضة بجناح القلب أمام الضغوطات التي تعرضت الممرضة المداومة بالجناح بعد تهديد والد شيماء بحمل طفلته إلى مقر ولاية الجهة الشرقية. و بالرغم من الحضور المتأخر لطبيب مختص في القلب و الشرايين و تزويد شيماء بالأوكسجين .. و التحاق طبيب للأطفال كانت قد دخلت في غيبوبة تامة ليتم حملها إلى غرفة العناية المركزة أمام تدهور حالتها الصحية .. إلا آن الطامة الكبرى التي ستفاجأ بها أسرة المريضة هي اكتشافهم لغياب الطبيب المسؤول عن قسم الإنعاش و الذي كان مرخصا له بالغياب رفقة اثنين من زملائه من نفس التخصص. ويشير والد الطفلة شيماء كمراني، انه بعد حضور مدير المستشفى رفقة مرافقين له لإنقاذ الموقف، سمح لزوجته بالبقاء مع طفلته المريضة بغرفة الإنعاش رغم مخالفة ذلك للضوابط و القوانين الطبية، و انه بعد التدهور الخطير الذي عرفته الحالة الصحية لشيماء تم إخبار عائلتها بضرروة حملها إلى الرباط لتلفظ الضحية أنفاسها الأخيرة في حدود الساعة السابعة و الربع مساءا من يوم 8 يناير 2009