شهدت قضايا ومنازعات الكراء العقاري المعروضة أمام القضاء في الآونة الأخيرة، ارتفاعا مهولا بسبب فقدان الثقة بين المكري و المكتري وتعدد النزاعات الناشئة بينهما، فقد بلغ عدد منازعات الكراء المسجلة في المحاكم المغربية في العام الماضي، 25658 قضية بعدما لم تكن تتعدى 18412 قضية سنة 2007. وبينما بت القضاء في 12258 قضية، بقيت 18550 تنتظر الحكم فيها، وذلك بفعل طول وتعقد مسطرة الفصل في المنازعات القضائية المتعلقة بعقود الكراء، وهو ما جعل الحكومة تبادر الى صياغة مشروع قانون جديد لقطاع السكن المعد للكراء، يهدف الى نسخ القوانين التي سقطت بعدم الاستعمال أو غير الملائمة للواقع السوسيو اقتصادي الحالي. مشروع القانون الجديد الذي ستتم المصادقة عليه قريبا في الغرفة الثانية، ينتظر منه تجاوز العيوب التي تعتري الاطار القانوني المنظم للكراء الجاري به العمل حاليا، والمتمثل في تعدد القوانين وتناثرها وعدم ملاءمتها للواقع الحالي، مع اعتراء بعض مقتضياتها لبعض العيوب والنقائص. ويرتقب أن يأتي القانون الجديد بمجموعة من الاصلاحات الكفيلة بجعل الكراء العقاري يأخذ مكانه للتخفيف من أزمة السكن، خصوصا بعدما أظهرت دراسة شمولية أنجزتها وزارة الاسكان والتعمير حول قطاع السكن المعد للكراء، بتعاون مع البنك الدولي، أن مساهمة القطاع في الناتج الداخلي الخام لا تتعدى نسبة 1.5 % ؛ فيما يوفر القطاع حوالي 1.6 % من فرص الشغل بالوسط الحضري ؛ وحسب الدراسة ذاتها تبين أن قطاع الكراء العقاري تحصل منه الدولة ما يوازي 2 % من مداخيلها الجبائية. ومن أهم المستجدات التي سيأتي بها القانون الجديد، التنصيص على ضرورة كتابة عقد الكراء باعتماد وثيقة تحدد بشكل واضح حقوق كل طرف وواجباته ؛ ومراجعة السومة الكرائية طبقا للقانون رقم 07.03 المتعلق بمراجعة أثمان كراء المحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني أو التجاري أو الصناعي أو الحرفي الصادر في 2007. كما يتضمن مشروع القانون هذا تحديد المدة المرغوب فيها لشغل السكن وتضمينها في العقد المكتوب، مع التنصيص على وجوب إعداد بيان وصفي عن حالة المحل عند إبرام العقد وعند انتهائه، وكذا ضبط الحالات التي يسمح فيها بسلوك مسطرة الإشعار بالإفراغ وتمييزها عن الحالات التي تخول اللجوء إلى مسطرة الفسخ ؛ ويوضح القانون الجديد حالات استرجاع المحل من طرف المالك كما يحصر حالات سلوك مسطرة فسخ عقد الكراء.