خلافات بين القيادات المركزية والجهوية للجماعة وتقدم سن زعيمها وراء الانخراط في الحركات الاحتجاجية كشف تقرير أمني، أخيرا، دوافع انخراط جماعة العدل والإحسان في الحركات الاحتجاجية الأخيرة، سيما أن الجماعة «لم يسبق لها أن تعاطت مع حركات الاحتجاج في الشارع العام أو راهنت على أحداث وطنية أو إقليمية أو دولية بالشكل الذي تتعاطى معه اليوم". ولم تخف تقارير متعددة، بناء على معطيات من مقربين من الجماعة التي يقودها عبد السلام ياسين، أن الأخيرة تعيش ململة داخلية، وتتقمص أحيانا صورة خلافات بين القيادات المركزية والجهوية للجماعة، كما تنعكس على تماسك القاعدة الصلبة للجماعة. وحسب المصادر ذاتها فإن أسباب هذا التململ الداخلي بجماعة العدل والإحسان ترجع إلى الطابع الضبابي الذي يطبع تصور الجماعة لمستقبل المغرب، في ضوء استحضار مبادئ التغيير عند عبد السلام ياسين من جهة، ومقارنة تلك المبادئ مع حركية التغيير السياسي المسجلة في بعض الدول العربية من جهة أخرى. وحفاظا على وحدة الجماعة، حسب المصادر نفسها، فإن قيادات "العدل والإحسان" تجتهد وبشكل غير معهود، في تسويق خطاب داخلي يفيد بأن ما يتم تسجيله في الشارع المغربي من وقفات احتجاجية بمثابة المقدمات العملية "للقومة" بالمغرب، كما بشر بها عبد السلام ياسين في كتاباته المؤسسة لفكر الجماعة وثقافتها السياسية. وأفادت المصادر ذاتها، أن تقدم مرشد "العدل والإحسان" في السن أولا، وتأخر بشارته (القومة) في التحقق ثانيا، وغياب الإشارة أدبيا وفكريا إلى زمن القومة ثالثا، وعدم الحسم في مسألة خلافة المرشد رابعا، هي بمثابة معطيات ضغطت بشدة على قيادات الجماعة في اتجاه تسويق خطاب التبشير بالقومة. ومن المنتظر أن تستمر "العدل والإحسان" في المراهنة على التأجيج والخروج إلى الشارع، كما ستجتهد بوسائلها الخاصة في "تحريض" الشباب والمواطنين على المشاركة في الاحتجاجات يوم الأحد المقبل (20 مارس الجاري)، حسب التقارير نفسها. وزاد التعامل الحضاري وضبط النفس الذي أبانته قوات الأمن، حسب واضعي التقرير، خلال تظاهرت 20 فبراير حماس وعزيمة جماعة ياسين لاحتلال الشارع، مما دفع عددا من المواطنين إلى انتقاد غياب الأمن، وفسح المجال أمام أعمال شغب يذهب ضحيتها مواطنون أبرياء وممتلكاتهم كما حدث في العرائش وطنجة. وأوضحت المصادر ذاتها أن مخطط الجماعة، التي اختارت المواجهة شعارا للمرحلة، سوف يجد صعوبة في التطبيق خلال الأيام المقبلة، إذ أن تدخل الأمن الأحد الماضي لتفريق تظاهرة العدليين ينبئ بعزيمة الدولة على عدم ترك الشارع العام لأتباع ياسين ومن يرافقهم من مشاغبين، على حد قولهم. في السياق نفسه، نفى فتح الله أرسلان، الناطق الرسمي باسم جماعة "العدل والإحسان"، في تصريحات صحافية، اتهام السلطات لجماعته بالوقوف وراء أحداث خريبكة والدار البيضاء، معتبرا ذلك ينم عن «ارتباك الدولة وفشلها في حل مشاكل المواطنين». خالد العطاوي