الملك محمد السادس يترأس الأحد بالرباط حفلا دينيا بمناسبة الذكرى ال 26 لوفاة الملك الحسن الثاني    العثور على بقايا قد تكون لمتسلق جبال شهير فُقد في إيفرست قبل 100 عام    فوز عريض للمنتخب المغربي على منتخب إفريقيا الوسطى في إقصائيات كأس إفريقيا للأمم 2025    محامو المغرب يُحدثون هيئة الديبلوماسية الموازیة لدحض "مناورات الخصوم"    مدرب إفريقيا الوسطى: "لاعبون خذلوني"    بوعود والكتاني تتألقان في مسابقة "أقرأ"    بنكيران: سقوط غزة وهزيمة حزب الله وإيران ستسقط معه قيمة العرب أكثر من ما هي عليه حاليا (فيديو)    مصرع عامل في ورش بناء بسطات    ماكرون يطالب "حزب الله" بوقف القصف    العيسى: إقرار "بناء الجسور" نقلة مهمّة    فوز المغربيتين مريم بوعود وفاطمة الكتاني بجوائز مرموقة في مسابقة "أقرأ" بالسعودية    انتعاش حركة النقل الجوي خلال السنة الجارية لمطار الناظور-العروي    ولد الرشيد: مجلس المستشارين مطالب بالفعل الميداني والعمل الجاد لخدمة المجتمع    ابتدائية الحسيمة تدين 3 أشخاص بتهمة تهريب المهاجرين على متن "جيتسكي" بالسجن والغرامة    نشرة خاصة: زخات رعدية قوية مصحوبة بالبرد وبهبات رياح من السبت إلى الإثنين بعدد من أقاليم المغرب    بداية نزول أمطار رعدية على مختلف مناطق إقليم الحسيمة    هذه تشكيلة الأسود ضد إفريقيا الوسطى    فيلم "صحاري سلم وسعى" يتوج بالبنين    "حماة المستهلك" يرفضون تبرير الزيادة في المحروقات بأزمات الشرق الأوسط    الشرطة تداهم ورشة لصناعة "المعسل"    أداء أسبوعي خاسر ببورصة البيضاء    منصة إماراتية للفرجة تعرض المسلسل المغربي "حياة خاصة"        نشرة إنذارية.. أمطار قوية بالمملكة لثلاثة أيام    مكتب الكهرماء يشرع في استغلال مشروعين لتقوية وتأمين التزويد بالماء الشروب بمدينتي المنزل وأوطاط الحاج        "البيضة ام الدجاجة اولا؟" .. علماء يحسمون الحدل أخيرا!    الحكومة مطالبة برد واضح حول فتح خط جوي مباشر بين فرانكفوت والناظور    منتخب مصر يقرر إراحة محمد صلاح    مسؤول إسباني.. "برنابيو" لا يصلح لاستضافة نهائي كأس العالم 2030 وهذه الملاعب المرشحة        الرباط.. إجراء أول عملية لتجميد المبيض بالمغرب    "التقدم والاشتراكية": على الحكومة أن تصحح مسارها وتراجع توجهاتها    بعد ترشحه وحيدا .. ولد الرشيد يخلف ميارة رئيس لمجلس المستشارين    طارق حمان: المحطة الريحية جبل لحديد تعزز الاستقلال الطاقي للمملكة    "الإبادة الجماعية" متواصلة.. استشهاد وجرح أكثر من 268 فلسطينيا جلهم أطفال خلال 24 ساعة في غزة    نيكاراغوا تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل    "تيك توك" تلغي مئات الوظائف وتوجه مواردها نحو الذكاء الاصطناعي    تقرير أممي يكشف عن انتصارات المغرب الدبلوماسية في قضية الصحراء المغربية        بعد انخفاضها ببضع سنتيمات .. اسعار وقود السيارات ترتفع بأزيد من درهم        "حزب الله" يعلن استهداف مصنع متفجرات إسرائيلي جنوب حيفا    كيوسك السبت | شركة بريطانية تعلن اكتشاف احتياطي جديد من النحاس بالمغرب    قيمة تسويق المنتجات البحرية بموانئ المتوسط ترتفع إلى نحو 562 مليون درهم    لقاء يناقش المسؤولية الجنائية للأحداث    مغاربة يحتجون على فظاعة الجرائم الإسرائيلية بعد مرور عام على "طوفان الأقصى"    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    المغرب يسجل إصابتين جديدتين ب"كورونا"    بروفايل l التصدي ل "هشاشة الحياة البشرية" يمنح "هان كانغ" جائزة "نوبل" للآداب    أخطاء كنجهلوها.. ميزات نظام مثبت السرعة (فيديو)    مرضى داء السل يشكون انقطاع الدواء وبروفيسور ل" رسالة 24 ": وزارة الصحة تتحمل المسؤولية الكاملة    بشرى لطلبة الناظور والدريوش.. ماستر جديد في القانون الخاص بكلية سلوان    وأْدٌ ضيَّع الورْد !    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عشاق في مملكة الطيور : محمد عزي من القصر الكبير : « طوطو».. الكناري الرشيق وابن العائلة المدلل

تتحدث كل طيور العالم المغردة لغة الشذو والموسيقى النابعة من سحر الطبيعة، وتتحدث الشعوب عن خصوصيات تراثها وتقاليدها، وتعاملها مع باقي الكائنات.
ويتحدث هواة تربية الطيور المغاربة لغة العشق والانصهار في عالم خاص لا يمكن الحكم عليه بمجرد النظرة الأولى.
يعشقون أن ينادى عليهم بلفظة «الماليع»، وهي كلمة السر بينهم لقياس مدى تعلق كل فرد بهوايته، وبطائره، سواء كان حسونا أم كناري مالينوا أو فلاوطا أو غيرها... تتعدد أسماء الطيور وأشكالها وخصوصياتها، وتبقى الهواية أو «الولاعة» قاسما مشتركا بين جميع الهواة، لتصل حد الجنون أحيانا.
ويعيش الهواة في ارتباطهم بهاته الحيوانات الفريدة قصصا مثيرة، فبعضهم قد يصل به التعلق بطائر معين حد مبادلته بمعطف جلدي، أو حتى بسيارته، كما يروج في أوساط «الماليع»، لأن العشق أعمى، ولم يعد هناك هدف لدى العاشق سوى الوصول إلى معشوقه مهما كان الثمن باهظا في نظر الآخرين، فإنه بالمقابل لا يساوي شيئا لدى العاشق، وهذا دخول قوي في مقام العشق لا يعلمه إلا المريدون.
«الاتحاد الاشتراكي» اقتحمت على «الماليع» عالمهم الخاص، وتقاسمت معهم هذا العشق والجنون،
لتهديه إلى قرائها كتغريدات منعشة...
الحقيقة إن تربية الطيور تجعلنا نستمتع بوقتنا الذي نقضيه في خدمة و رعاية مملكة الطيور بكل تفاصيلها، وضمنها بالطبع الأوقات التي نقضيها رفقة زملائنا في نفس الهواية، فكل اللقاءات تكون الطيور محور مواضيعها .....التغذية ...الامراض.. التغريد..التحكيم..وغالبا ما لا تخلو هذه المجالس من مشاحنات بسبب اختلاف وجهات النظر وتشبث كل طرف برأيه ، فتارة ترتفع الأصوات وتشتد الانفعالات، وتارة تخبو.... لكن ذلك يعتبر أمرا طبيعيا في عالم مملكة الطيور الخاص، لأن مجالس هواة الطيور تحكمها (الولاعة) فقط و تختفي فيها كل الفوارق الاجتماعية والاقتصادية والعمرية، فهي تضم كل الشرائح والأطياف ضمنها المتعلم وغير المتعلم ، وهناك المسن والكهل والشاب، وهناك المهني والموظف والعاطل وهناك المجرب المحنك وهناك المبتدئ.
لكن الأجمل في هذه المجالس هي حينما يكون المتحدث يسرد مجريات حادث أو قصة تجربة واقعية في إطار علاقته بالطيور فتجد الكل مشدودا إلى الحديث.وينتظر نهايتها حتى يسرد آخر قصة أخرى على منوالها....قصص تختلف وقائعها في الزمان والمكان تختلط فيها الأفراح والأحزان .
لا تزال ذاكرتي تختزن قصة «طوطو»، الكناري الذي تعلقت به العائلة كلها بعد نجاته من الموت بأعجوبة وأبتهج لذكراه كلما خطر ببالي. إنه حقا نتاج عشق غامر لا يعرف المستحيل.
ذات يوم من شهر فبراير سنة 2000 ، «باضت» إحدى إناث الكناري التي كنت أربيها بيضة واحدة بعد تلقيحها من طرف الذكر ، بطبيعة الحال، كانت البيضة يتيمة فحضنتها الانثى «الضريفة» برعاية فائقة . وبعد ثلاثة عشر يوما فقست فخرج إلى الوجود فرخ صغير معافى في صحة جيدة فبدأت أمه في إطعامه ...يوما بعد يوم بدأ ينمو ويكبر ...لكن في اليوم الثامن وقعت الكارثة ، توفيت الأم من دون سابق أعراض للمرض أو الوفاة.
صغير، فريد، يتيم في وضعية حرجة ، من دون أم تراعيه. .ما العمل...؟ الجوع والبرد....هل أتركه يواجه مصيره المحتوم؟
لم تكن لدي آنذاك أية أنثى أخرى حاضنة يمكن أن تتبناه وتقوم مقام أمه. إذن ليس هناك حل آخر، فأنا ملاذه الأخير . أخذت الصغير برفق ووضعته بين يدي حتى استعاد حرارته الطبيعية، وبعد ذلك أسرعت في تحضير غذاء لين خاص بالأفراخ وناولته إياه عبر محتقنة طبية .حمدا لله لقد خرج من دائرة الخطر. لكن الخطر الحقيقي الذي سيظل يهدده هو البرد خاصة بالليل .كنت كلما انتهيت من العمل أعود إلى البيت مهرولا فأقوم بإطعامه ثم أضعه في قطعة قماش قطني وأضعه بين رقبتي وكتفي حتى يستدفئ أمام استغراب ودهشة أطفالي وزوجتي من هذه السلوكات الغريبة، وفي الليل أعيده إلى العش واضع إلى جانبه بيضة مسلوقة ساخنة نسبيا ملفوفة في القطن لتعوضه دفء أمه. و.بمرور الأيام كبر طوطو (وهو الاسم الذي أطلقه أبنائي عليه) و اكتمل ريشه ولمعت ألوانه .. أصفر، ذهبي مبقع بالبني، ذكر كناري جميل،رشيق القوام ، لكنه شديد الارتباط بأفراد الأسرة ، لا يريد القفص، مدلل، يفضل الأكل من الأيادي.وعلى المائدة لما نكون مجتمعين يتفحص ويتذوق أي شيء، يحب البقاء على الكتف في المكان الذي كان يستدفئ فيه لما كان فرخا صغيرا.لا يجد حرجا في الانتقال بين الأيادي التي تمتد إليه والتقاط ما يعطى له..
هي ذي قصتي مع طوطو الكناري المدلل الذي استمر برفقتي سنتين وبعدها انتقلت حيازته إلى أحد أصدقائي وهو لايزال على قيد الحياة بعمر يزيد عن ثمان سنوات...وأقوم بإحضاره إلى المنزل بين الفينة والأخرى ، فتشتد فرحة أبنائي به الذين يستعيدون بحضوره صفحات من ذكريات طفولتهم، كأنه فرد من العائلة، بل ربما يشكل لهم ذلك الخيط الرفيع بين المخلوقات، او السفير الحقيقي لمملكة الطيور المغردة لدى بني الانسان، على الاقل لدى ابنائي المتعلقين بعشق مملكة الطيور ..فهل طوطو بدوره يتذكرهم أو بالأحرى يتذكرنا؟ وحده طوطو من يعلم الجواب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.