من حسنات شهر رمضان هذه السنة أن المتتبع للشأن التلفزيوني على أعمدة الصحافة الوطنية، لم يلاحظ الحديث عن نسب المشاهدة مثل ما حدث رمضان المنصرم، حيث كانت هذه الأرقام جزءا من حرب إعلامية ضروس بين من هي في صالحهم ومن ضدهم. الحقيقة أن الذي جنبنا، في هذا الشهر الفضيل حرب نسب المشاهدة، هو كون «ماروك ميتري» المؤسسة المخول لها احتساب وتحليل نسب المشاهدة، ارتأت منذ شهور «تسد الروبيني على الصحافة» المتخصصة. هذه المؤسسة، التي كانت تُمكن الصحافيين المتخصصين من بلاغ حول نسب المشاهدة شهريا، وهو الأمر التي دأبت عليه منذ أول ندوة صحفية لها نهاية شهر الماضي، فضلت منذ شهور أن يقتصر تعاملها فقط مع التلفزيونات والاذاعات المرخص لها من قبل الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري وعدد من المعلنين في حين أقصت الصحافة المكتوبة. إن السبب وراء ذلك، حسب ما وصل الى علمنا من معلومات غير رسمية، هو كون هذه الصحافة أي جمهور النقاد التلفزيونيين والصحافيين الذين يكتبون عن وحول الإذاعة والتلفزيون لم تتعامل بالشكل الجيد واللائق مع الأرقام التي تعلنها «ماروك ميتري» شهريا. وأنهم في غالب الاحيان يؤولون هذه النتائج حسب أهوائهم، ولا يفرقون بين النسب والحصص وأشياء أخرى تجعل هذه الأرقام ذات مفعول غير الذي تريده «ماروك ميتري». تعامل تقول «ماروك متيري»، التي تضرب أحد مبادئ العمل الإعلامي، أي «الوصول الى المعلومة» وتمكين جمهور المشاهدين من معلومات تساعدهم على اتخاذ قرار المشاهدة مثلا، جنبنا بالفعل حربا إعلامية عشناها رمضان الفائت، والتي تجاوزتها الى تسريب نسب حول برامج أخرى لا علاقة لها بالأعمال التخييلية، سواء تعلق الأمر بالدراما، الكوميديا أو البرامج الاخبارية. غير أن هذه الأرقام، وبالرغم من وضعهامن قبل «ماروك ميتري» تحت تصرف التلفزيونات المغربية، فإنها أصبحت أرقاما تحت حراسة مشددة «لا يطلع عليها سوى أشخاص» يعدون على رؤوس الأصابع في القناتين الأولى والثانية مثلا، وهي الأرقام التي مكنتهم من اتخاذ القرار حول إعمال مبدأ «الإعادة» لعدد من الأعمال التلفزيونية بدعوى أنها تحقق نسب مشاهدة عالية. الأكيد أنه بالرغم من الرداءة التي تمطرنا بها يوميا القناتان الأولى والثانية، فلن نفاجأ إذا ما علمنا أن نسب المشاهدة ستكون متقاربة مع التي عشناه السنة الفارطة، ولن يتجاوز الفارق نحو الأعلى أو الأسفل نقطتين، مع أن حصة المشاهدة ستكون في صالح الأولى. إنها أبهى صور التناقض في عالم التلفزيون، و«ماروك ميتري» خاصة التي تجتهد استطلاعات الرأي التي تنجزها في أن تطلعنا في كل المجالات على ما يتابعه المشاهدون ولا تبذل نفس الاجتهادات في الجواب عن سؤال ماذا يحب أو يحبذ المغاربة مشاهدته؟».