في أسبوع واحد كرر حزبان مغربيان، على لسان قادتهما، بأنهما «محگوران». في المرة الأولى نشرت الصحافة، على لسان امحند العنصر، الأمين العام لاتحاد الحركات الشعبية، أن حزبه محگور، وقد شعر بهذا الإحساس المهين عند تشكيل الحكومة. ويوم أمس، صرح قيادي من الأصالة والمعاصرة ليومية «الجريدة الأولى» بأن حزبه «خرج إلى المعارضة بسبب الحگرة». كمن يخرج من دار العرس أو من دار الزواج، المشكل هو هذا الارتباط بين المعارضة والحگرة، كما لو أن الذين يمارسون المعارضة لا بد لهم من إحساس بأنهم يعيشون «السخط». أما الرضى فهو في الداخل. إنه شعور شاعري في غاية الطرافة، يجعل السعادة في الداخل، أما في الخارج فالعالم برد أو حر لا يطاقان. من يصدق بأن الأصالة والمعاصرة حزب «محگور»؟ من يصدق ذلك فعلا، بين عشية وضحاها تحول من حزب يحمل المشروع الملكي، إلى حزب «محگور» اضطر، دفاعا عن شرفه وعن كرامته الخروج إلى المعارضة.. هناك أمر نفساني الحزب الذي يوجد في المعارضة يبدو أنه مثل اليتيم في العيد، أو مثل الفقير في مأدبة الكبار أو مثل تلميذ صغير يفرغ فيه الآخرون شقاوتهم، أو يبدو مثل فلاح صغير أمام فيودالي كبير يسحقه، وهو ينظر إلى الحگرة بأسى وبعين دامعة. وربما ستصبح الدموع ذات يوم تأويلا سياسيا وتعبيرا فلسفيا عن الموقف السياسي، ومرحلة متقدمة من المعارضة..! لهذا كان عباس الفاسي، الوزير الأول من ذات المطبخ العاطفي المشوب بالرضى وبالسخط. فقد وجد الفاسي نفسه وهو يتحدث لغة غير لغة السياسة الرسمية، فقد عبر عباس الفاسي عن استغرابه لإنتقال حزب جديد، كان ضمن الأغلبية الحكومية إلى صفوف المعارضة رغم «ترضيته»، وقال في مشهد تلفزيوني مؤثر، يليق بالفعل بالمسلسلات المدبلجة :«حزب جديد، القضاء أنصفه، والحكومة كذلك، ووزير الداخلية أنصفه وترك له الحق في عدم تطبيق الفصل الخامس من قانون الأحزاب، وبذلك استطاع النواب الذين التحقوا بهذا الحزب أن يترشحوا (للإنتخابات الجماعية المقبلة)، وبينما أغلبية الأحزاب تريد تطبيق الفصل الخامس من قانون الأحزاب، ومع ذلك كانت الترضية لهذا الحزب». وأضاف أنه «في الوقت الذي تمت ترضية هذا الحزب، يعلن عن التحاقه بالمعارضة، هذا تشويش. لم أعرف سابقة لا في المغرب ولا في الخارج، حزب يكون في الأغلبية ويلتحق بالمعارضة أثناء الانتخابات. هذا تشويش كذلك». وبالدارجة تدرجت ، فإن الأصالة والمعاصرة أحس بالحگرة، فقرر «قليب اللعب» والخروج إلى المعارضة نكاية في الذين دفعوه إليها، وردا.. ويمكن، في هذا البلد السعيد أن يحس السياسيون بالحگرة، ويعلنونها على الناس، ويقتسمون مع الشعب إحساسهم بالحگرة، فقط لأنهم وجدوا أنفسهم في المعارضة. وحسب هذا البناء الجديد للتبرير السياسي، يمكن أن يخرج إلى المعارضة ردا للحكرة أو يدفع إليها من باب الحگرة. وفي هذا البلد الأمين، سيصبح من السياسة أن تكون عندنا «محاگرة»، عوض المعارضة. محاگرة إسلامية، ومحاگرة دستورية ومحاگرة راديكالية ومحاگرة صامتة وعندما يكون حزب ما مدفوعا إلى المعارضة سنقول إنه حزب «محگور» به، وعندما تصنع له المعارضة سنقول إنه حزب »محگور» له، وهكذا دواليك حتى يبان الحق. الحگرة التي تحولت في الجزائر الى نمط تفكير وتعبير عن الدرجة القصوي في الغضب، وكراهية النظام، دخلت المصطلح السياسي المغربي كدلالة عن عدم الرضى عن ....المعارضة.. تصوروا معي بيد الله وهو ينزوي في المشهد أو أحرضان وهو يعبس في وجه عباس ؟ تصوروا شعبا يقدمون له المعارضة كمرادف للحگرة، كيف سيكون شعاره عن الممارسة؟ تصوروا فقط وابتسموا قليلا..