تزامنت الذكرى الأولى للزلزال الذي ضرب المغرب الجبلي في ثامن شتنبر من 2023 مع تساقطات الخير والفجيعة في المغرب الجنوبي شبه الصحراوي، يوم 8 شتنبر 2024. كان الأوْلى أن يكون تقدير واقع ما بعد سنة على الزلزال، فرصةً للحقيقة، لقول ما الذي تأكد مما أراده ملك البلاد، الذي قدم في 3 بلاغات ما بين 9 شتنبر و20 شتنبر، خطة عمل متكاملة، أبانت عن وعي حاد ومبكر بما تدمر، بعد وقبل الجدران والبنايات والمنصات … وقول ما لم يتحقق بعد أن ثبت أن الذي تهدم يفوق المباني، ويصل نظاما بيئيا واجتماعيا وهندسة تنموية وتراثية قديمة في الزمان وواسعة في المكان. والحال أن هذا ليس هو ما نستشفه من المعالجة السياسية، ومن تقديمها عبر الخطاب الحكومي:(ولعله صار من التدقيق والدقة أن نفصل بين الخطاب الرسمي والخطاب الحكومي!)… وملخص ما سبق في تقييم مغرب الكارثة، هو القول بأن: الفاجعة تكون جهاز كشف متطور في يد الحقيقة… وفي حالة تساقطات ليلة 8 شتنبر الجاري، يظهر مغرب لم يكن في حسبان الصورة العامة: لم تلتقطه الكاميرا دائما، ولم يتعرف على ملامحه مصورو بطاقات التهنئة البريدية.. "الكارت بوسطال"، ولا كان رهان لوبيات العقار، ولا قوة حاسمة في مراكمة الثروة ولا عنصر تأثيث في النرجسيات السياسية المهيمنة! مغرب يبدو كما لو أن الأمطار كشفت عنه، كما يكشف سيل جارف عن أنقاض أركيولوجية، مغرب مطمور سياسيا وتنمويا، يتعرض سكانه إلى الانجراف مع التربة التي ولدوا معها وقدسوها حتى دفنوا معها في الغمر! وهنا كان المصاب القدري، بدوره، كاشفا للكذب الجماعي، الحكومي ومنه غير الحكومي، كما في إخفاء حقيقة الآثار والسياسة في التعامل مع واقع مخلفات زلزال الحوز، كان "التقية" المتعمدة في دفن هذا المغرب بعيدا عن القرارات الحاسمة… الذي تكشف عنه الفاجعة، هو أن هناك مغربا "محكوما عن بعد"! مغرب نحكمه بأقل كلفة ممكنة! مغرب تبدو السياسة كما لو أنها فوضت أمر تدبيره إلى الكائنات السياسية والإدارية الخاصة… مغرب يعتبر الأمطار وإن قتلت أبناءه وهددت بيوته، فيها رد اعتبار وعدل من السماء، أعادت له مياهه التي سرقوها من جوف الأرض ليحولوها إلى ذهب من فاكهة وحَب . هذا المغرب الجنوبي الشامل ! والمغرب الجبلي الكُلِّي… وسرقوا بعضا من أيامه الماضية الجميلة وسرقوا بعضا من مستقبله وسرقوا..صوته، ومنحوه أصواتا لا تنطق بالحقيقة التي تخفيها الشمس طوال الجفاف وتكشفها الأمطار في ساعة زلزال أو ساعة تساقطات… هي ساعة لتساقط الأقنعة عن طريقتنا في تنخيب المناطق المنكوبة في ساعة البناء السياسي والديموقراطي، ساعة لا ريب فيها! وساعة ليكون الحل قبل التساقطات وبعدها… كشفت الفجائع الطبيعية أن المغرب الذي يجيد تدبير الاستعجال والتفاعل الصارم مع حيثياته الفاجعة، هو المغرب الذي يفشل في التدبير الطويل المدى، عندما يتعلق الأمر بالثقافة السياسية العادية! مغرب تتنازعه إرادات متنافرة: إرادة الحقيقة وإرادة الزيف الديموقراطي. مغرب الإرادات المتحررة من الحسابات السياسية وتدبير الطموحات الفردية والذاتية ومغرب السياسة الحقيقية، وهي ليست سوى سياسة الحقيقة!على حد قول الشهيد المهدي بنبركة. وكلما زلزلت الأرض أو انهمرت السماء تذكَّرْنا الشهداء! وعليه نعتقد بأن الزلزال السياسي ما زال هو الحل!