عبر مهنيو النقل الطرقي الدولي عن تخوفهم من الاضطرار إلى التخلي عن مزاولة هذا النشاط ، ودعوا إلى تكثيف التعاون مع كافة السلطات المعنية من أجل تنقية القطاع ، وتمكينه من مواجهة التنافسية الأجنبية والقيام بدوره كفاعل أساسي في توفير السيادة الوطنية وفي تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة. في أول لقاء مع عبد العزيز لحلو بعد إعادة انتخابه رئيساً للجمعية المغربية للنقل الطرقي الدولي لمدة ثلاث سنوات، تبين أن الأسطول المغربي العامل في النقل الطرقي الدولي لا يتوفر إلا على حوالي 300 شاحنة، كما تبين أن هذا العدد في تراجع مستمر، إذ أن سنة 2008 سجلت لوحدها تخلي حوالي 40 شاحنة عن مزاولة مهام النقل الدولي، كما أن مستجدات الظرفية الدولية عمقت أزمة القطاع إذ تراجعت نسبة الواردات بأكثر من 30% بفعل تراجع واردات قطاع النسيج وواردات قطع غيار السيارات والطيران. المخاوف من تخلي الرأسمال المغربي عن الاستثمار في النقل الطرقي الدولي، يبررها رئيس الجمعية بالوضعية الحالية المتميزة بكون الشاحنات المغربية لا تنجز إلا نسبة تتراوح بين 2 و 3% من مجموع الرحلات التي يحق لها القيام بها والبالغ عددها حوالي 47 ألف رحلة في السنة. فبعد أن كان من المفروض التوجه نحو تقليص هيمنة الأسطول الأوربي التي يستحوذ فيها الإسبان على ما بين 70 و 80% متبوعين بالفرنسيين الذين يستحوذون على حوالي 25%، فإن الفوارق في التعامل مع القطاع بين أوربا والمغرب تؤسس لفتح آفاق جديدة أمام الأسطول الأوربي على حساب الأسطول المغربي الذي يمكن أن يتحول إلى قطاع يفرض على كل النزهاء التحول إلى مهن أخرى، ويؤمن الاستمرارية لمن يتخذون منه مطية لتحقيق أرباح تضاعف بعشرات المرات ما يمكن تحقيق في ظل احترام القانون وأخلاقيات المهنة. وبلغة الأرقام تبين من تصريحات لحلو أن كل شاحنة تنجز حوالي 24 رحلة في السنة، وما دام أن الاتفاقيات المبرمة مع الاتحاد الأوربي تخول للمغرب حصة تصل إلى حوالي 50 ألف رحلة في السنة، فهذا معناه أن المغرب مطالب بالتوفر على أسطول لا يقل عن 2000 شاحنة، فالخصاص الذي يزيد عن 1700 شاحنة يحرم المغرب من مجموعة مستحقات من أبرزها: 1 - إعطاء الأسطول الأوربي إمكانية التحكم في المبادلات الخارجية المغربية، وهذا في حد ذاته يمس بالسيادة المغربية، إذ يمكننا أن نتساءل عن مصير الوضع الاقتصادي المغربي إذا ما قرر الأوربيون، لسبب أو آخر، التخلي عن مزاولة أنشطة القطاع بالتراب المغربي. 2 - حرمان المغرب من قدرات هائلة تتجلى أهميتها في كون كل رحلة تكلف 60 ألف درهم. فاقتصار المغرب على رحلات حوالي 300 شاحنة من أصل 20 ألف المفروض التوفر عليها معناه ضياع يقدر مادياً بملايير السنتيمات التي تؤدى بالعملة الصعبة، ويقدر اجتماعياً بالحرمان من آلاف مناصب ما دام أن كل شاحنة تشغل شائقين وكل 4 أو 5 شاحنات تفرض إنشاء شركة لا يقل عدد مستخدميها عن ثلاثة. هذا الوضع أكده لنا المدير العام لشركة غرافلو فريديريك سيليي، الذي لاحظ أن حجم الواردات المغربية عرف نوعاً من الاستقرار بينما حجم الصادرات تراجع عن مستواه الاعتيادي بما يزيد عن 20%، وبالنسبة إليه فإن مختلف الفاعلين الدوليين في قطاع اللوجيستيك يتتبعون عن كثب وثيرة إنجاز شطري الميناء المتوسطي لطنجة ويراهنون على أن يكون لهم موطئ قدم في هذا الموقع لعلهم يستفيدون بدورهم من معدلات النمو التي يرتقب أن تتزايد سنة بعد أخرى. لتفادي استمرار القطاع المغربي في التدهور جدد عبد العزيز لحلو، مطالب الجمعية المتمثلة بشكل خاص في مجالين الأول يرتبط بمراجعة القوانين المنظمة للمهنة وتأهيلها للتوفيق بين وفاء المغرب بالتزاماته الدولية في مجال محاربة الهجرة السرية، وتهريب المخدرات وبين حماية المهنيين من التعرض إلى عقوبات على جرائم لم يرتكبوها ولم تكن لهم أية علاقة بها، والثاني يرتبط بمراجعة معدلات الرسوم الجمركية والضريبية وبتأمين التخفيف من حدة التنافسية غير المتكافئة مع الأسطول الأوربي الذي يستفيد من استعادة نسبة 20% كضريبة مضافة مطبقة على الغازوال، بينما الأسطول المغربي لا يستعيد إلا نسبة 7%، ونفس الشيء بالنسبة لكلفة الشاحنة التي تزيد قيمتها في المغرب بأكثر من 10% عن القيمة المعمول بها في أوربا. أما في ما يتعلق بالإجراءات الإدارية، فلاحظ لحلو أن التسهيلات الممنوحة للشركات المغربية من طرف القنصليات الأوربية في مجال منح التأشيرة لا تعفي من كون الحصول على التأشيرة يكلف المقاولة المغربية تحملات إضافية تشمل قيمة التأشيرة ومدد انتظار الحصول عليها.