إن غرفة الجنايات الابتدائية لدى استئنافية الجديدة تصرح علنيا حضوريا وانتهائيا بمؤاخذة المتهم محمد من أجل المنسوب إليه ومعاقبته بسنتين حبسا موقوف التنفيذ وبغرامة نافذة قدرها 500 درهم، مع إشعاره بحقه في طلب الاستئناف في أجل عشرة أيام فمالذي حدث؟ بعد أن رفضت ابتزازه المستمر أقدم على إضرام النار في تبني بينما كان الضابط يتفحص سجل المداومة بمركز أحد أولاد افرج، دخل عليه رجل مسن والعرق يتصبب منه، وقبل أن يبدأ حديثه عن سبب قدومه، جلس أرضا لاسترجاع أنفاسه ، خاصة وأنه في الثمانين من عمره بعد أن ناوله الضابط كأس ماء ،حيث قال .. «إن المشتكى به محمد يعتبر ابني من صلبي وهو خامس اخوته الذي تكفلت به جدته منذ أن بلغ سن الثانية عشر وعند بلوغه سن الرشد، بدأ العمل مع تجار الأسواق الأسبوعية ولحظتها لم يعد يزورني بمقر سكناي. إلا أنه مع مطلع السنة ، قدم في زيارة قصيرة إلى بيت العائلة وطلب مني منحه مبلغا ماليا قصد إنجاز رخصة السياقة، إلا أنني رفضت تحت ذريعة أنه لا يعيش معي، وهو ما لبته جدته حيث أنجز المطلوب، وخلال موسم حصاد 2003، عاد مرة أخرى وطلب مني أن أمنحه قطعة من الأرض الغابوية التي استغلها وتعود ملكيتها لوالدته فرفضت. إلا أنه حاول الاستيلاء على بقرة، وهو ما أدى بي إلى منحه المطلوب، إلا أنه بعد أن قام بجني المطلوب لم يمنحني أي شيء ، وبعد مرور أسابيع على هذا الحادث، عزمت على بيع المكان الذي أستغله في بيع التوابل بالسوق الأسبوعي لأحد أولاد افرج لشريكي، إلا أنه اعترض على ذلك لكن بعد تدخل الجيران قمت بتفويته وأعطيته مبلغ 200 درهم وقبل تاريخ الحادث قمت ببيع بقرة في ملكيتي بمبلغ (13.000) درهم، وبينما كنت أتجول بالسوق، اعترض سبيلي وطلب مني تسليمه مبلغ (10.000) درهم لشراء شاحنة صغيرة، وبعد أخذ ورد وتدخل الجيران مرة أخرى، أكدت له أنه باستطاعتي أن أعطيه (1000) أو (2000) درهم فقط، إلا أنه كان مصرا على منحه مبلغ (10.000 درهم) وإلا فسوف يقوم بإضرام النار في التبن الذي أملكه، وهو ما نفذه حيث أضرم النار في التبن الكائن قرب منزل العائلة عدة مرات، وتدخل مرة أخرى الجيران قصد تنبيه والتمسوا مني أن أمنحه مبلغا ماليا، وهو ما استجبت له حيث قررت أن أمنحه مبلغ (2000 ده)، إلا أنه رفض وأصر على ما طلبه وإلا أضرم النار، إلا أنني قمت بتهديده على أنني سأتقدم بشكاية ضد، فراح الى حال سبيله وبينما كنت متوجها الى مقر درك أولاد افرج، أقدم ابني محمد على إضرام النار في التبن من جديد حتى أتت النار عليه إن والدي رفض إجراء قسمة مبلغ بيع العجل الذي نملكه مناصفة وما هي إلا ساعات معدودة على تقديم هذه الشكاية حتى تقدم محمد من تلقاء نفسه أمام رجال الدرك، حيث أكد أنه لم ينل حظه من التمدرس، حيث ظل يساعد أسرته في الأشغال الفلاحية الى أن بلغ سن الرشد، فتعاطى الى العمل في الأسواق الأسبوعية لدى التجار، ومنذ سنتين خلتا، كان قد وفر مبلغ (4000 ده) اشترى به عجلا تكلف والده بتربيته والعناية به، إلا أن محمد غادر العمل بالأسواق وتحول الى عاطل حيث استغل بداية الأرض الغابوية التي تعود ملكيتها إلى والدته، حيث حصل منها على مبلغ (1400 ده)، إلا أن والده قام في تلك الأثناء ببيع العجل بمبلغ (13.300 ده)، وبما أنه في ملكه، فقد تقدم إلى والده بطلب إجراء قسمة لهذا المبلغ، إلا أنه رفض بشدة منحه أي شيء، وهو ما زاد من غضبه، فبدأ يهدده بإضرام النار في التبن ، لحظتها تدخل الناس وقاموا بتسوية المشكل بينهما، حيث أكد أنه سيمنحه مبلغ (2000 ده) وهو ما أذعن له محمد، إلا أن والده تراجع صباح الغد عن هذا القرار، فتوجه محمد إلى التبن وبواسطة ولاعة أشعل النار في التبن كله ولما أتت النار عليه قدم نفسه أمام العدالة الشهود جميعا أكدوا واقعة الابتزاز والتهديد الدائم الشهود الذين تم الاستماع إليهم أكدوا جميعهم أن محمد يقوم بتهديد والده كلما سمع أنه يتوفر على النقود، أما عن ادعائه أن العجل في ملكيته فلا أساس له من الصحة وأنه يعود الى والدته التي تتوفر على قطيع من الأبقار، وهو ما أكدته الأم والجدة، في حين أفاد الشاهد جابر حول نازلة إضرام النار، أنه خرج ليستطلع الصراخ الذي كان بالقرب من منزل المشتكي عبد القادر، فشاهد لهيب النار يتعالى فتوجه مسرعا لإخمادها. وهو ما قام به مجموعة من السكان، مضيفا أنه شاهد محمد الأبن يصرخ مؤكدا أنه من أضرم النار بعد أن امتنع والده عن منحه مبلغا ماليا المتهم يتشبث بتصريحاته والوالد يتنازل عن الشكاية بعد استكمال البحث، أحيل الملف على النيابة العامة التي استمعت الى المشتبه فيه وتابعته من أجل جناية إضرام النار عمدا طبقا للفصل 581 من القانون الجنائي وأحالته على غرفة الجنايات لمحاكمته طبقا للقانون مع وضعه رهن الاعتقال الاحتياطي وأمامها حيث أحضر من السجن مؤازرا بدفاعه الذي قدم تنازل والده عن الدعوى، وبعد أن تأكد الرئيس من هويته التي جاءت مطابقة لمحضر الشرطة، أشعره بالمنسوب إليه فتشبث بما جاء في تصريحاته لدى الدرك. فيما أكد والده واقعة الابتزاز التي يتعرض لها باستمرار من طرف محمد، إلا أنه أصر على التنازل لفائدته وبعد أن التمس ممثل الادعاء العام الإدانة، التمس دفاعه البراءة لسقوط شكاية المشتكي، وأن الخسائر بسيطة وبعد أن كان المتهم آخر من تكلم، انسحبت الهيئة للمداولة وعادت بعدها لتصدر القرار أعلاه