الحصيلة التي تركتها أول تجربة لنظام وحدة المدينةبالدارالبيضاء، تبقى جد هزيلة ، مما يجعلها غير ناجحة، على الأقل في طبعتها الأولى، لسبب واحد، وهو أنها ابتعدت كثيرا عما جاء من أجله هذا النظام الجديد في تدبير الشأن المحلي لأكبر المدن المغربية! ف«التفويتات» التي تمت لم تستجب لحاجيات وانتظارات عموم البيضاويين. فقطاعا النظافة ، والنقل الحضري على سبيل المثال، لم يكن الواحد منهما في مستوى الساكنة البيضاوية، التي تعاني أكثر من السابق، من خصاص ونقص ملحوظ.. والتقصير والإهمال لم يخص فقط هذه القطاعات، بل عدة قطاعات عرفت تراجعا كبيراً وشللا مميزاً ، إذ أن أحياء وشوارع 16 مقاطعة تقف شاهدة على الوجه الحقيقي للمدينة من ناحية التعبيد و انتشارالحفر وسط الطرق الكبيرة، انقطاعات متتالية في الإنارة العمومية بالعديد من المناطق بالمدينة تساهم في انتشار الجريمة. البنيات التحتية لعدة مصالح عمومية في حالات يرثى لها، أرقام خيالية لمشاريع عديمة المردودية، في غياب تام لكل اهتمام بأنشطة ثقافية ترفيهية، مركبات ثقافية عبارة عن أطلال شامخة رغم أن ميزانيتها كانت مرصودة من جماعاتها سابقا ، «استولت» المدينة في نظامها الجديد عليها، ولم تعرف وِجهتها، ومثال على ذلك، المركب الثقافي بشارع برشيد بمقاطعة عين الشق، وآخر بسيدي معروف بنفس المقاطعة، علما بأن هذه المقاطعة في نظامها القديم تركت فائضاً مالياً مهما غُيرت وجهته! خروقات تنظيمية في التدبير والتسيير أدت إلى عزل مجموعة من المسيرين بهذه المدينة، علما بأن مجموعة أخرى من المسيرين ارتكبت ما هو أخطر وأفظع ولم يشملها العزل! اختلالات مالية في قطاعات حيوية لمصالح جد مهمة، كتلك التي حصلت في مصلحة الجبايات بمقاطعة عين الشق، والتي لها صلة بمصلحة الجبايات بالجماعة الحضرية للدار البيضاء. تحطيم أرقام قياسية في خروقات البناء والتعمير وفي منح رخص السكن ورخص الإصلاح، والمحاكم البيضاوية مملوءة بملفات هذا الموضوع، وهناك من المسؤولين المنتخبين من هو متورط من قدمه الى رأسه، موظفون مازالوا يعيشون على حلم الحصول على سكن عندما انخرطوا في مشاريع سكنية تحت ضمانة الجماعة الحضرية، بعضها مازال حفرة كبيرة وأخرى واجهت عراقيل كبيرة تبخر معها الحلم، ناهيك عن تزايد السكن غير اللائق، والمتمثل في انتشار دور الصفيح عوض العمل على القضاء عليها باعتبارها خليات جد هامة في العملية الانتخابية. البناءات العشوائية التي أصبحت كسياج يحيط بالمدينة من كل جوانبها، والتي تعرف وتشهد اليوم التفاتة من المسؤولين بالوزارات المعنية، أدت التحقيقات الأولية إلى كشف عدة رؤوس كبيرة، في انتظار الكشف عن متورطين جدد في «جرائم» البناء العشوائي بمناطق وجماعات أخرى تفوق لهراويين في هذا الصدد! في خضم كل هذا وذاك، يأتي في الدورة الأخيرة للحساب الاداري رئيس مجلس المدينة بكتاب سماه «مكتسبات للمستقبل» وكأن الدارالبيضاء استفادت من مكتسبات الحاضر؟! إنه هروب إلى الأمام، كما صرح بذلك العديد من المتتبعين للشأن المحلي بالمدينة. إن كتاب ساجد «الأبيض»، والذي أنجز في أكبر المطابع بالرباط ، كلف ميزانية المدينة أكثر من عشرة ملايين من السنتيمات! صحيح أنه من النوع الرفيع وأوراقه جد «نفيسة» بألوان ساطعة وجميلة، لكن مضمونه لا يعكس واقع الدارالبيضاء، وكان من الأجدر أن تستغل تلك الملايين في القضاء على بعض الحفر و«الأخاديد» بالمدينة، أو لدعم بعض المصالح أو لأي شيء، لكن أن تدفع في نسخ كتب لا تعكس الواقع الحقيقي للمدينة، فهذا ما لا يقبل به العقل البيضاوي!