لن تتشكل أية لجنة بقوة وأهمية ووزن اللجنة التي حطت الرحال بالدارالبيضاء يوم الجمعة الأخير، للوقوف على حقيقة استشراء واستفحال واستمرار البناء العشوائي بتراب جهة العاصمة الاقتصادية، في أفق اتخاذ التدابير اللازمة لوقف الزحف الاسمنتي العشوائي، الذي عشش في كل الدروب واستأسد فوق الأراضي الفلاحية ،إضافة إلى مختلف البقع الفارغة، إما على شكل دور سكنية أو «هنكارات»! قوة هذه اللجنة تُمتح من أهمية المناصب والمسؤوليات التي يتحملها الأعضاء المكونون لتشكيلتها ، حيث ضمت وزير العدل ووزير الداخلية ووزير السكنى والتعمير، وكاتب الدولة في الداخلية، والمفتشية العامة للداخلية، و صاحب هؤلاء مسؤولون أمنيون على رأسهم الجنرال حسني بنسليمان، المسؤول الأول عن جهاز الدرك الملكي، والمدير العام للأمن الوطني الشرقي الضريس، والمفتش العام للقوات المساعدة حميدو العنيكري، بالإضافة الى مسؤولين آخرين. تشكيل هذه اللجنة، التي عقدت اجتماعا علنيا بمقر عمالة مديونة وآخر سريا ، تعهد أفرادها بالعمل على وضع حد للبناء العشوائي، وتعقُّب نُشطائه والمتورطين فيه ، كيفما كانت مناصبهم وطبيعة وظائفهم ، مع القيام بإجراءات زجرية ضدهم. هذه الخطوة، جاءت بعد ما حطم «الأسمنت العشوائي» كل الأرقام ، وأصبح عائقا حقيقيا أمام أي استثمار بهذه المدينة، وحجر عثرة في وجه أي تصميم مديري أو تخطيط جغرافي، يراهن على القطع مع أساليب العشوائية والفوضى في التعمير، مما جعل التعامل معه بشكل جدي وصارم ضرورة ملحة تتطلب تضافر جهود كل الادارات المسؤولة، والمعول الآن على هذه اللجنة، لكي تقوم بالدور المنوط بها ، لإنقاذ ما تبقى من أراضي الدارالبيضاء، لأنها إن فشلت، حسب العديد من المتتبعين، فيما تشكلت من أجله، فسنجد أنفسنا ، بدون مبالغة، أمام «مدن وأحياء صناعية » عشوائية جديدة، لن يوقف مدها واتساعها إلا «الأحزمة الحدودية » لمدن أخرى كالجديدة وسطات والرباط و... لأن «عرّابي» هذا المجال ، الذين لم يقيموا للقانون أي اعتبار في الماضي، لن يجدوا أمامهم أي متدخل آخر، يستحق الاعتبار وإدخاله في الحسبان! بل أكثر من هذا، فإن فاقدي الثقة في المسؤولين، والذين عبروا عن ذلك صراحة خلال الانتخابات البرلمانية الاخيرة، حين تركوا صناديق الاقتراع فارغة أمام المراقبين، سيزداد نفورهم وستزداد قناعتهم بأن في هذه البلاد لا شيء يتغير!