من المؤكد أن الجالية المغربية وسياح الداخل ومواطني المدينة سيفاجؤون هذا الصيف باختفاء «مقهى الشلال» التي ظلت منذ سنوات محج الكثيرين والباحثين عن مكان حيوي ومناسب للاستجمام، نهارا وليلا، نظرا لدرجة الحرارة التي تعرفها خنيفرة، وبالتالي لعدم وجود فضاءات بيئية ومتنفسات ملائمة، وتبلغ مساحة الفضاء المذكور حوالي 10 آلاف متر مربع، ومن دون سابق إنذار، وفي غياب مستغل المقهى، فوجئ المتتبعون للشأن العام المحلي خلال الأسابيع الأخيرة بجرافات الجماعة وهي مصحوبة بعدد من الأشخاص، حيث تم اقتحام المكان وتخريب كل ما فيه من بنايات وتجهيزات وسياجات وأشجار ونباتات، إلى جانب ما تم نهبه من آليات وأمتعة، وقطع التيار الكهربائي، الشيء الذي كان طبيعيا أن تترتب عنه خسائر مهولة وأضرار مادية ونفسية، ذلك قبل عرض مشروع للإغلاق النهائي، ثم قرار جديد يأمر بتوسيع عملية الهدم، والموقع من طرف رئيس المجلس البلدي قبل ساعات قليلة من يوم الاقتراع الذي ودع فيه هذا الرئيس مقعد الرئاسة. احتجاجا على ما جرى من اعتداء ودمار خطير وصفه مستغل الفضاء المستهدف بعمل تحكمه، حسب رأيه، «خلفيات ابتزازية وعنصرية وعرقية تحت غطاء المصلحة العامة»، وقد قام هذا المستغل بإشعار السلطات المحلية والإقليمية والرأي العام بقرار دخوله في اعتصام مفتوح رفقة عائلته بالفضاء المخرب، وقد كتب على لافتة معركته: «صاحب مقهى الشلال وعائلته يحتجون على رئيس المجلس البلدي بخنيفرة ومسؤول قسم التعمير اللذين نصبا نفسيهما كسلطة تشريعية وقضائية وتنفيذية، بإقدامهما على تخريب المقهى وإتلاف ونهب ممتلكاتها دون سند قانوني أو سابق إشعار بنية الابتزاز»، وذلك إلى حين إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، واسترداد ما تم نهبه، وتمكين المتضرر من التعويضات اللازمة، مع فتح تحقيق جدي وشامل في ملابسات الأمر ومساءلة ومحاكمة المتورطين وراء العملية. وارتباطا بالموضوع حصلت «الاتحاد الاشتراكي» على نسخة من شكاية موجهة إلى مختلف الجهات المسؤولة إقليميا ومركزيا، والوكيل العام لدى استئنافية مكناس، ويفيد فيها مستغل العقار (عبدالإله خليل) أنه يستغل هذا العقار منذ حوالي عشر سنوات على وجه الكراء من الجماعة الحضرية لخنيفرة، وقد استثمر أموالا طائلة بهذا المشروع في تحويله من بنايات متلاشية ونقط سوداء للنفايات والأعشاب الصفراء إلى مروج خضراء وحدائق جميلة وشلالات اصطناعية عن طريق جلب المياه من نهر أم الربيع، ومرافق تم ربطها بشبكة الواد الحار عن طريق موافقة وتشجيع من الجماعة الحضرية والسلطات المعنية، مما خول للمستغل اكتساب أصل تجاري عن العقار بجميع عناصره المادية والمعنوية، وكان يستعد لإقامة منشآت سياحية بذات العقار، ومن خلال شكايته المرفوعة إلى الوكيل العام لدى استئنافية مكناس اتهم عددا من الموظفين والأعوان البلديين ب»الاعتداء والهجوم على ملك الغير وإتلاف ممتلكات وتخريبها ونهب وسرقة أمتعة وآليات»، ويأتي رئيس المجلس البلدي السابق في مقدمة المشتكى بهم، وقد تقدم مستغل العقار بدعوى أمام المحكمة الإدارية بمكناس للمطالبة بالتعويض عما لحقه من أضرار وخسائر، وفي نفس الموضوع تقدم بشكايتين لدى وكيل الملك بابتدائية خنيفرة والوكيل العام لدى استئنافية مكناس طلبا للإنصاف ورد الاعتبار. وسبق لمستغل الفضاء المعني بالموضوع، حسب شكاية له، «أن فوجئ خلال نهاية دجنبر العام الماضي برئيس المجلس البلدي المنتهية ولايته، وهو يحل بالعقار المشار إليه، رفقة أحد التقنيين من مصلحة التعمير، حيث عمدا إلى الدخول في عملية تخريب بواسطة جرافة»، ونجح المستغل في منعهم من تنفيذ هذا الفعل اللاقانوني، قبل إسراعه إلى موافاة عامل الإقليم بتظلم كتابي، ولم يحصل على أي جواب، الأمر الذي حمله إلى التقدم بشكاية في الموضوع لدى وكيل الملك بابتدائية خنيفرة، سجلت تحت عدد 3383 /ش 08 بتاريخ 30 دجنبر 2008، وفي الوقت ذاته فوجئ الجميع بأشغال حفر قامت به بعض مصالح العمالة بمحاذاة المقهى المذكورة، وتسببت في تعريض شبكة الواد الحار ومجاري المياه للإتلاف، ولم يفت مستغل العقار حينها مكاتبة رئيس المجلس البلدي وباشا المدينة من أجل التدخل لإرجاع الحالة على ما كانت عليه، وتعويضه عما لحق به من أضرار اقتصادية، إلا أن طلبه لم يجد الأذان الصاغية. وسبق لرئيس المجلس البلدي أن راسل مستغل العقار المذكور في «إعذار» يطالبه فيه ب»اتخاذ كافة التدابير اللازمة لإنهاء المخالفات لأحكام المادة 40 من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير»، وذلك بادعاء أن المعني بالأمر «أحدث بنايات غير قانونية بالمنطقة الخضراء المحاذية لمقهى الشلال الكائن بتشوت بن عقى المعبر عنها برمز V حسب تصميم التهيئة للمدينة»، وجوابا على هذا الإعذار قال المعني بالأمر: «إن المنطقة الخضراء التي تحدث عنها الرئيس لم تكن خضراء أصلا، وأنه يتواجد بها منذ عام 2000 بمقتضى عقد كراء يربطه مع الجماعة الحضرية»، وبالتالي إن ما تم إحداثه قد «جاء بموافقة وتشجيع من الجماعة، وذلك قبل إنجاز مشروع تصميم التهيئة المصادق عليه بالمرسوم الوزاري المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 28 يونيو 2004»، أما فيما يتعلق بالمادة 40 من قانون التعمير ف»هي لا تنطبق على نازلة الحال ما دام يتعلق بتصرف قانوني سليم وبحقوق مكتسبة وبتأسيس أصل تجاري»، مضيفا «أن إعذار رئيس المجلس البلدي جاء في الوقت الذي تقدم فيه هذا الأخير لرئيس المحكمة الابتدائية بمقال مستعجل (بتاريخ 11 ماي الماضي) يطلب فيه إصدار أمر قضائي لطرد مستغل فضاء الشلال، بدعوى أن هذا الأخير يتواجد دون ستند قانوني»، وقد انعقدت جلسة بشأن هذه الدعوى في الثالث من يونيو الجاري وتم تأجيلها إلى اليوم العاشر من نفس الشهر حيث تقرر إرجاؤه إلى يوم 26 من هذا الشهر، ولم يكن متوقعا أن رئيس المجلس سيسرع إلى «قصف» المقهى دون استصدار أي أمر قضائي أو مبررات قانونية تسمح له بالقيام بما فعله من عمل مضر، حسب الضحية، بتطلعات بلادنا إلى تشجيع الاستثمار وصيانة كرامة المواطنين.