مما لا شك فيه أن علاقة الإنسان بالحيوان من العلاقات الضاربة في عمق التاريخ فقد استخدمها و استشعر قيمتها منذ حينه وهي علاقة متبادلة من حيت المنفعة فهو يطعمها و يعتني بها من جهة وهي ترد له الصنيع بالمثل فهي تحرسه و تأنسه. غير أن هذه العلاقة ستأخد بعد اخر بعد ما عرفته المجتمعات البشرية منذ التورة الصناعية مع بداية القرن التاسع عشر و ما عرفته الحياة الإنسانية الرأس مالية من تكلف وتعقد٫ فقد أصبحت خيارا لدى الكثير من الناس وقد أثبتت العديد من الدراسات التي أجراها علماء النفس و الاجتماع على قدرة الحيوانات الأليفة على تقديم الدعم النفسي والصحي والاجتماعي لأصحابها، فهي قادرة على تأمين الصحبة و الرفقة والشعور بالتواصل الحميم، خصوصًا لمن يجد صعوبة في التعامل مع البشر وتؤثر بشكل علاجي على الجهاز العصبي وعلى النشاط العام للجسم ومقدرته على مقاومة الأمراض. كما، أثبتت الفحوصات الشعاعيّة المتطوّرة، أن دماغ الإنسان يمتلك خلايا عصبيّة متخصّصة بمراقبة حياة الحيوان. وهذه الخلايا موجودة، بحسب فريق مجلّة العلوم الأميركية «Mind»، في منطقة اللّوزة الدماغية «Amygdala»، الخاصة بالمشاعر، وهي منطقة تستجيب بسرعة لصورة الحيوان. كما تمّ العثور على قاعدة عصبيّة مهمّتها تسجيل الانفعالات العاطفية التي تولّدها رؤية الحيوانات الأليفة.وقد تبين أن هذه الانفعالات، ، تشبه إلى حد بعيد تلك التي تولّدها رؤية الأطفال، من ناحية براءة النظرة، بالإضافة إلى ردّات الفعل العفوية التي تصدر عنها. و بالتالي فالحيونات الاليفة تساهم بشكل كبير في تحقق الراحة و الصحة النفسيّة. التطور التاريخي للعلاج بدأ هذا النوع من العلاج في أواخر القرن التاسع عشر، عندما أصبحت تربية الحيوانات ممارسة شائعة في المؤسسات العقلية في أوروبا، ويشير عالم النفس, ألديريدج 1991 (Allderidge) إلى أن استعمال الحيوانات ظهر في مؤسسات الرعاية النفسية في الولاياتالمتحدة عام 1919 عبر دمج الكلاب في علاج المرضى النفسيين داخل مستشفى سانت إليزابيث في واشنطن، إلا أن هذه الممارسات لم تحظى بشعبية كبيرة وسط علماء النفس حتى أواخر 1960 ، وذلك عندما استعمل الطبيب النفسي بوريس ليفنسون كلبه في جلسات العلاج مع المرضى، وقدم ليفنسون ورقة عمل بعنوان : الكلب كمعالج مشارك التي أشار فيها إلى نتائج مهمة، تتمثل بأن ،لتربية الكلاب أثرا دالا على تخفيف مشاعر الاكتئاب،ومنذ ذلك الحين اكتسبت هذا النوع من العلاج إعتراف العديد من المؤسسات النفسية ضمن مجالات العلاج النفسي، ودعا ليفينسون إلى استعمال هذا النوع من العلاج مع الأطفال بوجه خاص ، لأن الحيوان رفيق يساعد على تنمية الأنا ويجعل الأطفال يشعرون بالأمن العاطفي .(1) كيف تؤتر و إلى أي حّد تفيد الحيوانات أصحابها؟ توجد دراسات تأكد أن العلاقة مع مطلق حيوان يترّبى داخل المنزل، تعتبر مفيدة والدليل أن معظم الذين يعتنون بهذه الحيوانات، يعترفون بأهميّتها لناحية تأمين الرفقة والشعور بالتواصل الحميم. وفي الواقع إن العلاقة التي تربط الإنسان بالحيوان تشبه إلى حدٍ بعيد تلك التي تربطه بسائر البشر. وهذا يعني أن الحيوان يملأ الفراغ العاطفي لدى الإنسان في جميع مراحل حياته.، فقد ثبت أنه يعود عليه بفوائد لا تحصى على الصعيدين الصحي والنفسي، وذلك وفق أكثر من دراسة جاءت نتائجها حاسمة لجهة تأكيد هذه النظّرية. فمثلاً، عرف أن مجموعة من الأطفال المنسحبة إجتماعيًا تمكّنت بعد أشهر من رفقة الكلاب والتعاطف معها من الكلام والتعبير والتواصل. كذلك أمنّت رفقة الكلاب الحميمة مجالاً لتعافي الكثيرين ممّن تعرّضوا لنوبات قلبية أو دماغيّة. وهذا يدل، كما تؤكد المراجع الطبيّة والعلميّة أن الكلاب وسواها من الحيوانات الأليفة، قادرة على تخفيف التوّتر المرافق للمرض، وتأمين سرعة الشفاء. أما من الناحية النفسية فقد عرف أن معظم أصحاب الحيوانات الأليفة يقتنونها لهذا الغرض. كما تبيّن كذلك من خلال الفحوصات المخبريّة، أن هرمون الكورتيزول الذي يفرزه الدماغ أثناء التوّتر، ينخفض بمعدل ملحوظ لدى أصحاب الحيوانات الأليفة. وهؤلاء كما ثبت، يحتفظون بنسب مرتفعة لهرمون الأوكسيتوسين، وهو الهرمون الذي يؤمن الترابط العاطفي ويحافظ على العلاقات الحميمة. أما بالنسبة للأطفال الذين يترّبون برفقة الحيوانات الأليفة، فيبدون أقل قلقًا وخوفًا من سواهم، الأمر الذي ينعكس لاحقًا على صحّتهم الجسديّة. كما يشير الإختصاصيون، إلى أن الحيوان يؤمن الراحة النفسيّة، وخصوصًا لمن يجد صعوبة في التعامل مع البشر. كيف تعزّز تربية الحيوانات الأليفة قدراتك العقلية؟ خلصت الدكتورة تيفاني برايلي، عالمة المناعة العصبية السريرية، وأستاذة علم الأعصاب المساعدة في جامعة ميتشيغان الأمريكية لCNN، في دراسة لها أن امتلاك حيوانات أليفة منزلية لمدة خمس سنوات أو أكثر له فائدة أكبر، إذ أدّى إلى تأخير التدهور المعرفي بمقدار 1.2 نقطة، خلال مرحلة الدراسة التي امتدّت على ست سنوات، مقارنة مع معدل التراجع الملموس لدى الأشخاص الذين لم يستأنسوا بحيوانات أليفة. وأضافت برايلي، المؤّلفة الأبرز في الدراسة، أنّ "هذه النتائج تقدم أدلة مبكرة تشي بأنّ مرافقة الحيوانات الأليفة على المدى الطويل يمكن أن تحمي من التدهور المعرفي". معالجة الأمراض النفسية بالتقرب من حيوان أليف تشير العديد من الاختبارات الاختصاصية في الطب النفسي إن هناك علاقة نفسية تنشأ بين هذه الحيوانات وبين الإنسان، خاصة لو أطعمها بشكل دوري واقترب منها، حيث يعمل الحيوان على تغيير الحالة النفسية للإنسان بمجرد أن يقترب منه أو يلامسه. و أن بعض الأمراض النفسية التي تصيب اللإنسان من الممكن أن يعالجها التقرب من حيوان أليف خاصة إذا ارتبط به منذ الصغر، لأنه سيشعر بالأمان معه وبالتالي سيبادله هذا الحيوان الشعور نفسه بأشكال مختلفة ويلعب أمامه أو يقترب منه ويرغب في أن يحمله. أما عن الهوس بتربيتها، فهذا أمر طبيعي، لأن الإنسان يتعلق بها لدرجة أنه من الممكن أن يجعلها تنام إلى جواره، وهذا في الغالب يكون عند الأشخاص أصحاب الطبيعة الهادئة والرومانسية، وبالتالي يقترب من الحيوان الذي يربيه ولا يستطيع أن يفارقه خرخرة القطط يمكن لقضاء بعض الوقت برفقة القطط أن يحفز إطلاق هرمون الأوكسيتوسين أو ما يسمى بهرمون الحب في دماغنا الذي يساهم في الشعور بالاسترخاء والثقة والرغبة في الاحتضان والعناق، مثلما يحدث عندما نقع في حب شريكنا. ويعتبر صوت خرخرة القطة الذي يكون في نطاق 20-140 هرتز علاجا طبيًا للأمراض التي تصيب البشر.وتفيد الخرخرة في التقلل من الإجهاد ويمكنها أيضًا أن تساعد في التقليل من صعوبات التنفس، وخفض ضغط الدم، وتقديم الرفقة وإزالة الألم، كما تؤثر بشكل إيجابي على آثار التوتر والقلق. قد يكون من الصعب فهم أو إضفاء الشرعية على الآثار الإيجابية على الصحة العقلية التي يمكن أن تقدمها القطط، لكن الدراسات أظهرت وأثبتت أن الآثار الجسدية حقيقية. عيوب العلاج بمساعدة الحيوان يعاني هذا النوع من العلاج بعض العيوب ، واهمها: عدم وجود مجموعة ضابطة غير علاجية، عدم توفر مستويات كافية لتأثير المتغير المستقبل في التجارب العلاجية، لا توجد اجراءات موحدة وثابتة للاجراءات العلاجية، عدم توفر دراسة متابعة طويلة الامد على المرضى بعد الشفاء، الاعتماد على التقارير الذاتية بدلا من الاجراءات الموضوعية في مناهج البحث، تحتاج هذه البحوث إلى التمييز بين الفوائد الترفيهية لتعامل المريض مع الحيوانات عن العلاجات المؤثرة والطويلة الامد فضلا عن ذلك تظهر عيوب هذا العلاج في عدم ملائمته مع بعض المرضى، إذ ليس جميع الافراد يحبون الحيوانات، وأن بعضهم غير قادر على رعايتها وتربيتها، ومن الممكن أن يشكلون عاملا مهددا على حياتها، كذلك إن شراء حيوان معين وتربيته مكلف على بعض المرضى، ويحتاج إلى المال والوقت والجهد، مما تؤدي هذه العواقب إلى صعوبة استعمال هذا العلاج بصورة مستمرة مع جميع الأفراد.(2)