1 - قام الصديق حميد باجو في بحر ستة أشهر، من 29 يونيو إلى 15 دجنبر 2008، بكتابة مقالين هما في الحقيقة محطتين في كتابة نفس المقال، بل محطتين في مشروع طويل وشاق مشروع التجديد المعرفي لليسار المغربي كما أسماه. يشكل مقال «اليسار و الحاجة إلى التجديد المعرفي» تطورا لافتا للنظر و مثيرا للاهتمام . مع كل ما يمكن أن يُقابله به البعض من عدم اكثرات. شخصيا، أجد أن المقال غاية في الأهمية ليس أساسا بالنظر لمحتواه الفكري و ما جاء به من اتجاهات في هذا المجال، بل لأنه مقال فكري صادر عن فاعل سياسي له موقعه التنظيمي المهم داخل حزب يساري رئيسي بالمغرب.غير خاف هنا أني أولي أهمية كبيرة لحضور البعد و الهم المعرفي عند الفاعل السياسي لما لذلك من أهمية قصوى في تحديد محتوى و وجهة الفعل السياسي ذاته و ما يتيحه من تقليص للأهواء بما هي المكون الطبيعي للفعل السياسي. كما جاء تفاعلي إيجابيا مع المقال لأن هاجس طرح المستوى المعرفي عند الفاعل السياسي كان حاضرا عندي كذلك، على الأقل، منذ المؤتمر السادس للإتحاد الاشتراكي.في ذلك الوقت عند تحضير المؤتمر كنت قد اشتغلت على الورقة التنظيمية، وكنت قد خلصت في المساهمة التي أعددتها إلى أن أزمة اليسار المغربي منذ تأسيسه سنة 1959في جزء كبير منها، أزمة فكرية و معرفية. لكن المؤتمر السادس للاتحاد الاشتراكي لم يكن له أي حظ من النقاش الفكري ، بل ولم يكن له أي هدف فكري . مع كامل الأسف تأكد لي بعد ذلك أن غياب الهاجس المعرفي خاصية تخترق كل الجسم اليساري من خلال ما عايشته في عدة محطات آخرها محطة الحزب الاشتراكي الموحد. محاولة الصديق حميد باجو تتطور من داخل تجربة جديدة على اليسار. يتعلق الأمر من جهة بتحرك الأخ باجو من موقع تنظيمي، ممثلا في «تيار الاشتراكيون الجدد» و من جهة أخرى في إطار جديد يكبر تدريجيا من رحم الواقع ولو بتجريبية: «فضاء الدارالبيضاء للحوار اليساري». هذا الواقع الناشئ يؤشر على أن شيئا حقيقيا قد انطلق و من اللازم دعمه ورعايته. ثقتي كبيرة في أن الاتجاه الذي دشّنه الصديق حميد باجو بمبادرته الفكرية يفتح فضاء جديدا للفعل اليساري باتجاه صحيح و مستمر نحو الاهتمام بالفكر و المعرفة . اطلعت شخصيا على المقالين على الموقع الالكتروني«الحوار المتمدن» بعد ذلك نًشر المقال جزئيا على صفحات جريدة الأحداث المغربية، مما جعل الكثيرين من القراء يطلعون عليه.لكن هل يكفي ذلك لكي يتحقق التطور المنشود ؟ لا أعتقد ، بل لابد من إعطاء المبادرة دفعا مستمرا و إضافة الجديد إليها باستمرار، أول ما يجب الحرس عليه ترك المبادرة ، تتفاعل مع شروطها المعرفية و النظرية بعيدا عن اكراهات التنظيم الحزبي حتى ولو كان فضاء للحوار اليساري. هذا لا يعني تغييب البعد التنظيمي لتطوير المبادرة، بل يقتضي الأمر إيجاد صيغة تضمن فتح النقاش في الموضوع على نطاق واسع.تبدو شبكة الانترنيت الأكثر حظا في التحقق الفوري و مع تطور التجربة ستجد السبل الملائمة لتوسيع وسائل تواصلها مع المحيط.لعل في هذا المقترح بوادر عناصر لصياغة مختلفة لعلاقة السياسي بالثقافي . 2 - من يقرأ مقال اليسار و الحاجة إلى التجديد المعرفي، سيتبادر إلى ذهنه و منذ الوهلة الأولى سؤال عريض، هل في المعرفة العلمية يمين ويسار أم أن التصنيفات داخل المجال المعرفي تخضع لمقولات أخرى و مفاهيم أخرى؟ أعتقد أن الأمر يتعلق بالحالة الثانية و بالضبط بفرع جديد في المعرفة الإبيستملوجيا، على الأقل بالنسبة لليسار المغربي. و ما أن نطرح المسألة بهذه الطريقة حتى يتبين لنا أن اليسار بحاجة إلى دمج هذا الفرع من المعرفة داخل منظومته الفكرية. ماذا نعني بدمج الابيستملوجيا في الفكر اليساري المغربي ؟ فكيف سيتم ذلك؟ و متى ؟ 3 - ما معنى القول بضرورة دمج الابستيملوجيا في المنظومة الفكرية لليسار؟ ينقلنا هذا التحوير في صياغة المسألة التي انطلق منها الصديق باجو «مشروع إعادة البناء المعرفي لليسار» إلى صياغة بشكل مغاير و هو ما سنقوم به بعد قليل. جاء في المقال ما يلي : «عموما يمتح اليسار المغربي أدواته النظرية هاته من مصدرين أساسيين، تراث الحركة الوطنية من جهة وما يحمله من تصورات، سواء عن الوطن أو الدولة أو الثوابت الأخرى المفترض أنها تكون هويتنا، ومن تم كل ما يتعلق بنموذج الصراع السياسي الذي بنى عليه اليسار هويته السياسية.ومن جهة أخرى، تراث الحركة الاشتراكية بشكل عام والماركسية بشكل خاص» كيف يمكن إذن إخضاع هذين المصدرين لقراءة ابستملوجية ؟ يتبع شخصيا، أجد أن المقال غاية في الأهمية ليس أساسا بالنظر لمحتواه الفكري و ما جاء به من اتجاهات في هذا المجال، بل لأنه مقال فكري صادر عن فاعل سياسي له موقعه التنظيمي المهم داخل حزب يساري رئيسي بالمغرب.غير خاف هنا أني أولي أهمية كبيرة لحضور البعد و الهم المعرفي عند الفاعل السياسي لما لذلك من أهمية قصوى في تحديد محتوى و وجهة الفعل السياسي ذاته و ما يتيحه من تقليص للأهواء بما هي المكون الطبيعي للفعل السياسي. كما جاء تفاعلي إيجابيا مع المقال لأن هاجس طرح المستوى المعرفي عند الفاعل السياسي كان حاضرا عندي كذلك، على الأقل، منذ المؤتمر السادس للإتحاد الاشتراكي.في ذلك الوقت عند تحضير المؤتمر كنت قد اشتغلت على الورقة التنظيمية، وكنت قد خلصت في المساهمة التي أعددتها إلى أن أزمة اليسار المغربي منذ تأسيسه سنة 1959في جزء كبير منها، أزمة فكرية و معرفية. لكن المؤتمر السادس للاتحاد الاشتراكي لم يكن له أي حظ من النقاش الفكري ، بل ولم يكن له أي هدف فكري . مع كامل الأسف تأكد لي بعد ذلك أن غياب الهاجس المعرفي خاصية تخترق كل الجسم اليساري من خلال ما عايشته في عدة محطات آخرها محطة الحزب الاشتراكي الموحد. محاولة الصديق حميد باجو تتطور من داخل تجربة جديدة على اليسار. يتعلق الأمر من جهة بتحرك الأخ باجو من موقع تنظيمي، ممثلا في «تيار الاشتراكيون الجدد» و من جهة أخرى في إطار جديد يكبر تدريجيا من رحم الواقع ولو بتجريبية: «فضاء الدارالبيضاء للحوار اليساري». هذا الواقع الناشئ يؤشر على أن شيئا حقيقيا قد انطلق و من اللازم دعمه ورعايته. ثقتي كبيرة في أن الاتجاه الذي دشّنه الصديق حميد باجو بمبادرته الفكرية يفتح فضاء جديدا للفعل اليساري باتجاه صحيح و مستمر نحو الاهتمام بالفكر و المعرفة . اطلعت شخصيا على المقالين على الموقع الالكتروني«الحوار المتمدن» بعد ذلك نًشر المقال جزئيا على صفحات جريدة الأحداث المغربية، مما جعل الكثيرين من القراء يطلعون عليه.لكن هل يكفي ذلك لكي يتحقق التطور المنشود ؟ لا أعتقد ، بل لابد من إعطاء المبادرة دفعا مستمرا و إضافة الجديد إليها باستمرار، أول ما يجب الحرس عليه ترك المبادرة ، تتفاعل مع شروطها المعرفية و النظرية بعيدا عن اكراهات التنظيم الحزبي حتى ولو كان فضاء للحوار اليساري. هذا لا يعني تغييب البعد التنظيمي لتطوير المبادرة، بل يقتضي الأمر إيجاد صيغة تضمن فتح النقاش في الموضوع على نطاق واسع.تبدو شبكة الانترنيت الأكثر حظا في التحقق الفوري و مع تطور التجربة ستجد السبل الملائمة لتوسيع وسائل تواصلها مع المحيط.لعل في هذا المقترح بوادر عناصر لصياغة مختلفة لعلاقة السياسي بالثقافي . 2 - من يقرأ مقال اليسار و الحاجة إلى التجديد المعرفي، سيتبادر إلى ذهنه و منذ الوهلة الأولى سؤال عريض، هل في المعرفة العلمية يمين ويسار أم أن التصنيفات داخل المجال المعرفي تخضع لمقولات أخرى و مفاهيم أخرى؟ أعتقد أن الأمر يتعلق بالحالة الثانية و بالضبط بفرع جديد في المعرفة الإبيستملوجيا، على الأقل بالنسبة لليسار المغربي. و ما أن نطرح المسألة بهذه الطريقة حتى يتبين لنا أن اليسار بحاجة إلى دمج هذا الفرع من المعرفة داخل منظومته الفكرية. ماذا نعني بدمج الابيستملوجيا في الفكر اليساري المغربي ؟ فكيف سيتم ذلك؟ و متى ؟ 3 - ما معنى القول بضرورة دمج الابستيملوجيا في المنظومة الفكرية لليسار؟ ينقلنا هذا التحوير في صياغة المسألة التي انطلق منها الصديق باجو «مشروع إعادة البناء المعرفي لليسار» إلى صياغة بشكل مغاير و هو ما سنقوم به بعد قليل. جاء في المقال ما يلي : «عموما يمتح اليسار المغربي أدواته النظرية هاته من مصدرين أساسيين، تراث الحركة الوطنية من جهة وما يحمله من تصورات، سواء عن الوطن أو الدولة أو الثوابت الأخرى المفترض أنها تكون هويتنا، ومن تم كل ما يتعلق بنموذج الصراع السياسي الذي بنى عليه اليسار هويته السياسية.ومن جهة أخرى، تراث الحركة الاشتراكية بشكل عام والماركسية بشكل خاص» كيف يمكن إذن إخضاع هذين المصدرين لقراءة ابستملوجية ؟ يتبع