.. هم نجوم طبعوا الأغنية المغربية بإبداعاتهم الرائعة، وتميزوا بإسهاماتهم وبأفكارهم وعملهم الفني النير، منهم شعراء وزجالون، ومنهم ملحنون ومطربون وموسيقيون ومغنون .. هؤلاء الرواد تركوا علامات بارزة في التاريخ الفني الموسيقي المغربي منذ بداية انطلاقته في بداية الثلاتينات من القرن الماضي . لقد صنعوا المجد لوطنهم ورسخوا معالم الأغنية المغربية بصفة عامة والأغنية الأمازيغية والشعبية و العصرية بصفة خاصة ، ومزجها بعضهم بفن العيطة التي هي مكون أساسي من مكونات تراث غنائي شعبي أصيل . كما يوجد من بينهم نجوم في الموسيقي الأمازيغية التي لها مسار فني غني بتجربة متميزة. ومنهم من أسس لأغنية مغربية عصرية وارتقوا بها إلى مستوى عال .. ومنهم من حافظ على مكانة الموسيقى الأندلسية (طرب الآلة) بالمغرب التي هي متميزة بمدارسها الثلاثة الرئيسية : مدرسة عبد الكريم الرايس بفاس، مدرسة أحمد الوكيلي بالرباط، ومدرسة محمد العربي التمسماني بتطوان . ثم فن السماع والملحون والإيقاع ... هؤلاء النجوم قدموا للفن الموسيقي وللأغنية المغربية وللحن خدمات جليلة ، استطاعوا بأعمالهم الجميلة حمل مشعل التراث الفني الأصيل للأغنية واللحن والموسيقى بالمغرب، ومن ثمة إيصال هذا التراث الفني إلى الأجيال الصاعدة، وربطوا الجسور مع الأجيال المقبلة ، قبل أن يودعونا ، تاركين لنا أجمل الأعمال الخالدة. والتي من الصعب أن نجد رجالا بقيمة الرواد الأولون. أحمد البيضاوي 1918 - 1989 صوت الأغنية المغربية الرائدة 2/1 إسمه الحقيقي أحمد بنشهبون ، ولد في بيت متواضع سنة 1918 بالمدينة القديمة بالدارالبيضاء ، كان ضعيف البصر إلى أن فقده فيما بعد . عندما بلغ الرابعة من عمره أدخلته عائلته إلى كتاب» بلخير» لحفظ القرآن الكريم ثم التحق بدروس الأستاذ عبد الرحمان النتيفي بفرينة أولاد هابو . كان للفنان أحمد البيضاوي ذاكرة قوية تنطق كل مايفوه به المدرس . كما كان مشحونا بعالم الغناء الذي سيطر على حواسه خلال العشرينيات من القرن الماضي ، كان يقلد العديد من الأصوات الغنائية ، ويتردد على محلات بيع الآلات الموسيقية بحي جامع الشلوح بالمدينة القديمة في الدارالبيضاء ، كان يستمع إلى الأناشيد والأغاني الدينية والتراثية ، في حلقات الذكر والسماع ومجامع الزوايا والمدائح النبوية التي كان يحضرها مع والده . تمكن من العزف على العود وبرع في تقسيم عليه . بدأ حياته الفنية في أوائل الثلاثينيات ، كان يحفظ أغاني شرقية ، ومارس العزف على العود متأثرا بتقاسيم المشارقة . تلقى قواعد الموسيقى الشرقية ، وتمرس على مقاماتها وإيقاعاتها وطرائف أدائها عزفا وإنشادا، كما حفظ الموشحات القديمة ، وأصبح ماهرا في العزف على العود ، حيث تأهل ودخل ميدان التلحين والغناء . كون أحمد البيضاوي فرقة متكونة من عازف على الكمان وعازف على القانون بالإضافة إلى عزفه على العود ، وقامت هذه الفرقة بعدة جولات فنية بربوع المغرب . كما أنشأ رفقة بعض الفنانين مدرسة لتعليم العزف على العود ، وهي عبارة عن منزل بسيط بدرب الميتر قام باستئجاره. في سنة 1938 التحق البيضاوي بالجوق الملكي الذي كان يترأسه العازف المصري مرسي بركات الذي كان قد جاء إلى المغرب في عهد السلطان مولاي عبد العزيز . ألف أحمد البيضاوي جملة من القصائد والأغاني ، وكانت أولى تجاربه في التلحين ، أغنيتان اشترك في تأليفهما مع رفيقه في نفس الجوق عباس الخياطي ، هما : «ياحياة الروح» و «ياحبيب الروح» وذلك سنة 1946 ، ثم ألف أول إنجاز فني ، أغنية «ياحبيبي أفق» للشاعر السوري ماهر العطار . في الأربعينات وبداية الخمسينات كانت مرحلة الإشراق ففيها برزت روائعه الفنية «أضحى الثنائي» و»باعدت بالأعراص شفتاك»... بعد التلحين ألف قطع موسيقية صامتة ذات جمالية فنية .