أحدث صدور كتاب جديد تحت عنوان "وجه لوموند الخفي" لبيير بيون وفيلين كوهين بباريس مؤخرا هزة شديدة في المشهد الإعلامي بفرنسا وبالعالم الغربي عامة. ويتطرق الكتاب بشكل موثق إلى علاقات الجريدة ذات المكانة المعروفة فرنسيا وعالميا مع أجهزة القرار السياسي والاقتصادي ويصف المؤلفان هذه العلاقات في كتابهما بالمشبوهة. ويتهمان إدارة الجريدة وهياكلها المهنية الأساسية بالانحراف عن مسار لوموند التاريخي كصحيفة موضوعية متزنة ويرصد الكتاب عبر تحقيق موثق كواليس عمل الجريدة ويكشف عن اختلالات خطيرة في أدائها الإعلامي من حيث انحيازها السياسي ونهجها لطرق ابتزازية مع كبار رجال الأعمال والسياسة، ويفضح الكتاب في نفس الوقت توظيف مدير "لوموند" لموقعه لتحقيق مآرب وأهداف شخصية . وتشمل هذه الانتقادات والاتهامات إضافة إلى المدير جان ماري كولومباتي كلا من أدوي بلنيل مدير التحرير ورئيس مجلس المراقبة ألان مينك. ويذكر أن هذا المجلس يسهر على الخط التحريري للجريدة. وتتلخص أهم الاتهامات والانتقادات التي يتضمنها كتاب "وجه لوموند الخفي" في ما يلي: 1 انحياز الجريدة سنة 1995 بطريقة مفضوحة للمرشح اليميني ادوارد بلادور خلال الانتخابات الرئاسية الفرنسية. 2 نشر مقالات مشبوهة وتحقيقات غير محايدة وافتتاحيات ملغمة تتعارض مع المبادئ التي انطلقت منها لوموند وضمنت بها سمعتها والقائمة على النزاهة الصارمة والشفافية الأخلاقية. 3 التعامل بشكل أحادي الجانب في ملفات الفضائح التي أثارتها الجريدة وتهميش آراء المتهمين فيها. 4 نشر تحقيقات لا تأخذ بالاعتبار آراء جميع الأطراف المعنية بمواضيع هذه التحقيقات. وبالنسبة للمؤلفين فإن "لوموند" أصبحت بهذه "السلوكات" تخون الأمانة الصحفية وتخون قراءها. 5 انجرارها إلى أسلوب في العمل الصحفي يجعل من التحقيقات المفجرة للفضائح السياسية والاقتصادية خطا تحريريا أساسيا بحجة الدفاع عن الصالح العام وتتغاضى في نفس الوقت عن ملفات أساسية في الحياة السياسية والاقتصادية الفرنسية. 6 استغلال مدير الجريدة للنفوذ حيث يبين الكتاب أنه زاد من راتبه بشكل صارخ بعد فترة قصيرة من توليه هذه المسؤولية سنة 1994. حيث بلغ حوالي 30 ألف يورو أي زيادة بنسبة 85% بالإضافة إلى الزيادة في التعويضات بمختلف أنواعها. 7 استغلال المدير لموقعه للسفر والسياحة مجانا كما يفعل أصحاب الأموال الطائلة. 8 حصوله على مبالغ مالية نقدا لقاء مشاركته في دورات تكوينية لرجال سياسة حول التعامل مع الصحافة التلفزيونية. 9 قبوله للإقامة بمهرجان كان مع دفع المصاريف من قبل وزير سابق في الوقت الذي يحرم فيه على الصحفيين الآخرين قبول هدايا تفوق قيمتها 70يورو وردها إلى أصحابها. 10 علاقة مشبوهة لإدارة الجريدة "لوموند" مع رجل الأعمال الفرنسي المعروف جون ماري ميسيبه الذي يؤمن صفقات إشهارية مريحة للجريدة. ويكشف هذا الكتاب عن فواتير وهمية ووثائق تشير إلى تسهيلات مالية جنتها جريدة لوموند بعد تدخلات من أصحاب القرار الاقتصادي والسياسي. 11 علاقات سرية مع أجهزة الشرطة ورئيس نقابتها السابق بيرناردو لوبلاس والذي يتهمه الكتاب بأنه كان يأمر بعض رجال الشرطة بالقيام بتحريات لصالح جريدة "لوموند" كما أنه عمل على حصول الجريدة على مجموعة من صفقات الإشهار. ويعتبر كثير من الملاحظين هذا الكتاب ضربة موجهة لسمعة لوموند فرنسيا ودوليا ومحركا للمشهد الإعلامي الفرنسي ومساءلة أدواره في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية ومنذ الأيام الأولى لطرحه في الأكشاك والمكتبات حقق كتاب "وجه لوموند الخفي" رقم مبيعات مهم وذكرت مصادر المؤسسة الناشرة للكتاب أن الطبعة الأولى التي ضمت 60 ألف نسخة على وشك النفاذ. ف. ص (وكالات(
لوموند في سطور تأسست جريدة لوموند في دجنبر 1944من طرف هويبير يوف ميري الذي كان معروفا بصرامته المهنية ودفاعه عن المبدأ القائل "صحيفة متواضعة ماليا وقوية أخلاقيا ترفض مداخيل إشهار قد تتحول إلى أداة ضغط عليها وتهدد استقلاليتها". ومع توالي السنين تحولت جريدة لوموند إلى شركة ضخمة برأسمال كبير، وهي الآن تصدر مجموعة من المطبوعات منها مجلة لوموند ديبلوماتيك الشهرية وأسبوعية لوكوريي أنترناسيونال ومجلات متخصصة كمجلة دفاتر سينمائية، وجميع منشورات شركة لوموند لها حضور قوي في المشهد الإعلامي الفرنسي وتأثير قوي في الرأي العام بهذا البلد وفي نخب عدد من دول العالم الفركفوني. تمت إعادة رأسملة المؤسسة سنة 1995 بعد نقاش طويل حول احتمالات حصول أزمة للمؤسسة في ظل المنافسة المتنامية مع مختلف وسائل الإعلام. وتم إشراك الصحفيين في رأسمال الشركة واعتبرت الخطوة مبادرة للحفاظ على استقلالية المؤسسة. ومن أهم المساهمين جمعية صحفيي لوموند التي تملك 29% من أسهم الشركة وجمعية ميري مؤسس الجريدة 11,17% والمدير الحالي 0% وجمعية قراء لوموند 10,43% وشركة لوموند للمقاولات 10%. وتشغل مؤسسة لوموند أكثر من ألف شخص من بينهم 414 صحفي، وتبيع حاليا حوالي 400 ألف نسخة من جريدة لوموند يوميا.