تمكن رئيس المجلس الأعلى للدولة ، في موريتانيا ، الجنرال محمد ولد عبد العزيز من تحقيق مكسب سياسي هام يفتح الباب أمامه واسعا لضمان نجاحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، و المزمع عقد دورتها الأولى في شهر مايو المقبل. فقد كان أول سفر له إلى الخارج منذ الإطاحة في غشت الماضي، بالرئيس السابق، سيدي محمد ولد الشيخ عبد اللهي، إلى قطر للمشاركة في اجتماع الدوحة، مناسبة للتجاوب مع مطلب شعبي يتمثل في إغلاق سفارة إسرائيل في نواكشوط و قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني. الخطوة التي اتخذتها موريتانيا و دولة قطر تتمثل في تعليق العلاقات و ليس قطعها، و بالرغم من ذلك فقد عبرت عدد من الهيآت السياسية الموريتانية عن ارتياحها لهذا الموقف واصفة إياه بالإيجابي. ومن بين هذه الهيآت قوى مناهضة للسلطة الحالية و ذات توجه أصولي. وكان مطلب قطع العلاقات مع إسرائيل قد تصدر شعارات المتظاهرين في كل المسيرات التي نظمت في مختلف أرجاء البلاد، و خاصة في نواكشوط، حيث حصلت مواجهات مع قوى الأمن التي منعت المحتجين من الوصول إلى مقر السفارة الإسرائيلية. كما وجد هدا المطلب تجاوبا أيضا في البرلمان الموريتاني، الذي طالب الحكومة في الاجتماع الذي كان مخصصا للتضامن مع غزة، بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني. وكانت الحكومة الموريتانية قد بدأت في التجاوب مع هذا المطلب عندما استدعت سفيرها في تل أبيب للتشاور، يوم 5 يناير الأخير، كتعبير منها عن احتجاجها لما يحصل في غزة. وقد شكل مطلب قطع العلاقات مع إسرائيل احد القضايا الكبرى التي واجهت الرئيس المطاح به، ولد عبد اللهي، حيث كان قد وعد بإحالة المسألة على البرلمان. غير أنه لم يفعل ذلك أبدا. و كانت نواكشوط قد شهدت عددا من المواجهات بين قوى الأمن و مجموعات إرهابية أصولية، من بينها من استهدف سفارة إسرائيل، حيث هاجم مسلحون مقر السفارة، يوم فاتح فبراير 2008، و جرح أثناء هده العملية ثلاثة مواطنين فرنسيين. و كشفت تحريات الأمن أن المهاجمين كانوا أعدوا أيضا لمهاجمة مقر منزل السفير الإسرائيلي في العاصمة الموريتانية. و قد تبنت هده العملية منظمة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، التي أعلن مؤخرا قائدها، عبد المالك دروكدال، بمناسبة أحدات غزة، أن ضرب الوجود الإسرائيلي في موريتانيا يظل من بين الأهداف الأساسية لمنظمته. و كانت موريتانيا قد أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، سنة 1999، في عهد الرئيس الأسبق، معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، و حافظت على هده العلاقات، رغم الانقلاب الذي حصل سنة 2005 و مازال المجلس الاعلى للسلطة يتعرض الآن لضغوطات قوية من طرف الإدارة الأمريكية، التي لم تعترف بشرعيته، حيث تطالبه بما تسميه إعادة الوضع الدستوري إلى طبيعته. و رغم تنظيم الحكومة الموريتانية الجديدة، للحوار الوطني حول من أجل أقرار نظام دستوري ديمقراطي، و الاتفاق على موعد الانتخابات الرئاسة، و تشكيل لجنة مستقلة للإشراف عليها، إلا أن الدبلوماسيين الأمريكيين هم الوحيدون من بين الغربيين، الذين قاطعوا حفل الاستقبال الذي نظمه الجنرال ولد عبد العزيز، للهيآت الدبلوماسية، بمناسبة رأس السنة الميلادية الجديدة. ومن المنتظر أن تشكل العلاقات مع إسرائيل أحد أهم أوراق الضغط على السلطة الجديدة في هذا البلد.