ارتفع الرقم الاستدلالي لكلفة المعيشة خلال شتنبر الماضي ب 1.9% مقارنة مع غشت، وذلك بفعل الارتفاع الحاد الذي عرفته أسعار المواد الغذائية التي سجل مؤشرها العام زيادة ب4%. وحطمت أسعار الخضر الطرية رقما قياسيا في الزيادة، مسجلة 27.9% كما أن أسعار الفواكه الطازجة ازدادت بدورها بمعدل 19.8%، كما طالت الزيادة أسعار السمك الطري 3.6% والحليب ومشتقاته والبيض، فيما تراجعت أسعار اللحوم بشكل طفيف 0.9% ومعها القطاني 0.6 % أما بالنسبة للرقم الاستدلالي لكلفة المعيشة عموما خلال الشهور التسعة الأولى من هذه السنة، حسبما وصلنا من المندوبية السامية للتخطيط، فقد شهد هو الآخر ارتفاعا واضحا يفوق 1.9% ، مقارنة مع العام الماضي، حيث ارتفعت كلفة المواد الغذائية ب4% ، بالرغم من كون الموسم الفلاحي اعتبر جيدا بالنظر الى سابقه، حيث لم يمنع ارتفاع المنتوج الفلاحي للعديد من أنواع الخضر الطرية والفواكه الطازجة من تراجع الأسعار أو استقرارها على الأقل خلال الشهور التي أعقبت مواسم الجني، بل على العكس من ذلك اشتعلت بشكل جلي أسعار الخضر بجميع أشكالها، وظلت مرتفعة بشكل مستمر طوال الشهور التسعة من السنة. أحد المراقبين أكد لنا أنه لم يكن هناك أي انعكاس مباشر لارتفاع المحاصيل الزراعية، وخصوصا الخضر والفواكه واللحوم، على جيوب المواطنين، وذلك لمجموعة من العوامل المرتبطة أساسا بالميكانيزمات التي تتحكم في السوق الداخلي، حيث يتأخر وصول بعض المواد الى الأسواق في الوقت الذي يكثر عليها الإقبال من طرف المستهلكين، كما هو الشأن بالنسبة للطماطم أو البطاطس مثلا. وعزا مصدرنا هذا التأخر إما للعامل المناخي، حيث يتأخر الجني أحيانا، أو لعامل التصدير حيث يفضل بعض المنتجين التعامل مع الأسواق الخارجية أولا، قبل تلبية الطلب الداخلي، ثم يأتي عامل المضاربة الذي يلعب دورا حاسما في ارتفاع أثمان الخضر عند البيع مقسطة بأضعاف السعر الذي بيعت به في المزرعة، وذلك بسبب كثرة السماسرة واللجوء الى الاحتكار والتخزين في الثلاجات حتى تندلع الأسعار التي يلتهب بها المواطنون البسطاء في المقام الاول. والحالة هذه، فإن السماسرة والمضاربين هم من يغتنون بهذه الزيادات بدل الفلاحين والمنتجين. وهنا، يتساءل مخاطبنا عن دور الدولة في المراقبة ومحاربة هذه الممارسات.