آسدل الستار آخيرا عن إنتخابات المجالس المحلية و الإقليمية و الجهوية و الغرف المهنية و يتم التحضير لتجديد ثلث مجلس المسثشارين. بعد شهور من حالة الإستنفار التي عاشتها الهيآت السياسية ومناضليها ومسثخدميها ومرتزقيها وسماسرتها خلد الجميع لعد الحصيلة و الكلفة السياسية والمالية و البشرية النهائية. بعد الإنتخابات المباشرة و الجماهيرية دخلت الهيآت في مسلسل إنتخابات المكاتب و الرؤساءفي مختلف المستويات. فإذا كانت الإنتخابات المباشرة قد عرفت حملاتها سواء التي جرت في وقتها القانوني أو قبل أوانها كل اشكال الإستمالة للمرشحين و الناخبين بإسم الإستقطاب من إستغلال النفوذ و المال و الوعد و الوعيد فان ‘نتخابات الدرجة الثانية و الثالثة قد عرفت بدورها كل ذلك و اكثر و لم ثختلف عن سابقتها إلا في المبالغ و آهمية الوعد و الوعيد الموزعة على المعنيين. فإذا كانت آلإنتخابات الأولية قد مرت تحت غطاء الإنتماء الحزبي و بالتالي لمبادئه فإن إنتخابات الدرجة الثانية و الثالثة ققد مرت طبقا لمنطق اللامنطق حيث اختفى منطق الإنتماء و المبادئ و الإسطفافات و التصنيفات السياسية و آصبحت كل هيآة خصما لهيآة ما هنا و حليفا لها هناك و لم يعد يحدد طبيعة الهيآة بالنسبة للآخرى إلا المدينة او الهيآة التي يراد إنتخابها و يصبح الخصم في المجالس المحلية حليفا في الغرف و الخصم في مجلس الجهة حليفا في مجلس العمالة و الخصم في مراكش حايف في سطات و هلما جرا . بعد هذا العرض الوجيز للآحداث بقي لنا آن نعترف بكارثية الحصيلة النهائية لليسارسواء على مستوى النتائج السياسية و قبلها المقعدية وعلى مستوى نسبة التمثيل في مختلف المؤسسات و ايضا على مستوى الصورة المقدمة للجماهير عامة و لآنصاره و المعتقدين فيه خاصة. كارثية النتائج شكلت موضوع تآمل كل من محمد الساسي من الحزب الإشتراكي الموحد و محمد الحبيب طالب من الإتحاد االإشتلراكي و هو ليضا ما دفعني الى المساهمة بدوري في الموضوع و لو على شكل رد على ما ورد في مقالي الآخوين السابقي الذكر. الرغبة في الرد على مقال اللأخ محمد الحبيب طالب لم تأت بدافع الدفاع عن محمد الساسى كشخص أو كعضو في قيادة الحزب الذي اعتبر نفسي منتميا اليه او ككاتب مقال لم اطلع عليه في اصله و لم ادرموضوعه الا من خلال رد الأخ محمد الحبيب. ردى إذن ليس نابعا من تعصب حزبي أو دفاعا عن « أخي ظالما أو مظلوما» بل هو مساهمة في نقاش موضوع ساهمت بكل تواضع في تحريكه فعليا على مستوى جهة البيضاء وعلى المستوى المحلي بالمحمدية. مساهمتي هاته ربما لا ترق الى مستوى الرد لا عن مقال الاخ الساسي و لا مقال محمد الحبيب و انما هو نفخ في موضوع ساخن حتى لا يفقد حرارته و حتى نبقي بآلية الرد و الرد على الرد الباب مفتوحا للمزيد من التفكير و التذكير بآنية الموضوع. بما أن الأخ الحبيب قد نصب نفسه، حسب ما سيرد في تحليل النص، لا لمناقشة موضوع وحدة اليسار و إنما للدفاع عن وجهة نظر الاتحاد الاشتراكي الرسمي فإن ردي سيكون محاولة للرد على مقولاته و إثارة أخرى لنتقدم قي مسلسل الوعي بالاشكال اللأصلي الدي حدا بمحمد الساسي و بعض المناضلين الأخرين الى التفكير بصوت عال في أمر اليسار المغربي. و بما أن مقال الأخ الحبيب سبقني إلى الرد فإني سأضطر الى تتبع خطاه كنص من بدايته الى نهايته مع إمكانية ورود بعض الاستطرادات التى قد أضطر اليها قصد التوضيح. يبدأ مقال الأخ محمد الحبيب طالب العضو بالمكتب السياسي لحزب الآثحاد الآشتراكي سابقا بعرض مقدمات محمد الساسي التي لخصها الأخ الحبيب في ثلاثة سماها: الأولي و الوسطي والنتيجة. ففي الأولى يرى مخمد الساسي بعد قراءته لنتائج الإنتخابات الجماعية الأخيرة أننا في حاجة إلى ثمانية أحزاب التي وحدها حصدت قرابة 90ّ بالمائة من المقاعد ولم يبق ل22ّ حزبا الباقية إلا 10ّفي المائة وهو ما يعني أنها لم تحصل إلا على فتات الأحزاب الثمانية لذلك عليها أن تتدبرأمرها قبل أن تتحلل و تندثر. في المقدمة الوسطي يسجل الساسي، حسب ما ورد في مقال الأخ محمد الحبيب، دورنظام العتبة القاسي في إقصاء و تهميش الأحزاب الصغرى و يستنتج أنه من الصعب أن تتدارك هذه الأحزاب ضعفها و تنجح في الإنتقال من أحزاب صغيرة إلي أحزاب متوسطة القوة خاصة أن الدينامية الإنتخابية كما تجري اليوم في المغرب تهمش السياسة في ذاتها و الحزب في ذاته و هو ما ينعكس سلبا على الأحزاب الصغري. بعد هذه المقدمات يخلص الساسي إلى أن الاتحاد الاشتراكي هو المؤهل بحكم تاريخه لقيادة اليسار و الحفاظ عليه من الإندثارلكن بحكم واقعه تصبح أهليته للقيام بالتوحيد مرهونة بمدى استعداده للتخلص من ثلاث عقد على الأقل و التي هي بإيجاز: عقدة الإسم؛ أي مدي استعداد الاتحاد الاشتراكي لقبول التخلي عن إسمه إلي إسم آخر يتفق عليه، و ثانيها عقدة التناوب أي مدي استعدادالاتحادالقيام بنقد ذاتي جذري لنهجه السياسي بكامله منذ أن قبل التناوب التوافقي و الدستور الذي قام عليه وثالثها عقدة الوسائل من استيراد انتخابوي للأعيان وقيامه بالتحالفات اللامبدئية وهو ما يمكن تلخيصه في أن على الإتحاد الإشتراكي لكي ينجح في مبادرة التوحيد أن ينتفض على ذاته. يري الأخ محمد الحبيب أن مقدمات الساسي لا ترتبط مع نتيجته ما دامت إشكالية الإنقراض تهم الأحزاب الآخرى غير الإتحاد و هي وحدها التي عليها أن تقررمصيرها و لا علاقة لذلك بالاتحاد الاشتراكي الذي أقحمه الساسي كما لو كان مسؤولا عن وضع هذه الأحزاب الصغرى، بل يذهب الأخ الحبيب إلي أن الساسي ذهب إلى أخطر من ذلك حين انطلق من وضع الأحزاب الصغرى إلي إملاء شروط الإنتفاضة علي الذات على الاتحاد الاشتراكي وخلص إلى الآشكال التالي: إذا ما لم يستوف الاتحاد ما اشترط عليه هل ستستمر أحزاب اليسار الصغرى و هي تعرف أن لا آفاق لها؟ و الجواب هنا ينبغي أن يأتي من هذه الأحزاب ذاتها باعتبارها المعنية أصلا بالإشكال. بعد هذا العرض بدأ الحبيب بعرض نظرته الخاصة للأمور إذ لخص موقفه في آن كل ما يستطيع الاتحاد الاشتراكي فعله هو الدفاع بشكل عقلاني عن قناعاته و حلمه و العمل على ان يحظى بالقبول الواسع من طرف عموم مناضلي اليسار و حتى تبقى ابواب الاتحاد مفتوحة للوحدة الاندماجية هناك شروط تلاتة تعتبر كلها بمتابة شروط تدعو أحزاب اليسار الى الانسلاخ من ذاتها و الالتحاق بالاتحاد الاشتراكي كما لو أن الإشكال هو أصلا إشكال هذه الأحزاب وحدها و الاتحاد الاشتراكي في منأى عن أزمة اليسار الذي عليه أن يحدو حدو فصيل الحبيب طالب المعروف سابقا بالحزب الاشتراكي الدمقراطي و يصبح هذا الحزب قد أصاب مرتين أولاهما حين قبل بدستور 96ّ متله متل الاتحاد الاشتراكي و انفصاله عن منظمة العمل، و ثانيها حين وعى أن عليه أن يجد الحل لنفسه و يخلق الحدت بالإندماج في الاتحاد الاشتراكي قبل ان يندثرأو أن يبلغ به الأمر إلى ما آلت إليه أحزاب اليسارالصغرى قبل الدخول في شروط الوحدة كما يراها الأخ محمد طالب لا بد من تذكيره أنه وقع في شبه ما أعابه على محمد الساسي الذي انطلق من أزمة الأحزاب اليسارية ليشترط على الاتحاد الاشتراكي الشروط التي تؤهله لانقادها إذ أن محمد الحبيب قد حصر الأزمة في الأحزاب اليسارية الصغرى باعتبارها المعنية في نظره بالأزمة كما لو أن الاتحاد الاشتراكي في نمو مطرد متناس أن سرعة الانحدارهي اسرع لدى الاتحاد من غيره من أحزاب اليسار الأخرى إذ يكفي أن أذكره أن الاتحاد فقد في دورة واحدة للمجالس، أي ست سنوات ثلث أصواته إذ لم يحصل في الإنتخابات الجماعية ل 2009ّ إلا علي 668ّألف صوت في حين كان قد حصل سنة 2003ّ علي قرابة مليون صوت (997 ّألف صوت) كما أنه في نفس الفترة تقريبا أي بين 2002ّ و 2007ّ فقد ربع مقاعده النيابية و نسبة تمثيليته التي انخفضت من 18ّفي سنة 97ّ إلي 15ّ في المئة سنة 2002ّ ثم إلي 9.7ّ سنة 2007ّ وإذا ما استمرت وتيرة الانحدار بهذه السرعة فإنه لن يحصل في اللإنتخابات التشريعية لسنة 2012ّ إلا على ما بين 25ّ و 28 مقعداّ في البرلمان دون الأخذ بعين الاعتبار ظهور ظاهرة السيد الهمّة التي قد تزيد في سرعة الإنحدار بإغراء او شراء المناضلين و الناخبين على حد سواء مساهمة السيد الحبيب طالب قي المسارالذي سار عليه محمد الساسي من تفكير في توحيد اليسارابتدأها أصلا بتسميتها الوحدة الاندماجية التي لا أدري إن كان القصد منها الحديث عن الوحدة التي لا تبقى في مستوى مجرد التحالف بين المكونات أم القصد هو اندماج الصغار في الكبير على غرار ما قام به السيد محمد الحبيب نفسه و فصيله سابقا حين تم إلتحاق الحزب الاشتراكي الديموقراطي بالاتحاد الاشتراكي. فكيفما كان القصد بالوحدة الإندماجية فإن الآخ الحبيب طالب قد حدد شروط تحقق ذلك في ثلاث مقولات يمكن تلخيصها في: أولا تخلي اليسار الغير اتحادي عن أطروحته الدستورية ثانيا ان تكون الوحدة مستقبلية بمعنى تجاوزخلافات الحاضر و الماضي ووضع كل القضايا في الرف واستبدالها بقضية المستقبل وثالثا التشديد على الوحدة الإدماجية الفورية. فيما يخص القضية الأولي ينطلق الآخ محمد الحبيب طالب للرد غلي محمد الساسي من أنه لا يجادل أحد في أهمية و ضرورة إحداث إصلاحات دستورية معينة أكثر تقدما ولا حتى في أن النظام الملكي البرلماني هو الوضع التاريخي السوي لإقامة مجال سياسي حديث و حيوي ومنتظم و فعال لكن هذا لا يتوقف عليه النهوض الشعبي و المشاركة الجماهيرية التلقائية و الفعالة في الحياة السياسية الذي يحتاج إليه اليسار لأنه كما حدث في تجارب عديدة هذا أسبق ومقدمة لذاك لكن هل تساءل السيد طالب الحبيب ما الذي سيحدث هذا التحول في السلوك السياسي للجماهير وما الذي سيتغير في واقع المجتمع حتي ينهض الشعب و يشارك بشكل فعال في الحياة السياسية خاصة و أن جزءا من هذه الجماهير قد تعود التحرك و المشاركة السياسية بالمقابل المادي الآني واندمج في منطق الاسترزاق في حين تشتت الجزء الأخربفعل الانسحاب الكثيف للمتلضلين من العمل الحزبي و الإلتحلق يما اصطلح عليه بالعمل الجمعوي و انبهارهم بمقولة العمل عن قرب و بالدعم و النمويل الذي يحظى به مثل هذا النشاط بخلاف العمل الحزبي اولا وبفعل نشتيت النفابات إلي نقيبات ذيلية للدكاكين السياسية الشيء الذي ساهم فيه الاتحاد الاشتراكي نفسه ثانيا؟ فما دام النهوض الشعبي و المشاركة الجماهيرية أسبق من القضية الدستورية و مقدمة لها فما الذي يمكن القيام به لإطلاق شرارة الإنتفاضة الجماهيرية؟ فهل سيتم ذلك باقتباس تقنيات الارتزاق و الركوب علي بؤس المواطنين كما يفعل الخصوم أم سنخلق مبررات للزج بالطبقة العاملة و المستخدمين في الصراع الذي يصطلح عليه بالصراع الإجتماعي علما أن نسبة المنقبين قي نقابات اليسارتقترب هي أيضا من الإندثار؟ إن مثل هذا الوضع المأزقي لليسار الذي لم يبرره السيد محمد طالب الا بعمومية الطاهرة في المجتمعات العربية عامة التي يعاني فيها اليسار نفس ما نعانيه ليبرّئ بذلك الإتحاد الإشتراكي مما أصاب اليسارما دامت هذه الآحزاب نعاني في مجموع العالم العربي من نفس الوضع دون أن تمر هي أيضا من تجربة حكومة تناوب و لا موافقة على الدستور ليخلص إلي تساؤل حول ما الذي يجمع بين كل هذه البلدان رغم اختلافها و تفاوتها في تجارب قواها الحية لتعاني كل قواها الحداثية من نفس الإختناق والإنحدار و حتى الموت البطيء أو الكلى للسياسة في مجتمعاتها. يتبع