في 1964 أسس جان دانييل مجلة (النوفيل أوبسيرفاتور) بمشاركة اكلود بيردرييل انخرط في العمل الصحفي في مجلة (الإكسبريس) عندما رأت النور في 1953. ثم شغل منصب رئيس التحرير في جريدة (لوموند). أشرف على مجلة أدبية التي توقفت عن الصدر وفي 1952. عمل في وكالة الانباء بيرار / كيلان في باريس. عمل الى جانب كبار الصحفيين: جان جاك سيرفان اشرايبر، فرانسواز غيرو، جاك جوليار، فيانسون بونتي. جان جاك، وكان كذلك على علاقة مع كتاب مثل فرانس أوبسيرفاتور) التي أسيس بعد توقفها مباشرة مجلته (النوفيل أوبسيرفاتور) بفريق صحفي قادم من مجلة (الإكسبريس) ومجلة (فرانس أوبسيرفاتور) في صيف 1964. ألف جان دانييل عشرات المكتب من بينها روايته الاولى في 1953 من كتابه الحواري (1) نقدم الفصل المعنون ب الذي يتحدث فيه عن كتابة الافتتاحية، التي تخصص وبرز فيها، الى جانب أفكار أخرى عن العمل الصحفي (2). الافتتاحية جنس مشبوه مع الوقت أصبحت الافتتاحية علامتي المميزة داخل المجلة وصلتي بالقراء، علاقة خاصة. لم أكن أتوقع كل هذه الاستمرارية في كتابة الافتتاحيات منذ تأسيس المجلة أديت دوري ككاتب افتتاحيات، وهو عادة دور مدير الجريدة. في الواقع انني وجدت عظمة العمل الصحفي مع ممارسة الروبورتاج. هنا بدأت أشعر بلذة الكاتب الصحفي، في تلك الفترة لم تكن هناك حدود بين الصحافة، الأدب، التدريس والالتزام السياسي. الطريق الى الصحافة يبدأ بالضرورة بلذة الكتابة، القدرة على تخزين الاحداث والشغف بنقلها الى الناس. عند قراءتي لأولى الافتتاحيات التي كتبتها أجد نفسي منتشيا وحاسما وليس بالإمكان تصور ان الدعابة بالنسبة لي ميزة ضرورية. الافتتاحية جنس مشبوه يعرض للتضليل والمكر عندما نعالج موضوعا لا يمكننا ان نتوفر بخصوص الأعلى كفايات نسبية.وعيت بذلك مبكرا جدا، لكن توجب علي أن أعمل بحمية حتى لا أكون مستاء جدا من نفسي. كنت آخذ رأي الجامعيين والعلماء في فيما أنوي كتابته. عندما قالت عني مونا أوزف: »جان، هو الافتتاحية، والافتتاحية هي جان« شلتني وحسستني بالمسؤولية أكثر مما دعمتني. تعود لحظات الأرق الاولى التي أصابتني، أزمات الخوف الاولى، الى بدايات ككاتب افتتاحية، ولم أشف من ذلك. كنا مجموعة نكتب بسهولة. كان هناك جان كو، جان لاكوتير، آلان دوهاميل، جان فرانسواكاهن. كنا »نلهوج« نكتب بسرعة كما يقال، مقالا في أي موضوع. الافتتاحية قضية أخرى، كل كلمة تلزم كاتبها. أخطأت في أحداث مهمة. أبديت خجلا فكريا مفرطا أمام حكم خبراء مزيفين، بحيث فضلت عدم فقدان تقديرهم عن الجهز بحقيقتي. في أحد أركانه الصحفية، كتب بيرنارد فرانك معرفا الصحافة بهذا التعريف العنيف: »الاخطاء التي لا تغتفر تجعل منكم متخصصا جازماى«. لا أعتقد انه ابتكرها لأجلي لكن بإمكان كل شخص، في لحظة من حياته، ان يشردها لحسابه. صحيح أن بإمكان الافتتاحية ان تطمح الى التجريم، وهذا ما يغيظني أكثر في هذا الجنس. كتب إيدغار موران: »ظل جان دانييل لفترة طويلة يعتقد انه مضطر من خلال دوره ككاتب افتتاحيات يساري الى كتابة مقالات سجالية. في رأيي لم يكن البثة مرتاحا في ذاته. على العكس من ذلك كان يظهر بلا تحفظ مواهبه في الملاحظة، في التحليل في الفهم وفي تركيب الاحداث ما أن يواجه مشكلا معقدا«. إيدغار موران على صواب. كنت أريد أن أكون أحيانا بحماس، مطبقا لذلك التعقيد الذي يعتبر إيدغارموران هو المنظر له. أيضا كتب بيرنورا: »جان دانييل كاتب افتتاحيات للتعاليق. إنه كاتب افتتاحيات للنقاش الداخلي«. بيير نورا يتحدث عن الشك الذي يسكنني والذي يسميه »نقاشا داخليا«. هذا الشك حقيقي، دائم، أحيانا يكون هاجسيا. نعم، راحتي الذاتية هي التحليل وليس السجال. في العمل الصحفي الملتزم، في الافتتاحية تكون المانوية حتمية. كان صحفيو جيلي يرون في بيير لازاريف الرجل النافذ في جريدة فرانس اسوار الى الصحفيين بالنسبة لي لم يكن كذلك، كان لصحفيي هذه الاخيرة احتقار عميق لصحفيي صحيفة كومبا الذي هم »عائلتي«. كان يعتبرونهم كمثقفين تائهين داخل الصحافة، لا محترفين، هواة مغرورين. نحن أيضا كنا نرد لهم الاحتقار أضعافا مضاعفة. الخضوع لقواعد الصحافة: بالنسبة لي لم أفكر أبدا في الروبورتاج وفقا للخطر الذي كان يعرض له. لم أكن أبدا أريد مراسلا حربيا. كان الروبورتاج الذي أنجزته من لقاء وساطة بين الرئيس كيندي والرئيس كاسترو في لحظة حرجة من العلاقات بينهما، كان الروبورتاج بمثابة »سبق صحافي« عالمي ونشر في صحف خمس وعشرين بلدا. عدت مزهوا الى (الإكسبريس)، لكن مشاكلي ازدادت داخل الاسبوعية في الوقت الذي كانت فيه سمعتي ترتقي خارجها. من هنا غادرت (الإكسبريس) في يناير 1963 بتهمة انني حسب مدير المجلة جان جاك سيرفان اشريبير اشوش على سير العمل. عندما أسسنا (النوفيل أوبسير فاتور) كان ذلك وفق رؤية إيديولوجية وثقافية تتماشى مع اللحظة. اخترتهم بسبب أفكارهم. كونت فريق التحرير في (النوفيل أوبسيرفاتور) بفكرة خلق ممر دائم بين الثقافي، الاخلاقي والسياسي. مع ميشيل فوكو وجد العمل الصحفي قدرة الفلسفي. مساهمة كثير من المفكرين والمثقفين في المجلة فوكو، موران، بورديوه، ديريدا جعل لوران جوفران صحفي بالمجلة يقول ان جان دانييل ابتكر «الصحافة الفكرية». أنا لم أبتكرها، لقد جسدته. كتب غي دومور المسؤول عن الصفحات الثقافية في المجلة والناقد المسرحي بها : »كان جان دانييل يعتبر (النوفيل أوبسيرفاتور) مركز العالم. كن يريد ان ينافس المجلات، السوربون والدراسات العليا، مع فرضه ان يخضع هؤلاء الفلاسفة، الكتاب، المؤرخون وعلماء الاجتماعي الذين يساهمون في المجلة لقواعد الصحافة. انه تربيع الدائرة. في 19 نونبر 1964 صد العدد الاول من مجلة (النوفيل أوبسيرفاتور)، مكع مقال مهم في الصفحة الاولى ببقلم جان بول سارتر بعنوان، سارتر والنوفيل أوبسيرفاتور، مغامرة طويلة. لماذا أرغبت في إشراك سارتر في العدد الاول من المجلة؟ لقد توجهت الى أسطورة لا الى فكر. أردت ان استفرد للمجلة ببعض شذرات مجد. ما كان يمكن ان وأخذ عليه سارتر هو مفهومه للصحافة. بالقدر الذي كان ألبير كامي يعتبر مهنة الصحفي بمثابة »إحدى المهن الأكثر روعة في العالم«، بالقدر الذي كان سارتر يحتقر الصحافة سيما عندما يوصي باستغلالها. كان يعتقد ان كل موضوعية مشبوه فيها وانه ليست هناك مشروعية صحفية إلا إذا كانت قطاعية، حزبية ومانوية. يجب ان لا ينسى الصحفي ان مهمتخه هي »التعجيل بتفتيت المجتمع الرأسمالي«. ٭هامش: (1) كتاب جان دانييل، حوار مع مارتين دوار بودي 275 صفحة. (2) من مؤلفات جان دانييل: (الجرح، 1992)، (الصديق الانجليزي، 1994)، (الحرب والسلم، 2003)، وعشرات المؤلفات. الحسن الثاني، عبد الرحيم بوعبيد، جان دانييل انقطعت زيارتي عن المغرب لمدة عشرين سنة. فيما يتعلق بهذا البلد، لا أريد أن أتستر عن حقبة غامضة. عندما بعد عشرين عاما استأنفت علاقاتي مع الملك الحسن الثاني، كان ذلك لسببين. السبب الاول انه كانت للملك اتصالات سرية مع الفلسطينيين ومع الاسرائيليين، وكان يعتقد انني لم أكن غير مفيد لتطوير هذه الاتصالات. والسبب الثاني هو ان صديقي الدائم، الاشتراكي عبد الرحيم بوعبيد وهو وجه بارز أقنعني ان ثمة شيئا يمكن القيام به مع هذا الملك، الملتبس جدا، الخبيث جدا، الموثوق منه شيئا ما، لكنه فوق الجميع تماما. في كل مرة كنت التقي بالملك، كنت أتحدث عن الامر لعبد الرحيم بوعبيد. وهو والذي كان يملي على الاسئلة المناسبية. اقتنعت ببطء وعلى مضض انه يمكننا ان نتوقع كما كان يعتقد صديقي بوعبيد كل شيء من هذا الملك، كل شيء، بما في ذلك إطلاق سراح المعتقيلن السياسيين، المسحوقين منذ سنوات بواسطة نظام سجون القرون الوسطى. في وقت ما اعتقدنا، الوزير السابق ميشيل جوبيروانا، انه كانت لنا يد في العفو الممنوح لبعض السجناء. كان هذا كل ما في الامر فيما بعد فهمت ان هناك من داخل حاشية الملك يريد أن يجعل مني قنطرة مع اليسار الفرنسي. يكفي مقال متحر شيئا ما لتبديد »سوء التفاهم« دون فقدان الاتصال مع هذا الإنسان الذي كان يتحدث عنالاسلام ببعد نظر ماكر. لدي إحساس قوي تجاه التمثلات والاحتفاءات بالقيم التقليدية ومعجب بالبلدان الذي تحترم ذلك، بريطانيا العظمى او المغرب. بالنسبة لي، يكتسب بلد عظمته من قوة تقاليده. لمدة عشرين عاما، أكرر ذلك مرة أخرى، لم أذهب أبدا الى المغرب على الاطلاق. قلت انني عدت إليه بطلب من الحسن الثاني الذي كان يرغب بواسطة مولاي عبد الله العلوي في التقارب مع الاسرائيليين. اتصلت برئيس المؤتمر اليهودي العالمي ناحوم غولدمان. التقينا الملك معا. عدت الى هذا البلد في سياق علائق بين المغرب والعالم اليهودي الذي يبدي الحسن الثاني اهتماما إزاءه، فهما معقدا. كنت دائما أعبر عن احتجاجي ضد استبداد نظامه وحبسه للعديد من السجناء السياسيين. ٭ جان دانييل من كتاب « هذا الغريب الذي يشبهني » - ص70/68 -