الأجواء الباردة التي خيمت على مدينة تطوان مساء يوم السبت 28 مارس الجاري هي نفس الأجواء التي سادت داخل القاعة السينمائية إسبانيول المحتضنة لحفل الإفتتاح لمهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط في نسخته الخامسة عشر، وذلك من خلال الحضور الباهث لمتتبعي الفن السابع بالمدينة، مما دفع بالقائمين على المهرجان إلى تمديد موعد الإفتتاح إلى حوالي ساعة عن موعده الرسمي أملا في توافد الجمهور، الشيء الذي فسر من طرف العديد من المراقبين أن المهرجان بدأ يفقد بريقه وإشعاعه الذي عرف به لسنوات خلت، مما زاد من برودة حفل الإفتتاح هو غياب نجوم سنيمائيين مغاربة دأبوا على حضور فعاليات المهرجان، وكذا ضيوف أجانب باستثناء الفنانة المصرية إلهام شاهين التي حلت مكان زميلتها النجمة يسرا لأسباب مجهولة، مما أثار غضب العديد من متتبعي الفن السابع بالمدينة، وذلك على ضوء تصريحاتها الإعلامية بمهرجان وهران بالجزائر الذي نظم في صيف السنة المنصرمة، والتي وصفت من خلالها الشعب المغربي بالشعب المتخلف، كما وصفت الممثل المغربي محمد مفتاح، الذي كان عضوا رفقتها بلجنة التحكيم بذات المهرجان ، بالإرهابي، وأنها ستعمل المستحيل لمنعه من دخول أرض الكنانة، مما خلف ردود فعل قوية من لدن وسائل الإعلام المغربي تجاه هاته التصريحات، واعتبرتها باللامسؤولة. في حين اعتبر الرأي العام السينمائي بتطوان حضورها ضمن فعاليات المهرجان المنظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، خدشا لمشاعر المغاربة والسينمائيين. حفل الإفتتاح الذي أدارت فقراته الإعلامية سناء الزعيم عرف غياب رئيس الجماعة الحضرية لتطوان ورئيس الجهة ومدير المركز السنيمائي المغربي، وهي شخصيات واظبت على هذا الموعد الفني خلال الدورات السابقة. في حين حضره وزير الإتصال الناطق الرسمي بإسم الحكومة خالد الناصري الذي أكد في كلمته الإفتتاحية أن المهرجان أضحى بالفعل موعدا سنيمائيا قارا ومتواصلا وقبلة لعشاق ومهنيي الفن السابع من مختلف أقطار حوض البحر الإبيض المتوسط، مما مكنه من كسب مكانة وموقع متميز ضمن خريطة المهرجانات السنيمائية بالمغرب وحوض المتوسط، كما أشار وزير الإتصال إلى أن الوزارة تدرك جيدا مدى الأهمية التي يكتسيها القطاع السنيمائي في الحقل الثقافي الإجتماعي والإقتصادي بالمغرب، وأنها عازمة على مواصلة الجهود من أجل تطوير صناعة سنيمائية وطنية، من خلال الرفع تدريجيا من صندوق الدعم المقدم للإنتاج الوطني لكي يصل إلى 100 مليون درهم في أفق 2012 ، وتحسين الإطار القانوني والمؤسساتي المنظم لهاته الصناعة، وتأطير منظومة التكوين للأطر عبر إطلاق مشروع تعاضدية لمهنيي السنيما، وهي إجراءات اعتبرها الوزير كفيلة باستقطاب الإنتاجات السنيمائية الضخمة. نبيل بنعبد الله، رئيس مؤسسة المهرجان، أشار في كلمته إلى أنه قدم لتطوان من مدينة يقال أن كل الطرق تؤدي إليها، داعيا إلى تكثيف الجهود لكي تكون كل طرق مبدعي الفن السابع بحوض المتوسط تؤدي سنويا على الأقل، إلى تطوان، المعروفة بمدينة الفنون الجميلة وبالحمامة البيضاء التي ترمز إلى السلام، هذا السلام لا يمكن إرساؤه ما لم تكن هناك إرادة مشتركة لإقتسام التجارب والخبرات وتفاعل الأفكار وتعميق التعارف ونشر قيم الحوار والتعايش والتسامح والإنفتاح على مختلف الحضارات والثقافات.