اتصل بالجريدة السيد عباس زروالي شقيق أحد المختفين منذ سنوات الرصاص، وهو معمر الزروالي، حيث قدم لنا شكاية تتعلق بشقيقه المختفي والمجهول المصير منذ سنة 1962 ، كان قد ألقي عليه القبض في سياق الحملة البوليسية التي استهدفت مناضلي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في تلك الفترة، والتي كان المغرب خلالها يعيش سنوات مظلمة من تاريخه، إذ كانت الإعتقالات والمحاكمات والاختفاء القسري والسجون السرية.. لم يمثل معمر زروالي أمام أي محكمة من محاكم البلاد، اعتقل ولم يظهر له أثر بعد. الشاب معمر المختفي من مدينة بركان، كان مناضلا في صفوف الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، يحكي عنه شقيقه عباس إنهم في أحد الأيام استقبلا الشهيد المهدي بنبركة بمنزلهما ببركان، وقضى المهدي الليلة عندهما قبل أن يغادر المغرب في اتجاه الجزائر . منذ اعتقال واختفاء معمر الزروالي لم يظهر له أثر إلى غاية سنة 1964 حيث قيل لأخيه أنه يوجد في سجن القنيطرة وفعلا، و بعد عدة تحركات واتصالات زاره أخوه عباس مرتين، وبعد الزيارة الأخيرة تعرض شقيقه لاعتقال ومورس عليه التعذيب بكل أنواعه، وكان الجلادون يسألونه عن رسالة سلمها له أخوه في السجن لكنه مزقها أطرافا صغيرة في الحافلة، ورمى بتلك الأجزاء، لأنه وجد نفسه مراقبا من طرف عناصر من البوليس السري، كانت تركب معه نفس الحافلة، كما اكتشف أنهم يتتبعون جميع تحركاته، مما جعله يخفي أثر تلك الرسالة.. وبعد الإفراج عنه تم فصله من عمله في قطاع التعليم، وتعرض هو وأسرته لأزمة مادية خانقة، زيادة على المضايقات التي تعرضت لها الأسرة من طرف السلطات . أما المختطف معمر الزروالي فيحكى عنه في تلك الفترة بعض رفاقه أنه حمل مع أحد رفاقه المعتقلين في طائرة هيليكوبتير، ومنذ ذلك الحين انقطعت أخباره، كما يقال أنه تم إلقاؤهم من طائرة في البحر بعد إثقال أرجلهم بكرات ثقيلة من الرصاص . وفي ظل هذه الأخبار التي تتردد هنا وهناك عن اختفاء المناضل معمر الزروالي، قامت الأسرة بوضع ملف الضحية المجهول المصير لدى الجهات المسؤولة، كما سلم تلهيأة الإنصاف والمصالحة الملف تحت رقم 16359، ولحد كتابة الشكاية لم تتوصل عائلة الضحية بأي نتيجة عن اختفاء ابنها، مع العلم أن هذه الهيأة خلصت إلى نتائج عملها في مجالات الكشف عن الحقيقة وتحديد المسؤوليات وإنصاف الضحايا وجبر الأضرار الفردية والجماعية نتيجة حدوث انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان . ومن جهة أخرى لازالت عائلة معمر زروالي تطالب الجهات المسؤولة بأن تكشف عن هذا الملف لمعرفة مآل ابنها الذي طال انتظارها له. ولم تعرف عنه شيئا، وكلما ترددت على المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان إلا وقيل لها الملف لازال في الدراسة.. لهذا لازالت العائلة تنتظر الكشف عن الحقيقة وجبر الضرر بالتعويض المادي والمعنوي وإعادة الإعتبار لعائلة زروالي عن أيام الفترة المظلمة وعما تعرضت له من انتهاكات وظلم وقهر وتعذيب وترهيب وسلب لحرياتها وممتلكاتها على أيدي الجلادين وأجهزة الدولة، وإذا كان ابنها قد توفي، فإنها تطالب بالكشف عن ظروف وفاته والمكان الذي دفنت فيه جثته.