بدوي مثقف، حاد الذكاء وقوي البنية لدرجة تخوله قمع الآخرين بسهولة. فلاح يحاول التلاعب بأصوله البدوية، بحيث يدعي أنه يتشبث بها، في حين أنه يبتعد عنها قدر الإمكان، فتراه يرتدي زيا شرقيا يخفي تحته بذلة غربية أنيقة. بدوي يترأس مجلس وزرائه وكأنه يدير إحدى التعاونيات الفلاحية. فلاح يعيش وسط الرخام، ويغتسل بمياه تتدفق من صنابير من الذهب، ويمسح شفتيه برفق وكبرياء كلما أخذ رشفة من كوب الخمر. بهذه الصور والمشاهد تنطلق الحلقات الأربع لسلسلة «بيت صدام» (House of Saddam). السلسلة التي حاول من خلالها المخرجان «أليكس هولمز» و«بوتشارد ستيفن» إسقاط نظرتهما وتصورهما الخاصين على شخصية الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، الذي يمثل دوره الممثل الإسرائيلي «إيغال ناعور». وإن أثار اختيار ممثل إسرائيلي لتقمص دور صدام حسين غضب العديدين، الذين رأوا في ذلك مسا بالمبادئ القومية العربية التي ظل صدام متشبثا بها، إلا أن العديد من النقاذ السينمائيين أشادوا بأدائه، وكما جاء في صحيفة «الديلي تلغراف» البريطانية، فإن «الأداء المتميز لناعور في دور الرئيس العراقي يظهره مثيرا للحيرة في ما يتعلق بالشؤون الأسرية وعملاقا في الشؤون السياسية». وأضافت ذات الصحيفة أن «ناعور» يعطي الانطباع بأن صدام كان فعلا على قناعة بسلامة قضيته في مواجهة القوات الأمريكية والبريطانية. أما صحيفة «الغارديان» فقد شبهت «منزل صدام» بسلسلة «ذي سوبرانوس»، التي تحكي عن حياة عائلة من عصابات المافيا الأميركية. ولقد قضى «أليكس هولمز» و«ستيفن بوتشارد» سنتين من البحث والتنقيب في حياة صدام حسين، والتقيا أعضاء سابقين في الحكومة العراقية والعديد من الأشخاص الذين عايشوه عن قرب. لكن تركيز الرجلين كان موجها بالأخص نحو خصوصيات صدام وحياته الخاصة. يقول هولمز: «كان هدفي هو دراسة الطريقة التي حافظ بها صدام على قوته طيلة أربعة وعشرين عاما». ويضيف: «حين أتطلع إلى قصة صدام فإنها تبدو إلى حد كبير مشابهة لمسرحيات شكسبير التاريخية أو أفلام عصابات المافيا، هو والمحيطون به سواء كان ابنه عدي، وزوجته الوفية «ساجدة»، أو ابن عمه غير الوفي «حسين كامل»، ورفاقه الآخرين المخلصين،. إن القصة تبدو بعيدة عن الواقع وقريبة من قصص المآسي التاريخية. إن مسلسل بيت صدام كان فرصة للاقتراب من كل هؤلاء. كما كان فرصة للتمعن في القيم الأخلاقية والسياسية التي تحركهم، قيم مثل الولاء والقوة والشرف والكبرياء، وهي التي قادت صدام للسلطة وفي نفس الوقت سجنته داخلها حتى قادته لنهايته المأساوية». ومن جانبه، اطلع الممثل الإسرائيلي «ناعوم» على العديد من المؤلفات التي تناولت حياة صدام حسين، إضافة إلى السيرة الحياتية لكل من «موسوليني» و«ستالين»، اللذين كان يعتبرهما صدام رمزيه المحبوبين. واختار المخرجان استهلال الحلقتين الأوليين من السلسلة بعبارتين منسوبتين إلى صدام حسين: «أنا أعرف الخائن قبل أن يعرف نفسه» و«القانون هو كل ما أكتبه على قطعة من الورق». ولقد شارك في هذه السلسلة العديد من الممثلين الأجانب والعرب، لعل أبرزهم الممثلة الأمريكية، الإيرانية الأصل، «شهرة أغداسلو» الحاصلة على جائزة أوسكار أفضل ممثلة، والممثل الفرنسي «فيليب آرديتي»، والمغربي سعيد تغماوي، إلى جانب المصري عمرو واكد، والتونسيين هشام رستم ومحمد علي النهدي وشقيقه وليد النهدي.