يحتضن رواق الفن المعاصر محمد الدريسي بطنجة المعرض المتنقل «الذاكرة المغربية في بريطانيا»، والذي يكشف عن تاريخ العلاقات المغربية البريطانية، ويقتفي حضور المهاجرين المغاربة الأوائل بالمملكة المتحدة. وينقسم المعرض، المنظم بتعاون بين مجلس الجالية المغربية بالخارج وجمعية «موروكن ميموريز» إلى غاية28 من الشهر الجاري، إلى ثلاثة محاور تهتم بكل من العلاقات المبكرة بين البلدين، والقصص المخفية للمهاجرين المغاربة والتراث المشترك. ففي القسم المتعلق بتاريخ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، كشف المعرض عن مجموعة من الوثائق التي تؤرخ لحقبة تبادل البعثات وتطور العلاقات التجارية بين البلدين والمواجهات العسكرية واحتلال طنجة من طرف الإنجليز والكتابات البريطانية عن المغرب. ويسرد المعرض في قسمه المتعلق بتاريخ الهجرة نحو بريطانيا حضور المغاربة الأوائل بهذا البلد منذ بداية ستينات القرن الماضي، وتطور نوعية المهاجرين من العمال البسطاء إلى الأطر ذوي الكفاءات العالية، والتي تركت بصماتها على انطباع المجتمع البريطاني حول المغرب. واهتم الجزء المتعلق بالتراث المشترك بالتبادل الثقافي بين الجانبين ومساهمة الجالية المغربية في إغناء المشهد الثقافي والفني بالمملكة المتحدة، بالإضافة إلى معرض خاص بلوحات أبدعتها أنامل عدد من الرسامين المغاربة المقيمين ببريطانيا. وأبرز رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج إدريس اليزمي ، أن هذا المعرض يشكل مساهمة في جهود كتابة علمية دقيقة وموثقة لتاريخ الهجرة المغربية في العالم ومن بينها الدول الأوربية على وجه الخصوص. وأضاف في السياق نفسه أن الحديث عن تاريخ الهجرة هو في جزء منه حديث عن تاريخ المغرب كوطن ومجتمع وتاريخ، وكذا عن إسهامات المهاجرين في إغناء بلدهم الأم وبلد الإقامة. واعتبر أن هذا المعرض يحاول أن يظهر أن تاريخ الهجرة المغربية نحو الخارج ليس وليد ستينات القرن الماضي كما يسود الاعتقاد، بل يعود في بعض البلدان إلى ما قبل القرن19 ، مشيرا من جهة أخرى إلى تنوع الدافع نحو اختيار الاغتراب بين العمل والدراسة والتجارة والفن. وعن رمزية اختيار مدينة طنجة لانطلاقة هذا المعرض في جولة وطنية بعدد من المدن المغربية، أكدت مريم شارطي، مفتشة المعرض، أن مدينة طنجة كانت على الدوام جسرا للمبادلات الدبلوماسية والتجارية بين البلدين بالإضافة على الحضور البريطاني التاريخي بالمدينة. وأضافت أن هذا المعرض وليد عمل انطلق قبل أزيد من سنة ونصف عبر إجراء مقابلات مع أفراد من الجالية المغربية بالخارج، وتنظيم ورشات فنية لأطفال المهاجرين من الجيلين الثاني والثالث للتعبير عن انتمائهم للوطن الأم. وبعد مدينة طنجة، من المنتظر أن ينتقل المعرض إلى المكتبة الوطنية بالرباط (بين 16 و26 أكتوبر) والصويرة (بين29 أكتوبر وفاتح نونبر). تجدر الإشارة إلى أن هذا المعرض حل بخمس من كبريات مدن بريطانيا في جولة دامت من دجنبر2008 إلى غاية مارس2009 ، حيث زار كلا من سانت ألبانس وكراولي وتاور بريدج ومانشستر وأدنبره.