من طائرة الهيلوكبتر من نوع «بيما» التابعة للدرك الملكي، التي حلقت بنا فوق سماء مناطق الغرب المنكوبة، من جراء الفيضانات الأخيرة ، كنا لانرى إلا اللون البني، لون الماء الممزوج بالتربة التي كانت تعد ب«الصابا». المياه ، غمرت كل شئ، محت الكثير من معالم منطقة الغرب الفلاحي. المياه المسطحة الممتدة على طول البصر، تؤكد أن انتظار العودة الى اماكن المنازل و«الحطات» سيطول وربما لن يتحقق أبدا ، فلن يغامر أحد بالعودة الى مكان أصبح تحت عين الماء. الارض التي شبعت، وتشبعت بالماء لن تبلع مافوقها من ماء الا بعد شهور. ونحن في الطائرة ،كنا لانرى الا بقايا منازل وبقايا قناطر وطرق ،وهامات اشجار فضلت بالفعل الموت واقفة.فوق سماء بلقصيري كان المشهد مروعا. بحرثالث آخر تشكل ، منازل انمحت، آلاف الاراضي الفلاحية تضررت وتضاريس برزت ،أخاديد عوضت الوديان التي كانت في يوم ما ، منبع الخير وحافزا على التجمعات السكانية ،اليوم ،أصبحت لاترى ،ولاتذكر إلا مقرونة بهول الكوارث التي تسببها.في الغرب ،تشكلت الكثير من الجزر ،مناظر قد تغري العين الا أنها تخفي وراءها الكثير من المرارة .من فوق، رأينا كيف أن بعض السكان حاولوا مقاومة المياه الأولى بحفر خنادق وحفر كبيرة وعميقة ،لكن لاشئ أوقف الطوفان ،ومن يوقف الطوفان ؟ فوق سيدي سليمان،مخلفات الفيضانات مازالت ترى (أوحال تغطي ماتبقى من الشوارع ،غبار يتطاير أثاث منشور فوق السطوح، وفي الاطراف خيام صفراء لمؤسسة محمد الخامس للتضامن). وحدها السدود شكلت الاستثناء من كل هذا ،سدود مملوءة وتفرغ المياه بمقاييس حددت لها .ووحدها السدود خففت من هول الكارثة . وحسب مجيد بنبيبة مدير البحث والتخطيط المائي بكتابة الدولة المكلفة بالماء ،فان السدود لعبت دورا كبيرا في الحد من الخسائرلانها استطاعت أن تستوعب المياه والتي قدرت بملايير الامتار المكعبة والتي لو تجاوزت السدود لأغرقت الكثير من المدن كالقنيطرة وسلا والرباط. وعن حالة السدود أكد بنبيبة بأنها في وضع جيد ،وأنها لم تتأثر بمياه الامطار. وبخصوص التوحل، أفادنا مدير البحث والتخطيط المائي أن ذلك يؤخذ في الحسبان عند بناء كل سد والذي تترك به منطقة ميتة لهذا الغرض،وأن الوحل يدخل دائما في العمر الافتراضي للسدود. وعن حقينة السدود، أضاف بنبيبة بأنه من أصل 127 سدا ،هناك 20 مملوءة عن آخرها،وأنها تحتوي الآن على أكثر من 17 مليار متر مكعب. وهذا سيكون له تأثيره الإيجابي على الفرشة المائية. وبخصوص محدودية الخسائر في الأرواح، أوضح عاشور العامل المسؤول عن الاتصال بوزارة الداخلية والتي نظمت الجولة الاستطلاعية ،بأن العملية الاستباقبة التي تمثلت في إخبار السكان وإجلائهم من المناطق المهددة، أبعدت عن المنطقة كارثة حقيقية في الارواح البشرية: