فوجئت السيدة «ز . س» باقتحام ملكيتها الخاصة من طرف السلطة المحلية، معززة بفريق من القوة المساعدة، وطاقم مهم من شركة SGTM التي رسا عليها مشروع إقامة أنابيب لتصريف مياه وادي ليهود بمدينة طنجة. القادمون قاموا بهدم سياج ملك خاص وشرعوا في الحفر داخل حديقة المنزل، وعرضوا حراس وعمال المالكة، الذين حاولوا منعهم من الدخول، للضرب والجرح والتهديد بالزج بهم في السجن. ولخصت المتضررة المذكورة اعلاه، مالكة الرسم العقاري عدد G/14410 المسمى "حاجي"، في رسالة رفعتها بتاريخ 13 أكتوبر الجاري إلى والي ولاية جهة طنجة تطوان أهم ما عانته من تعسف، مؤكدة بأن ملكها تعرض يوم 8 أكتوبر إلى اعتداء بحضور ممثلين عن السلطة المحلية الذين أمروا ممثلي شركة SGTM وعمالها، مستعينين بالقوة المساعدة، بتكسير السياج بواسطة آلات الهدم والقيام بحفر داخل حديقة المنزل، علما بأنهم لا يتوفرون على أية وثيقة قانونية تخول لهم حق انتهاك حرمة الملك الخاص، واكتفوا بالاستناد على أن تمرير أنانيب مياه الصرف داخل ملك المتضررة، سيجعل المشروع يعود بأقل تكلفة، دون تحديد من سيستفيد من فارق تكلفة الإنجاز، وعواقب تغيير المشروع المقدم لجلالة الملك يوم 26 غشت 2008 على مستقبل المنطقة ككل. ولاحظت المتضررة أنه لولا تدخل السيد الكاتب العام للولاية لإيقاف الأشغال، لتم نزع جزء من ملكيتها بما يتراوح بين 12 و 15 مترا، والأدهى من ذلك هو أن المشروع المقدم لا يتضمن ذلك، كما أن السلطة المحلية لم تخطط من قبل للقيام بأشغال الحفر في الملك الخاص بدليل أنها لم تقم بسلك مسطرة نزع الملكية الخاصة من أجل المنفعة العامة. فالعقار موضع النزاع هذا يطل على البحر ويوجد في منطقة مخصصة للاستثمار السياحي، حسب ماجاء في مخطط التهيئة الذي رسم الأهداف المستقبلية لهذه المنطقة، باعتبارها منطقة سياحية يمكن استغلالها لإقامة مشاريع تجارية وسياحية، تستقطب كبريات الماركات التجارية وتؤمن للسياح الوافدين عبر المراكب البحرية الخاصة، التسوق في ظروف مريحة والاستمتاع بجمالية الموقع التي قل نظيرها على الصعيد الدولي. ولهذا الغرض، فإن واضعي الدراسة درسوا كل الاحتمالات، وسجلوا إيجابيات وسلبيات كل احتمال، واختاروا المشروع الداعي إلى الحفر تحت الطريق الذي تم ترصيف جوانبه مؤخراً وعمدوا إلى أن يتم صرف المياه عبر أربعة أنابيب يصل قطر كل منها إلى ثلاثة أمتار، كما عمدوا إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة عند ملتقى الأنابيب مع مياه البحر حتى لا تتكرر حالة الفيضانات التي عانى منها سكان المنطقة في السنة الماضية. ولتحقيق الغاية من المشروع، اختار معدوه الصيغة الأكثر كلفة، إيماناً منهم بأن مصاريف المياه القديمة أصبحت غير صالحة للاستعمال وتقتضي الضرورة استبدالها بمصاريف قادرة على تحمل قدرة التجهيزات المزمع إنشاؤها فوقها، والتي هي عبارة عن طريق معبأ لنقل الشاحنات والسيارات يربط بين الميناء القديم والطريق السيار، إلا أن منفذي المشروع عمدوا إلى إزاحته عن موقعه الحقيقي والالتجاء إلى الترامي على ملك الغير، غير عابئين بتبعات انهيار طريق سيشيد على تجهيزات هشة قديمة همهم الوحيد مراعاة جانب التكلفة على غيره. وبعد تورطهم في استعمال القوة العمومية يوم 8 أكتوبر 2009 بدون سند قانوني، بدأوا يتذرعون بمبررات واهية مع تهديد مالكة العقار بالحرمان من استغلاله في مشروع استثماري تارة بدعوى أن الأمر يتعلق بملك بحري، وكأن من حق الخواص أن يكونوا ملاكين للملك البحري، وتارة بدعوى أن العقار يقع في منطقة غير صالحة للبناء علماً بأن التصاميم الطوبوغرافية للمنطقة لا تنص على ذلك، بل إنهم وبعد استقدام المصالح الطوبوغرافية إلى عين المكان وثبوت حجية الوثائق المدلى بها من طرف المتضررة ذهبوا إلى حد القول أن الفيضانات الأخيرة غيرت الحدود الأصلية للعقار، علماً بأن المسؤولية تفرض على المشرفين على المصالح التقنية أن يكونوا هم حماة المتضررين وهم الأكثر دراية بأن الحدود الطوبوغرافية لأي عقار لا تتغير عبر السنين. لقد كانت مدينة طنجة منذ أكثر من عشر سنوات مسرحاً لتنفيذ عدة مشاريع، وهذا ما مكنها من التوفر على بنيات تحتية أهلتها لاستقبال استثمارات في مختلف القطاعات، وأمنت لها فرصة جلب المزيد من السياح وخلق المزيد من مناصب الشغل. وإذا كان واضعو دراسة مشروع إنجاز مصب وادي ليهود قد استحضروا الآفاق المستقبلية لمدينة طنجة، وفضلوا تحمل المزيد من النفقات على تحمل تبعات أي انهيار محتمل للبنيات التحتية، فإن المشرفين على تنفيذ المشروع مطالبون بالحرص على التعامل مع مختلف الملفات من منطلق أن المغرب دولة الحق والقانون، وأن الممارسات القائمة على منطق الشطط في استعمال السلطة تشوه سمعة المغرب في المحافل الدولية، وتحد من قدراته على جلب الاستثمار.