تابع هذا العام جمهور سينمائي غفير فعاليات الدورة الثامنة عشر لأسبوع الفيلم الأولربي بالرباط، التي انطلقت يوم السبت 24 يناير 2009 بفضاء مسرح محمد الخامس والتي ستعرف عرض 10 أفلام أوربية مميزة، تنتمي لبلدان وجغرافيات وأجناس سينمائية متنوعة: أبرزها فيلم " بين الجدران " لمخرجه الفرنسي لورونت كونتيط، الحائز على جائزة السعفة الذهبية ضمن منافسات مهرجان كان السينمائي الدولي الأخير. حج جمهور كثيف مساء افتتاح الدورة الثامنة عشر، وبحضور خالد الناصري ، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة ، لطيفة أخرباش، كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، ومسؤولي المفوضية الأوربية بالمغرب، وممثلي سفارات الدول بالعاصمة، والمراكز الثقافية، وممثل المركز السسنمائي المغربي، وعدد من السينمائيين والإعلاميين والمهتمين، اعتبر كلود إيريك لوارو أن تنظيم الدورة 18 إنما هو تأكيد على نجاح التظاهرة منذ 1991 ببلادنا، وكذا توفق التظاهرة في التقريب بين الشعوب والحضارات والثقافات، كما اعتبرها إحدى أبرز الرموز الثقافية للشراكة الأورومتوسطية. وعلى امتداد ساعتين وزيادة أمتع المخرج الفرنسي لورونت كونتيط الجمهور المغربي المتنوع الحاضر عبر فيلمه الجميل "بين الجدران"، حيث استطاع هذا العمل السينمائي أن يشد المتلقي وفق إيقاع مختلف، لا ينحو معه المخرج إلى تعنيف أو صدامية أو تكثيف عميق ومطرد للأحداث والمسارات السردية والفضاءات، بل رغم أن الموضوعة تظل واحدة خلال 128 دقيقة، إلا أن أسلوب التناول وقوة الموضوع وتلقائية الشخصيات تجعل المشاهد مطالبا بمعرفة نهاية الإشكاليات المطروحة. ومما لا شك فيه أن جزءا من نجاح الفيلم الجميل "بين الجدران" للمخرج الفرنسي لورونت كونتيط يعود إلى راوية "بين الجدران" الأصل للكاتب الفرنسي فرانسوا بيغودو، غير أن المخرج لوران كونيط نسج عمله، فضلا عن تميز العمل الروائي، بدقة تضاهي قوة العمل الروائي من حيث اختيار شخصيات الفيلم، كذلك من خلال حركة الكاميرا التي تظل طوال الشريط قريبة جدا من المتلقي، عبر لقطات ومشاهد العمل، قريبة قربا خاصا ممزوجا سوسيولوجيا وسيكولوجيا.. استنادا لذلك، ظلت عين الكاميرا لصيقة عن قرب من ملامح الشخصيات، كما استطاعت تلامس أعماق بعض الأبطال. فكشفت ثغرات النظام التربوي بفرنسا، وسلطت الأضواء على معادلة: كيف يمكن لديمقراطية القسم وديمقراطية التدبير الإداري والتربوي أن تنجح في توحيد شتات تلاميذ رغم اختلاف جذور، وتحولهم إلى لون واحد هو حب الانتماء إلى وطن واحد هو وطن المدرسة. يعود بنا المخرج لورات كونتيط عبر فيلمه الرائع إلى أحد إشكالات المجتمع الفرنسي المعاصرة، قضية التربية والتكوين، خاصة لدى أبناء منطقة سكنية تعرف صعوبات اجتماعية شديدة. فرنسوا أستاذ شاب يدرس اللغة الفرنسية في مدرسة حيث المشاكل متعددة، يسعى هذا الأخير جاهدا مواجهة تلميذاته وتلاميذه (خاصة إيسمرالدا، سلميان، كومبا ...). وإذا كنا أحيانا نلامس تداخل الواقعي والوثائقي بمتخيل الفيلم، فلأن هذه التجربة السينمائية تراهن على سرد حقيقي للأحداث، بعيدا عن التنميط أو النمطية. أفلام الدورة الثامنة عشر لفعاليات أسبوع الفيلم الأوربي مستمرة بمسرح محمد الخامس، حيث سيتم عرض أشرطة كل من "السعيد الحظ" للبريطاني مايك لي، "ملك الجبل" للإسباني ك. لوبيز كاليكو، "قصة صيف بولندية" للبولندي أ. جاكيماوسكي، "السماء التاسعة" للألماني أ. دريسن، "غومورا" للإيطالي م. كارون، "أنا الذي خدمت ملك إنجلترا" للتشيكي ج. مانزيل، "صمت لورنا" للبلجيكيين الإخوة دارين، "المرآب" للإرلندي ل. أبراهمنسون، "كريستوف. ك اللغز للبرتغالي م. د. أوليفيرا، مع عرض عدد من الأفلام المغربية القصيرة المتألقة، احتفالا بخمسينية السينما المغربية.