يلعب الإسلام في السنغال دوراً بالغ الأهمية، فهو يوفر المعرفة لكامل مجال التفكير الجماعي. ويفترض العديد من أتباع الحركة النسائية أن الإسلام يشكل عائقاً أمام تحرر المرأة لأن بعض النصوص الدينية تُفسَّر بأساليب تصف المرأة كما لو أنها أقل قيمة! إلا أن دور المرأة في المضمون السنغالي الواسع أكثر تعقيداً مما يعتقده البعض. فدور المرأة في المجتمعات الإسلامية عامة، أصبح مجالا للدراسات منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وذلك بالتزامن مع بداية الصحوة الدينية في السينغال. كانت الحياة في تلك الفترة صعبة جداً بالنسبة للمرأة السنغالية التي ملكت شجاعة لتتحدث عن القرآن الكريم كمصدر للحرية، خاصة عندما كان الوعّاظ في الإذاعات ومحطات التلفزة يتغاضون عن قيام الرجل بضرب زوجته. كانت عبارات معينة في القرآن الكريم تترجم أحياناً بأساليب ليست لصالح المرأة، الأمر الذي أثار نقاشات دينية حول إذعان المرأة وقوامة الرجل وواجبات المرأة في إدارة منزل الأسرة وإنجاب الأطفال وقبول تعدد الزوجات... كأمر لا مناص منه. إضافة إلى ذلك كانت المرأة تعتبر دائماً كما لو أنها إنسان قاصر. إلا أن تصميم المرأة السنغالية على التحرك قدماً، مضافاً إليه ضغط عالمي للحصول على حقوق المرأة، فتح أبواباً لاهتمامات جديدة مثيرة للانتباه. فالمرأة السنغالية اليوم لها مكانة خاصة في الحياة الدينية. كانت المشاركة في الجدل الفكري العام حول المساواة في النوع الاجتماعي في الإسلام، هي الخطوة الأولى لإبراز دور المرأة في المجال الديني العام. ويحيط خلاف واسع بتفسير الآية 34 من سورة 'النساء'، والتي تنص على أن الرجال قوّامون على النساء. ورغم أن كثيرين يشيرون إلى هذه الآية على أنها إثبات على إخضاع الإسلام للمرأة، فإنهم لا يعيرون اهتماماً للتبرير الذي يتلو ذلك، في الآية نفسها، والذي يصف حالة أمر واقع: «بما أنفقوا من أموالهم» لإعالة المرأة. بمعنى أن سلطة الرجال على النساء تعتمد على قدرتهم على توفير احتياجات زوجاتهم. إلا أنه نتيجة لكون المرأة اليوم أكثر قدرة على إعالة نفسها وأطفالها، بل وحتى زوجها، لم يعد هذا الاعتماد يحدد علاقة الرجل بالمرأة. وبالإضافة إلى تفسيراتها الخاصة للنصوص الدينية، أوجدت المرأة السنغالية كذلك مساحة لها في نواحٍ أخرى من الحياة الدينية. ومن الأمثلة على ذلك «سوخنا ماغات ديوب» التي ورثت مسؤوليات والدها كزعيم ديني لطائفة 'المريدين' الصوفية في داكار بعد وفاته في ثمانينيات القرن الماضي. لم تكن تملك الأرض التي كان يفلحها أتباعها فحسب، وإنما قامت بتوفير الإرشاد الديني لهم وقامت بتعيين الأئمة. ومن الأمثلة الأخرى على دينامية المرأة السنغالية المسلمة، الصحفية السابقة 'ناديا مودي غويراندو' التي قامت بتأسيس طائفة صوفية جديدة. أثبتت غويراندو، كما في المجتمعات الدينية الأخرى، الوضع الذي يمكن للمرأة تحقيقه بشكل شرعي في السنغال. وقد بدا من الانتقادات التي أُطلقت حول مهنة غويراندو، في بلد يشكل الإسلام مركز كافة الأنشطة فيه، كما يمثل الإيمان بالأخرويات (مثل البعث والحساب)، جزءاً من الحياة اليومية... كما لو أن نشاط غويراندو هرطقة مجدِّفة لأنها انسلخت عن التقاليد القائلة بأن المرأة محددة فقط بالانتماء إلى الجمعيات ومنظومة الشعائر الدينية. ويعتبر اكتساب السلطة والقوة في المجال الديني في دولة كالسنغال، بل وحتى أداء شعيرة الحج، نقطة انطلاق للمرأة نحو المجال العام. ورغم أنه يجري تثبيط همة المرأة عن المشاركة السياسية، ويتم تهميشها في الأماكن العامة، فقد بدأت بتغيير الوضع السائد من خلال إيجاد وعي بأهمية القضايا الدينية للمرأة وتشجيع الحوار العام حول أدوار المرأة في السنغال والمشاركة في الاحتفالات الدينية. وقد تم حتى الآن تحقيق بعض التقدم، وهذا أمر مشجّع. إلا أن هناك حاجة لمزيد من العمل لإدخال القيم الديمقراطية في العلاقات بين الرجال والنساء. وفي غياب هذه الأمور، يشكل مفهوم المساواة في النوع الاجتماعي وهماً زائفاً. * مؤرخة سنغالية وأستاذة بجامعة شيخ أنتا ديوب في داكار ورئيسة حركة المواطنين عن «كامن غراوند»