انتظرت مدينة سيدي سليمان عدة عقود لكي تنال حقها الطبيعي في الارتقاء من باشوية إلى عمالة، فبعد أن فاز الجنرال الدليمي على عبد الواحد الراضي، وأقر إحداث عمالة بسيدي قاسم عوض سيدي سليمان، ورغم موت الجنرال فإن الوضع الإداري استمر على ما هو عليه إلى أن تضمن التقسيم الإداري الجديد إحداث عمالة لم يحدد بعد من سيتولى تسييرها. وكان إحداث عمالة بسيدي قاسم قد خلق نقاشاً حاداً في أوساط السكان، ترتب عنه إلحاق سيدي سليمان بالقنيطرة التي تبعد عنها بحوالي 75 كيلومترا عوض إلحاقها بسيدي قاسم التي تبعد عنها بحوالي 30 كيلومترا. غير أن حرص الدليمي على الرقي بالمنطقة التي ينحدر منها كان وراء إنشاء معامل تحويلية كمعمل القطن في سيدي قاسم رغم أن إنتاج القطن كان حينها متمركزاً في سيدي سليمان. والجدير بالذكر أن سيدي سليمان تتوفر على كل مقومات العمالة، سواء من حيث ارتفاع عدد السكان أو التوسع العمراني أو الموقع الجغرافي. إذ تقع في مركز تحيط به كل من مكناس على بعد 60 كيلومترا والقنيطرة على بعد 75 كيلومترا وبلقصيري على بعد يقل عن 50 كيلومترا والخميسات على بعد 60 كيلومترا. وبعد أن اتجهت الخيارات الاستراتيجية نحو الاهتمام بالقطاع الفلاحي، ونحو تسريع وتيرة إنجاز المخطط الأخضر، فإن ما تعرضت له المدينة من تراجع اقتصادي بفعل سوء تدبير أراضي الصوديا والسوجيطا لم يقف عند حدود إغلاق معامل التلفيف والتكييف، وإنما شمل كذلك معمل السكر الذي كان يشغل حوالي 600 عامل بشكل رسمي ومئات العمال الموسميين.فمهمة العامل المنتظر تعيينه ستكون في ذات الوقت سهلة وصعبة، إنها سهلة لأن المنطقة تتوفر على سهول خصبة وتستفيد من برامج توسيع المناطق السقوية ، إذ ساعد إحداث سد الوحدة على توفير الماء بشكل تدريجي إلى السهول المحيطة بها. وبعد أن زادت تخوفات فلاحي سوس ماسة من تبعات ندرة المياه التي تهدد منطقتهم، فإن الأنظار توجهت نحو نقل الزراعات العصرية إلى منطقة الغرب التي تصل فيها نسبة ضياع المياه إلى حوالي 80% وفي هذا مؤشر قوي على أن العمالة المحدثة تتوفر على إمكانيات هائلة لجلب الاستثمارات الضرورية لمواكبة التحول النوعي المرتقب للقطاع الفلاحي، خاصة أن المدينة استفادت مؤخراً من عدة منجزات همت إعادة ترصيف جل الشوارع ووضع قنطرة على خط السكك الحديدية، وإعادة تهييء محطة القطار كما استفادت من قرار بناء محكمة بمواصفات تليق بالمؤسسة القضائية. المهمة صعبة كذلك لأن تراكمات السنوات التي تعرضت فيها المدينة للإهمال رفعت نسبة البطالة إلى مستويات لم يسبق لها مثيل، وبارتفاعها ارتفعت الاتكالية على تحويلات الجالية المغربية المقيمة في الخارج، وبالمقابل ارتفعت حالات الإجرام وانتشرت مختلف الأمراض الاجتماعية خاصة أن كثرة الوافدين على التجارة الداخلية زادت من حدة التنافسية لدرجة أن القطاع عمه الكساد، وصار يقوم في أغلب الحالات على منطق «تضييع الوقت في تجارة غير مربحة خير من الضياع في شارع مليء بالمخاطر والمغريات».