يعتبر عباس كياروستامي، أحد مخرجي الأفلام الايرانية الشهيرة، ومن الفنانين القلائل الذين بقوا في إيران بعد قيام الثورة الإسلامية عام 1979في الوقت الذي هرب فيه الآخرون إلى الخارج. إن كياروستامي، استطاع ابتكار فن سينمائي مقتصد في الوسائل المستعملة وفي الكلمات .. فن يعبر عن شعور إنساني. أما هو، فيرى «أن الكذب هو الطريق الأقصر المؤدية إلى الحقيقة» ، و«أن الفن السينمائي ما هو إلا قصص خيالية، تم ابتكارها لخدمة وتلبية رغبة المتفرج». يعد عباس كياروستامي، مثالا للمثابرة من أجل بلوغ النجاح ولأن الحظ لم يكن حليفه في أول وهلة، فقد إلتحق بمدرسة الفن الغرافيكي بعد عدة محاولات. واقتنع من خلال هذه التجربة أن «الفن الغرافيكي يُعتبر أمّ كل الفنون لما يفرضه من تحديدات». فقد طور عباس كياروستامي اهتمامه بالتصوير الفوتوغرافي منذ السبعينيات من خلال اكتشافاته لبعض المواقع في الريف الإيراني ، لكن تلك الأعمال لم تعرض إلا مع التسعينيات .. هكذا، ساهمت مبيعاتها العالمية، في دعم أفلامه، حيث يقول «إنني أصور مواضيع الحياة العادية في جو الطبيعة، والتي يعتبرها بعض الناس غير سينمائية. لكن ما أريد عرضه هو الطبيعة نفسها كحقيقة للحياة وأتفادى تصوير الأجساد البشرية جهد الإمكان في التصوير الفوتوغرافي. وأعتبرها وسطا أصفى من السينما، فلحظة التصوير تمثل إحدى الحقائق الشخصية، وليست هي قصة الصورة لأنني أشعر أن هناك شيئا ما في الطبيعة أريد الإمساك به وهي تلك اللحظة التي أعرضها في تصويري». أيضا، كيروستامي، كاتب نصوص سينمائية وشاعر، ففي فيلمه «شيرين» المأخوذ عن نص مسرحي كتبه بنفسه على طقوس التعزية الحسينية لدى الإيرانيين في الريف عن ذكرى استشهاد الإمام الحسين، في هذا السياق، يقول كياروستامي «إن جمال الفن يكمن في رد الفعل الذي يسببه» . ازداد عباس كياروستامي بإيران سنة 1940 ، حيث درس الفنون الجميلة قبل أن يشتغل في مجالات الإشهار وجينيرك الأفلام. وأسس كياروستامي سنة 1969 بإيران قسم السينما بمعهد التطور الفكري للاطفال والشباب الذي أنتج العديد من الأفلام الإيرانية. وقام كياروستامي بإخراج أفلام قصيرة أبرزها «الخبز والممر» قبل أن يوقع أول شريط طويل له سنة 1974 «المسافر» الذي يتناول أحد المواضيع المفضلة لديه ألا وهي الطفولة، تلته أفلام أخرى مثل «التقرير» والشريط الوثائقي «تلاميذ الدرس التحضيري» وبعد ذلك فيلما «أين هو بيت صديقي»، و«تستمر الحياة». وبعد أن حظي بتتويج بمهرجان كان سنة1992 عن مساره السينمائي، حيث حاز على جائزة روبيرتو روسيليني، قام كياروستامي بإخراج فيلمي «بين أشجار الزيتون» (1994 ) و«طعم الكرز» (1996 ) الذي حاز على السعفة الذهبية بمهرجان كان1997 . وفي نفس السنة منحته منظمة اليونيسكو ميدالية فيليني. وبعد سنتين، فاز شريطه الطويل السابع «ستعصف بنا الرياح» بالجائزة الكبرى الخاصة للجنة تحكيم مهرجان البندقية، كما قام حديثا بإخراج فيلم «صورة طبق الأصل» من بطولة الممثلة الفرنسية جولييت بينوش وهو تاسع فيلم مطول له. ولعباس كياروستامي ديوان شعري يحمل عنوان «المشي مع الرياح» صدر سنة2002 . وباعتباره أحد الكتاب والمبدعين في مجال السينما، منحته وزارة الثقافة الفرنسية وسام الآداب والفنون برتبة ضابط.