غادرنا إبراهيم وابتسامته الحزينة لا تغادر محياه. ولكن قبل أن نودعه، أخبرنا بأن صاحب هذا المطعم يوجد عادة في مطعم آخر، هو الآخر في ملكيته ويقع في نفس شارع العرب. عبرنا مفترق طرق لنجد أنفسنا أمام مطعم يحمل نفس لافتة المطعم السابق. كان واضحا أن هذا هو المطعم الرئيسي، فمدخله كان يبدو أكثر أناقة وتجهيزاته أكثر حداثة، كما أنه كان أوسع مساحة من المطعم الأول. سألنا النادل عن صاحب المطعم، فأشار إلى مائدة تحلق حولها شخصان. ما إن قدمنا لهما أنفسنا حتى غمرتهما السعادة، وما لبثا يحيطوننا بعبارات الترحيب والمودة. ردة فعل طبيعية قد تصدر عن أي مغربي طال مقامه في بلاد الغربة وشده الحنين لكل ما يذكره بوطنه. تعرفنا على أمين، صاحب المطعم، الذي ينحدر من مدينة الناظور. وأخبرنا كيف أنه عندما أتم دراسته في معهد للفندقة بمدينة الرباط، فكر في الانتقال إلى إحدى دول جنوب شرق آسيا للتعريف بالمطبخ المغربي، وكان أن وقع الاختيار على ماليزيا، حيث طاب له المقام بالعاصمة رفقة زوجته التي تساعده على تدبير شؤون المطعم. وخلال فترة هذه الإقامة، نجح في تطوير عمله وفتح مطعما جديدا، كما أنه أضحى يوفر فرصا للشغل لبعض الشباب المغاربة والجزائريين، وحتى بعض الباكستانيين. وفي حديثه عن باقي أفراد الجالية المغربية، كشف أمين عن أن الكفاءات المغربية تثبت وجودها أينما حلت وارتحلت، ففي مدينة «سايبر جايا»، أو وادي السيليكون كما يسميها البعض، القريبة من العاصمة، والتي تحتضن مقرات أكبر الشركات العالمية في مجال المعلوميات، يوجد هناك حوالي عشرة أدمغة مغربية استقطبتها شركة «نوكيا» العالمية من المغرب. كما أن أخبرنا بأن الجالية المغربية بماليزيا سبق أن بادرت إلى تشكيل فيدرالية تجمعها، لكن لأسباب تعود لمشاكل مع السفارة المغربية أدت إلى تجميد أنشطتها. وهنا دلنا على شاب مغربي كان صاحب المبادرة لتأسيس تلك الفيدرالية، والذي اتفقنا معه على موعد للقائه في اليوم التالي. موعد سيكشف لنا خلاله عن بعض الأسباب التي أدت إلى وقف نشاط الفيدرالية وانسحابه منها.