ثامر الحجامي ما إن أوشكت أن تنتهي الحرب مع داعش وحكايته الأسطورية، في رسم معالم شرق أوسط جديد يقوم على التقسيم الطائفي والعرقي، دفع العراقيون خلالها الكثير من الدماء والأموال، حتى جاءت أزمة شمال العراق وإعلان رئيسه (غير الشرعي) مسعود البرزاني، الاستفتاء على الانفصال عن العراق. تصور الداعون الى الانفصال إنهم سيحققون غايتهم، في الضغط على الحكومة الاتحادية وتحقيق ما يطمحون له، من السيطرة على الثروات النفطية، والأراضي التي أضيفت الى الإقليم التي تم السيطرة عليها بعد عام 2014، وإن الأزمة تسير باتجاه ما خطط لها، من تحقيق دولة كردية في شمال العراق مستندة على الدعم الإسرائيلي، على الرغم من الرفض العالمي والإقليمي لإنشاء دولة عرقية، في الظروف الراهنة التي يشهد فيها العالم أزمات متعددة، ولكن هكذا رسمت الأيادي الخبيثة، لأزمة جديدة بعد اندحار داعش. لم يكن أحد يتصور، أن يكون موقف الحكومة العراقية بهذه الصرامة والشدة، في تعاملها مع نتائج الاستفتاء ودعوات الإنفصال، خاصة وإنها مازالت تحارب داعش على حدود الإقليم، والمعاناة الاقتصادية التي ترتبت على هذه الحرب، وضبابية موقف المكون السني الشريك الثالث في العملية السياسية، والهدوء الإعلامي (المقصود) الذي كانت تتعامل به الحكومة الاتحادية مع الأزمة، رغم أن رئيس التحالف الوطني السيد عمار الحكيم أكد عدم دستورية الاستفتاء، وإن مصير مسعود البرزاني إذا ما أصر عليه سيكون كمصير صدام حسين، وهي رسالة واضحة إن الرد سيكون مدويا. وهكذا تحركت القوات الحكومية باتجاه كركوك، لتطبيق القانون وتصحيح المسارات غير الدستورية وغير القانونية، التي تم انتهاكها من قبل مسعود البرزاني وأتباعه، ولإنهاء سياسة فرض الأمر الواقع التي تعاملت بها القيادات الانفصالية، مستغلة ظروف محاربة داعش، فكانت استعادة كركوك بلمح البصر وفرض هيبة الدول وسيطرتها على المناطق المتنازع عليها، بالتعاون مع الأكراد الرافضين للانفصال وسياسات البرزاني في الإقليم، والدعم الدولي والإقليمي الذي حضيت به الحكومة، في تعاملها المتزن مع هذه الأزمة . لكننا نلاحظ إن الأزمة هذه، ألقت بتداعياتها على العلاقة بين الأطراف الكوردية، متمثلة بالحزب الديمقراطي التابع لمسعود البرزاني، وبين الاتحاد الكوردستاني الذي تقوده عائلة الرئيس الراحل جلال طالباني، الرافض للإستفتاء وعنجهية مسعود في إدارة الإقليم، مما ينبئ بخلاف شديد بين الأطراف هذه، كانت بدايته الاتهامات بالتخوين وربما تكون نهايته الإعلان عن إقليم السليمانية، إذا ما تمت الموافقة على استحداث محافظة حلبجه، كهدية من الحكومة الاتحادية لحزب الاتحاد الكوردستاني، على وقوفه مع الحكومة وتعاونه على تطبيق القانون والدستور. هذه الخطوة المهمة ستسهم في إضعاف هيمنة مسعود على شمال العراق، وحرمانه من التحكم فيه وتحجيمه في إقليم صغير، وتخليص الكورد من حكم المنهج الواحد الذي سيطر على ثروات الإقليم ومقدراته طيلة الفترة الماضية، وبالتأكيد فإن هذا ما يسعى له الاتحاد الوطني الكردستاني، وما سترغب قيه الحكومة الاتحادية في التعامل مع رؤوس متعددة من القيادات الكوردية، ويبدو إننا لن نشهد في الفترة القادمة عراقا مقسما، ولكن ربما نرى إقليما ثالثا.