أكد المشاركون في أشغال الندوة الدولية المنظمة بالرباط حول «انعكاسات الأزمات الاقتصادية على الهجرة»، أن الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة أثرت بشكل كبير على تحويلات المهاجرين نحو بلدانهم الاصلية. وأشاروا، خلال الندوة التي نظمت على مدى يومين، إلى أن تحويلات المهاجرين تجاه الدول النامية ارتفعت بمعدل سنوي بلغ 15 بالمائة ما بين1997 و2007، مبرزين أن البنك الدولي يتوقع انخفاضا في هذه التحويلات من 308 إلى290 مليار دولار خلال السنة الحالية. واعتبر المتدخلون أن تحويلات المهاجرين المقيمين في إسبانيا عرفت تقلصا حادا بالموازاة مع تسجيل ارتفاع في معدل البطالة، حيث تراجعت هذه التحويلات خلال2008 بـ605 ملايين يورو، أي ما يمثل 7.1 بالمائة. وسجلوا، في هذا الاطار، أن تقلص تحويلات المهاجرين راجع بالأساس إلى ارتفاع معدلات البطالة التي يتحمل وطأتها المهاجرون أكثر من غيرهم، مشيرين إلى أن البطالة في اسبانيا ضربت قطاع البناء الذي يشغل عددا كبيرا من المهاجرين، معظمهم من أفراد الجالية المغربية. وأبرز المشاركون أن تقلص قيمة تحويلات المهاجرين يعد من بين العوامل المساهمة في نقل الأزمة إلى البلدان النامية، التي تعتمد اقتصادياتها على عائدات عمالها في المهجر، مضيفين أن هذه التحويلات ستتواصل على الرغم من تداعيات الأزمة، نظرا للروابط الاجتماعية التي تصل المهاجرين ببلدهم الأم. وعلى صعيد آخر، اعتبر المتدخلون أنه على الرغم من الانعكاسات السلبية للأزمة فإن الطلب على اليد العاملة يبقى حاضرا، داعين، في هذا الاطار، إلى تشجيع اندماج المهاجرين في دول الاستقبال، من خلال تسهيل ولوجهم إلى الخدمات الاجتماعية والتربوية والصحية. وكانت الجلسة الافتتاحية قد تميزت، بالإضافة الى كلمة الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج محمد عامر الذي قال إن الأزمة الاقتصادية الحالية، مهما بلغت حدتها، لا يجب أن تكون مبررا لاعتبار الهجرة كمشكل متفرع عنها، بل كواحد من الحلول الممكنة للخروج منها، بمداخلة لمدير العام للمنظمة الدولية للهجرات ويليام لاسي سوينغ الذي أكد أن سياسات الانغلاق على الهوية وإغلاق أسواق الشغل والحدود، التي انتهجتها العديد من البلدان في مواجهة انعكاسات الأزمة الاقتصادية تدعو «للأسف»، لأنها تساهم في تعزيز بعض الأفكار المسبقة عن المهاجرين وتغذي الكراهية داخل بلدان الاستقبال، موضحا أن هذه السياسات أدت أيضا إلى تراجع تحويلات الأموال من قبل المهاجرين نحو بلدانهم الأصلية. وأبرز سوينغ أن البنك الدولي يتوقع انخفاض هذه التحويلات بنسبة 7.3 في المائة في 2009، بعد أن كانت قد بلغت 328 مليار دولار سنة2008 . كما أعرب عن أسفه إزاء تعرض المهاجرين الأقل تأهيلا باستمرار للإقصاء من سوق الشغل واعتبارهم في أحسن الظروف مجرد خزان لليد العاملة قابل للاستغلال والتوظيف أو الطرد حسب الظرفية الاقتصادية الوطنية. وذكر بأن المهاجرين يضطلعون بدور حاسم في محاربة الفقر، من خلال تحويلات أموالهم التي تساهم في تلبية الحاجيات الأساسية لعدد كبير من الأسر على مستوى التغذية والسكن والصحة والتعليم. ودعا سوينغ أيضا الحكومات إلى أن تعي الدور الإيجابي الذي يمكن أن يقوم به المهاجرون في النمو والانتعاش الاقتصادي، عوض الحد من ولوجهم لسوق الشغل أو إغلاق الحدود أمامهم خلال فترة الأزمة الاقتصادية. واعتبر أنه من الأساسي محاربة «المتاجرة» في المهاجرين بوضع حقوقهم في صلب جميع سياسات الهجرة، لأنها «ضرورية لجعل الهجرة تساهم بشكل إيجابي في تنمية الأفراد سواء في البلدان الأصلية أو بلدان الاستقبال». من جانبه، تطرق والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري إلى انعكاسات الأزمة المالية على مساهمة المغاربة المقيمين بالخارج في الاقتصاد الوطني، مذكرا بالإجراءات التي اتخذتها المملكة لمساعدة هذه الفئة على مواجهة آثار الأزمة. وذكر في هذا السياق بإحداث صندوق لمساعدة الاستثمار لتحفيز المغاربة المقيمين بالخارج على المزيد من الاستثمار في بلدهم الأم، إلى جانب توسيع ضمان السكن ليشمل هذه الفئة لتمكينها من اقتناء أو بناء مسكن مع تسهيلات في القرض. وأضاف أن الأبناك المغربية قررت، لإنعاش تحويلات أموال المهاجرين، إلغاء الاقتطاعات المفروضة على هذه التحويلات وإعادة جدولة ديونهم. يشار إلى أن الندوة نظمت من طرف الوزارة المنتدبة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج والمنظمة الدولية للهجرات بشراكة مع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون ووزارة الشؤون الاقتصادية والعامة، ومجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج وبرنامج الأممالمتحدة للتنمية. وقد شارك في هذا اللقاء خبراء وشخصيات سياسية تمثل نحو عشرين دولة لمناقشة قضايا ذات صلة بالهجرة و الأزمة الاقتصادية العالمية.