في تناوله لمفهوم الديقراطية يقدم المؤلف جيورجيو اغامبين كتابا بعنوان «في أية حالة هي الديمقراطية» يعرض فيه خطابات متنوعة حول الديمقراطية في العصر الحاضر- تتسم جميعها بالغموض - ثم يقدم تأريخا للديمقراطية منذ أفلاطون وارسطو، وحتى العصور الحديثة مع التوقف عند الأفكار التي طرحها جان جاك روسو في كتابه الشهير «العقد الاجتماعي». ويؤكد المؤلف في كتابه الصادر حديثا عن دار «لافاباريك» الفرنسية، أن الآراء التي يقدمها في هذا الكتاب متباينة إلى حد التناقض أحيانا، ولكنها تلتقي حول فكرة أساسية مفادها أنه مهما بلغت درجة استعمال كلمة «ديمقراطية»، فإنه لا ينبغي تركها للأعداء ذلك أنها لا تزال تخدم ك»قطب الرحى» الذي تدور حوله منذ أفلاطون، أكثر الآراء عمقا حول مفاهيم السياسة. ويقول المؤلف إنه قبل قرن ونصف القرن طرح المفكر أوغست بلانكي سؤالا مفاده - ماذا يعني أن يكون فلان ديمقراطيا؟ ليثبت أنها كلمة غامضة وعادية، ودون مضمون محدد ومطاطية.. ثم يعرج المؤلف إلى مفهوم الديمقراطية عند الفيلسوف الآن باديو والذي يؤكد أن كلمة «الديمقراطية» ورغم تضاؤل سلطتها يوما بعد يوم تبقى هي «الشعار السائد في المجتمع السياسي المعاصر» ذلك أنه يمكن توجيه كل أشكال النقد حيال المجتمع السياسي وشجب «الرعب الاقتصادي» الذي يثيره، لكن شريطة أن يكون النقد دائما باسم «الديمقراطية» وينقل عن الفيلسوف اليوناني القديم أفلاطون قوله: «إن الديمقراطية هي تنظيم قائد ونموذج دستوري» وينقل عن لينين قوله «إن الديمقراطية ليست سوى صيغة للدولة». ويستعير المؤلف مفهوم ويندي براون أستاذ العلوم السياسية في جامعة «بيركلي» والذي يشرح في مساهمته التي تحمل عنوان «كلنا ديمقراطيون الآن» كيف أن تعبير «الديمقراطية» له دلالة فارغة رغم أن الديمقراطية، تحظى في الظرف الراهن بشعبية لم تعرفها أبدا خلال التاريخ الإنساني كله.. وبالرغم أنها لم تكن أبدا أكثر غموضا مما هي عليه على مستوى المفاهيم، لكن شعبيتها ربما تقوم تحديدا على هذا الغموض، وبالتالي يمكن لكل إنسان أن يحددها كما يشاء وبما يتناسب مع آماله وأحلامه. ويشير المؤلف أخيراً إلى رأي الفيلسوف السلوفيني سلافوج زيزيك والذي تحدث عن الديمقراطية من خلال ماجرى في خريف عام 2007 حينما ثار نقاش كبير في الجمهورية التشيكية، حول نص شبكة رادار أمريكية في البلاد، عندما عارض 70 بالمائة من التشيكيين نصب تلك الشبكة، لكن الحكومة تابعت السير في المشروع، بل ورفضت اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي العام حول مسألة «حساسة» كالدفاع الوطني المناطة حصرا بالخبراء العسكريين.