قامت لجنة التنسيق من أجل المساواة في مباريات التوظيف العمومي (فرع حاملي الشواهد العليا في القانون العام)، بمراسلة كل من رئاسة الحكومة، واللجنة المكلفة بتتبع ملف التشغيل، و عدة جهات أخرى حكومية لها علاقة بملف التشغيل، عن طريق مذكرة توضيحية رصدت اللجنة من خلالها مجموعة من الإختلالات التي شابت عملية سير مباريات التوظيف بالقطاع العام برسم السنة المالية 2012 و التي حسب المذكرة،"مست جوهر مبدأ المساواة و تكافئ الفرص المنصوص عليهم من خلال مقتضيات الدستور الجديد،...ويتلخص هدا الخرق في إقصاء الحاملين لشهادات عليا في القانون العام (الماستر، الماستر المتخصص، دبلوم الدراسات العليا،...) من إجتياز عدة مباريات لمرافق عمومية يعتبر جوهر نشاطها الإداري، متطابقا مع مجال تكوينهم ...". وإعتبرت المذكرة " أن حق إجتياز المباريات بوضعه الحالي، لا يستقيم و تكريس مبادئ المساواة و تكافؤ الفرص في ولوج الوظائف العمومية الواردة في الدستور (الفصل 31)، وكذا لمبدأ تعميم المباريات المنصوص عليه في النظام الأساسي للوظيفة العمومية (الفصل22)، وكذلك مع التوصيات التي خرجت بها اللجنة الوزارية المكلفة بتتبع ملف التشغيل. وقد جاءت المذكرة في محورين، حيث خصص الأول لتشخيص تفصيلي لما تم رصده من إختلالات مجتملة في خمس أوجه : 1-الإقصاء، 2- غياب تدبير إستراتيجي للمباريات، 3- إختلال فلسفة إلحاق، 4- التراجع عن مد يد المساعدة لفئة المعطلين، 5- تعقيد إجراءات إجتياز مباريات المؤسسات العمومية. أما القسم الثاني فتطرق إلى إقتراح "مجموعة من الحلول المساعدة و القابلة للتحقيق من أجل حل ملموس لهده الثغرات وفق مقاربة تشاركية الرباط، في 21 مارس 2013
من لجنة التنسيق من أجل المساواة في مباريات التوظيف العمومي. فرع: حاملي الشهادات العليا في القانون العام
إلى السيد رئيس الحكومة
الموضوع: مذكرة تشخيص لعملية اجتياز المباريات
سلام تام بوجود مولانا الإمام، و بعد، نتشرف بأن نتقدم إلى سيادتكم المحترمة، بمذكرة توضيحية[1] حول مجموعة من الإختلالات التي شابت عملية سير مباريات التوظيف في القطاع العام برسم السنة المالية 2012. والتي مست جوهر مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص المنصوص عليه من خلال مقتضيات الدستور الجديد. هذا الأخير الذي لا نشك في سعي الحكومة جاهدة إلى تنزيله واقعا وممارسة. ويتلخص هذا الخرق في إقصاء الحاملين لشهادات عليا في القانون العام (الماستر، الماستر المتخصص، دبلوم الدراسات العليا،...) من اجتياز عدة مباريات لمرافق عمومية يعتبر جوهر نشاطها الإداري، متطابقا مع مجال تكوينهم. السيد رئيس الحكومة، إننا لنشعر بالحيف الكبير جراء هذا الإقصاء المجحف لهذه الفئة العريضة من خريجي الجامعات المغربية. هذا في الوقت الذي اعتقدنا فيه أن المباراة الشفافة والنزيهة ستكون بديلا مقبولا لمبدأ التوظيف المباشر. إن حق اجتياز المباريات بوضعه الحالي، لا يستقيم وتكريس مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص في ولوج الوظائف العمومية الواردة في الدستور (الفصل 31)، وكذا لمبدأ تعميم المباريات المنصوص عليه في النظام الأساسي للوظيفة العمومية (الفصل 22). وكذلك مع التوصيات التي خرجت بها اللجنة الوزارية المكلفة بتتبع ملف التشغيل. و تبعا لما سبق نلتمس من سيادتكم، تدارك هذه الأخطاء والثغرات التي شابت المباريات. وفي انتظار إنصاف حقيقي وملموس، تقبلوا السيد رئيس الحكومة أسمى عبارات التقدير والإحترام. والسلام. المذكرة التوضيحية تنبني مذكرتنا التوضيحية حول محورين أساسيين، أولهما ينطلق من محاولة تشخيص واقع المباريات العمومية ورصد مختلف التجاوزات التي دفعتنا لتسليط الضوء حول مشكلتنا، أما ثانيهما فتقوم على إعطاء حلول مساعدة قابلة للتحقيق من أجل حل ملموس لهذه الثغرات وفق مقاربة تشاركية. المحور الأول: تشخيص الواقع: خلال انتظارنا لإعلانات المباريات بالقطاع العام برسم السنة المالية 2012، واجهتنا عدة عراقيل ساهمت في قضائنا لسنة بيضاء على مستوى اجتياز المباريات. ولقد أجملنا هذه العراقيل في خمس، وهي: 1. الإقصاء: لقد تم إقصاؤنا بطريقة غير مفهومة من مباريات وزارات مهمة بالنسبة لتكويننا: * مباراة متصرفي الدرجة الثانية السلم 11 لوزارة المالية: هذه الوزارة التي تعتبر المالية العامة مناط وجودها، في مقابل أن هذه المادة تعتبر قطب الرحى داخل منظومة تكوين أصحاب القانون العام. * مباراة توظيف المنتدبين القضائيين السلم 11 لوزارة العدل: حيث أنه جرى اقصاء أصحاب القانون العام من اجتيازها. وهو مس خطير بالنصوص التنظيمية المنظمة لهذه المباراة، والتي تنص على أحقية الحاصلين على شواهد عليا في العلوم القانونية من إجتيازها، (المادة 24 من المرسوم المنظم لكتابة الضبط). * مباراة كاتب الشؤون الخارجية من الدرجة الثالثة السلم 10 لوزارة الخارجية: وُضع من شروط إجتياز هذه المباراة؛ ضرورة التوفر على شهادة اتقان للغة اجنبية ثانية. وهو ما استقبله خريجو شعبة القانون العام بصدر رحب، نظرا لطبيعة مهام هذه الوزارة المتعلقة بالتعامل مع الدول والمؤسسات الأجنبية. إلا أن ما لم يكن مفهوما هو عملية الإنتقاء التي طالت شواهد اللغات، والتي ركزت على قبول الحاصلين عليها من مدارس البعثات الأجنبية الرسمية. وهو ما يعطي صورة عن الفئة التي كان لها الحظ في اجتياز هذه المباراة، وهي تلك المتوفرة على مستوى مادي جيد، وتلك التي تسكن المدن الكبرى التي تضم هذا الصنف من المدارس. هذا الأمر جعل فئة عريضة من أبناء الوطن تعاني التهميش واللامساواة، وهي تلك التي استطاعت اكتساب اللغة الأجنبية في مراكز تكوين اللغات المتواضعة أو بجهود ذاتية، والمطلوب هنا هو ضرورة تحكيم الوزارة لآلية المباراة كمعيار لتحديد مستوى التمكن من اللغة. * مجمل الوزارات: فعلت فلسفة غريبة في الانتقاء، اتسمت بنوع من عدم المساواة بين طلبة القانون العام، ونجملها في الاتي: o طلب ترشيح دبلومات عليا بعينها عدة مرات وبشكل مبالغ فيه. رغم أن جوهر تكويناتها، ربما شكل فقط إحدى وحدات التكوين في القانون العام، كطلب ماستر في الصفقات العمومية أو الموارد البشرية حيث لا تعدو هذه الأخيرة، أن تكون واحدة من كثير من المواد التي تلقنها الطالب في القانون العام (قانونا وممارسة). o تغييب فكرة طلب بعض أهم الوثائق المساهمة في فهم أكبر لتجربة الطالب وأحقيته في المنصب المتبارى من أجله، كالسيرة الذاتية وبيان النقط للتعرف على مجمل مراحل التكوين بالماستر. o تأجيل مباريات دون تعليل (مباراة متصرفي المجلس الأعلى للحسابات، مباراة الولوج للمعهد العالي للإدارة).
2. غياب التدبير الإستراتيجي للمباريات: ويتجلى ذلك جليا، في: * غياب قاعدة بيانات Base de données وطنية مشتركة بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر والوزارة المنتدبة لدى رئاسة الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، من أجل تدبير محكم لمجمل المباريات في القطاع العام. * تركيز جميع المباريات العليا في عاصمة المملكة الرباط، وهو ما يشكل عبئا مضافا على عوائل الطلبة الممتحنيين المنحدرين من المناطق النائية، والذين يكفيهم ما عانوه من مشقة في توفير مناخ ملائم للتحصيل العلمي لأبنائهم رغم قلة ذات اليد، ومن أهم مشاكل اجراء المباريات بالعاصمة نرصد: (التنقل وما يصاحبه من مصاريف، الإقامة الممتدة لأيام قبل وبعد المبارات، التغذية، التشتت الذهني الناتج عن السفر الطويل....)، وهذا ما يحيلنا إلى غياب سياسة عمومية جهوية في مجال التوظيف. · عدم الإهتمام والإكتراث بمراسلتنا السابقة، الموضوعة بكل من رئاسة الحكومة ووزارة العدل. بخصوص اقصائنا من اجتياز مباراة توظيف المنتدبين القضائيين من الدرجة الثانية. وهو ماشكل في نظرنا كقانونيين، بادرة خطيرة لترسيخ عرف جديد يتمثل في خرق النصوص القانونية والتنظيمية دون اعطاء تبريرات قانونية مقنعة. ولن نصاب بالذهول، في حالات اخرى يتم فيها التعسف في عدم الإمتثال للقواعد القانونية والتنظيمية للمملكة المغربية، وهو ما سيضر لا محالة بسيرورة بناء دولة الحق والقانون. إلا أن ذهولنا تحول إلى صدمة عند صدور نتائج الإختبارات الكتابية، وإكتشافنا لأسماء ممتحنين حاصلين على شواهد عليا في القانون العام.
3. الإلحاق: لا شك أن مبدأ الإلحاق مبدأ قانوني، تقوم فلسفته على محاولة خلق نوع من التوازن في توزيع الكفاءات بين الإدارات العمومية. إلا أن ما يميز عملية الإلحاق لسنة 2012، أنها انصبت على مناصب مالية معدة للتباري وفق جدول المباريات المعلن عنه في بداية السنة، ونذكر هنا: مباريات البرلمان (مجلس النواب) حيث أنها كانت مناسبة لتغليب الولاء الحزبي على المصلحة الوطنية، وهو ما شكل بادرة سيئة لظهور ريع من نوع آخر هو الريع الحزبي، فكل الذين استفادوا من عملية الإلحاق هم في الأصل ذو انتماءات حزبية. فهل من ليس له ولاءات حزبية ممنوع من أن يعيش مواطنته بشكل كامل؟ وإلى متى ستبقى أبواب المؤسسة التشريعية مغلقة في وجه الكفاءات والأطر الشابة غير المنتمية لأي حزب؟
4. تراجعات: لقد سبق للسيد رئيس الحكومة، أن وعد بمد يد المساعدة لفئة العاطليين من أبناء الوطن، وذلك بمناسبة تقديمه للتصريح الحكومي. إلا أن ذلك لم يظهر له أثر على أرض الواقع. خصوصا أن السيد رئيس الحكومة، وعد بالمساهمة في تمكين الطلبة الباحثين من مصروف يمكنهم من التغلب على المشاكل المادية حين إعداد ملفات التقدم للمباريات. هذا إضافة إلى غياب التغطية الصحية الخاصة بفئة العاطلين، وهم الذين يتعرضون أكثر من غيرهم من فئات المجتمع لضغوط نفسية وعضوية، تؤثر لا محال على صحتهم العامة والتي هي من اختصاص الحكومة.
5. المؤسسات العمومية: نلاحظ الغياب التام لإعلانات مباريات التوظيف في المؤسسات العمومية. وحتى إن تم الإعلان عنها، تكون بمواصفات تعجيزية، كاشتراط حصول المتقدم للوظيفة على تجربة، قد تصل في بعض الأحيان إلى 8 سنوات. مما يعطي الإنطباع لدى المتتبع، بأن هذه المباريات وضعت على المقاس لأشخاص محددين. هذا إضافة إلى غياب الإعلان عن وظائف هيئات الحكامة المنصوص عليها في الدستور.
المحور الثاني: حلول مقترحة: تنطلق حلولنا من أسس واقعية قابلة للتطبيق، وهي كالتالي: * التطبيق السليم والمسؤول للنصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بأحقية أصحاب الشواهد العليا في القانون العام من الولوج الى درجة متصرف من الدرجة الثانية، في تساو تام مع أقرانهم من حملة دبلومات عليا في القانون الخاص أو الاقتصاد. ومن هذا المنطلق نطالب الحكومة بتفعيل مقتضيات الدستور الجديد للمملكة في هذا الباب، خصوصا الفصل 89 الذي ينص: ' ... تعمل الحكومة، تحت سلطة رئيسها، على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين. والإدارة موضوعة تحت تصرفها، كما تمارس الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية'؛ * ضرورة تأسيس مركز وطني لتنظيم مباريات التوظيف العمومي، يتمتع بالاستقلال المادي والمعنوي، ويضم في عضويته خبراء متخصصين في عملية التوظيف في كافة التخصصات المطلوبة بالنسبة للقطاعات العمومية، وفق ملف وصفي وظيفي محدد يتم التقدم به للمركز، وذلك محاكاة للتجربة الفرنسية والكندية؛ * وضع جدولة زمنية للتباري حول المناصب المالية لسنة 2013؛ * ضرورة الإعلان عن المناصب الشاغرة بفعل عملية الإلحاق، وذلك بهدف إعلام الرأي العام، بمدى مساهمة هذه التقنية في توزيع الكفاءات على مجمل الإدارات العمومية، مع عدم الإضرار بسير عمل الإدارة الأصلية للمستفيد من الإلحاق. * ضرورة إرفاق الإعلانات الخاصة بجميع الوظائف، بوصف وظيفي يبين بجلاء المهام التي سيشغلها والمسؤوليات التي سيتحملها المترشح بعد نجاحه في المباراة؛ * تعليل سبب اقتصار المباراة على تخصص معين دون آخر قريب منه؛ * ذكر المعايير التي سيتم اعتمادها في عملية الإنتقاء الأولي المتعلقة بإجراء المباريات الكتابية أي ذكر أسباب قبول الملف هذا المترشح ورفض ملف آخر؛ * مراجعة الإجراءات الإعدادية للمباريات، من قبيل: السهر على وصول الإستدعاءات في أوقاتها للممتحنيين؛ * الإعلان عن نقط الطلبة المتفوقين في مرحلة الإختبار الكتابي خلال كل مباراة والمتأهلين للإختبار الشفوي، وكذا الناجحين بصفة نهائية، لتتضح الرؤية أمام الطالب حول مدى ملاءمة نقطه مع سيرورة اجتيازه للمباراة؛ * توحيد لجان الشفوي داخل المباريات وجعلها لجنة واحدة، فلقد أثبتت التجربة التفاوت الكبير في طريقة تعامل كل لجنة مع الطلبة الممتحنين ضمنها، سواء على مستوى الأسئلة المطروحة أو على مستوى التنقيط؛
وفي الختام، لا تعدو هذه المذكرة أن تكون ندرا قليلا من الملاحظات بهدف رصد الثغرات والخروقات التي شابت عملية التوظيف في القطاع العام برسم السنة المالية 2012. هذا وأملنا كبير في أن تفتح هذه المذكرة باب الحوار مع الجهات المسؤولة، من أجل تعميق النقاش والخروج بحلول كفيلة بإنصاف حاملي الشواهد العليا في القانون العام من خريجي الجامعات المغربية.
إن هذه اللجنة مفتوحة في وجه كافة خريجي الدراسات العليا في القانون العام، بكافة ربوع المملكة المغربية. وعلى الخصوص أولئك المقتنعين بنجاعة التوظيف عن طريق المباريات، في تزويد الإدارة العمومية، بالكفاءات والنخب القادرة على بناء مغرب الغد.
عن لجنة التنسيق من أجل المساواة في مباريات التوظيف العمومي، فرع حاملي الشهادات العليا في القانون العام.