استقبل وزير الخارجية المغربي المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا في إطار جولة يقوم بها قادته إلى عدة دول، وهي الجولة التي كانت قد أثارت الكثير من الملاحظات خاصة أنها شملت دولة جنوب إفريقيا أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها هي نفسها لها طرح معادي للمسار السلمي الأممي، و معادي لستافان دي ميستورا نفسه بسبب المواقف التي سبق أن أعلنت عنها بعد صدور قرار مجلس الأمن عدد 2703، وهي الجولة التي قادته إلى المغرب ليستمع إلى الملاحظات المغربية قبل تقديم إحاطته لمجلس الأمن في 16 أبريل 2024 بموجب قرار مجلس الأمن السالف ذكره الذي ألزمه بتقديم تقريره لمجلس الأمن بعد مرور ستة أشهر على تجديد الثقة فيه كمبعوث أممي لتقديم إحاطته حول مدى تقدم العملية السياسية وفقاً لقرارات مجلس الأمن، كما أن رئيس بعثة المينورسو يقدم تقريره حول الوضع الأمني بالمنطقة وعمل بعثة المينورسو في ظل التحديات الأمنية التي أصبحت مطروحة عليها بسبب ما تعيشه المنطقة من تهديدات إرهابية لتنظيمات دينية متطرفة على رأسها داعش التي استطاعت أياديها الملطخة بدماء الأبرياء أن تصل إلى قلب روسيا. وزير الخارجية المغربي لابد وأن يكون استحضر كل هذه السياقات الأمنية والدولية، وهو يستقبل ستافان ديمستورا من أجل نقل وجهة نظر المغرب حول العملية السياسية، وهي وجهة نظر تجد سندها في خطابات الملك خاصة تلك التي أكد فيها على الثوابت المغربية في علاقة المغرب بهذا النزاع المفتعل، وهي ثوابت تستند إلى الحقوق التاريخية والشرعية للمغرب في صحرائه غير القابلة لأي تصرف، وعلى شرعية مرتكزة على قرارات مجلس الأمن التي تبنت وجهة نظر المغرب واعتمدت مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد لطي هذا الملف، ومرتكزة على كل التقدم المحرز في المنطقة سواء على مستوى الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، أو من خلال افتتاح قنصليات أمريكية بالصحراء، أو كذلك من خلال الاستثمارات التنموية الكبيرة التي قام بها المغرب في هذه الأقاليم، وهي استثمارات أحدثت صورة تنموية بالمنطقة. هذه المرجعية التي ارتكزت عليها الخارجية المغربية وهي ترفع لاءاتها الثلاث في "وجه" دي ميستورا، هي مرتكزات لا تعكس فقط قوة الموقف المغربي، بل أيضا تؤكد على كون ملف الصحراء عملياً أصبح محسوماً، ويحتاج فقط إلى شجاعة سياسية من طرف الأممالمتحدة مادام أن مختلف أجهزتها قد أقرت بكون المبادرة المغربية هي الحل الوحيد لطي الملف بعد أن قامت بإقبار " استفتاء تقرير المصير" باعتباره حلاً غير واقعي، ولا يستجيب للمعايير التي وضعتها الأممالمتحدة لإنهاء هذا الملف، من هنا ينطلق المغرب وهو يتوجه للمبعوث الأممي من منطلق الشرعية الدولية والمشروعية التاريخية، هما معاً يشكلان عنصر قوة سياسي داعم للمبادرة المغربية، ومتبني للحكم الذاتي كحل وحيد. الخارجية المغربية رفعت لاءاتها الثلاث، وهي لاءات يمكن تقديمها بالشكل التالي: لا مباحثات سياسية خارج الموائد المستديرة باعتبارها الشكل الذي حددته الأممالمتحدة منذ المبعوث السابق لحلحلة الملف، وهي الموائد التي على أساسها انطلقت عليها لقاءات جنيف الأولى والثانية، بطرفيها الرئيسيين المغرب والجزائري ثم موريتانيا وتنظيم مليشيات البوليساريو. لا حل خارج مبادرة الحكم الذاتي، وهي المبادرة التي أصبحت منذ سنة 2018 والأممالمتحدة تعتبرها الحل الوحيد لطي الملف سواء من خلال إسقاط مقترح "استفتاء تقرير المصير" أو من خلال تبني المعايير السياسية لهذا المخطط الذي وضعه المغرب للأمم المتحدة الذي على أساسه سيتم طي الملف. لا نقاش مع تنظيم مليشياتي مسلح، يهدد المنطقة وله ارتباطات مع تنظيمات إرهابية على رأسها داعش، خاصة وأن هذا التنظيم سبق له أن أعلن أنه خارج اتفاق وقف إطلاق النار، وهو قرار بمثابة إعلان الحرب على الأممالمتحدة، كما أن تحركاته في المنطقة تعيق عمل ومهمة بعثة المينورسو، مما يجعله تنظيما خارج العملية السياسية ولا يمكن أن يكون جزءاً من أية عملية سياسية، وهو بهذه المواصفات الإرهابية. هذه اللاءات الثلاث التي رفعتها الخارجية المغربية هي تعبير عن موقف مغربي واضح، سبق للملك أن أكد عليه غير ما مرة خاصة على مستوى " ألا حل خارج مبادرة الحكم الذاتي"، وهو التأكيد المنسجم مع تطور العملية السياسية وقرارات مجلس الأمن، هنا لابد من فتح قوس حول ديميستورا، هذا الأخير هو من فتح المجال أمام المغرب ليرفع لاءاته في وجهه، بسبب التحركات التي يقوم بها وبسبب عدم قدرته على فرض تطبيق الحل السياسي كما صدر عن مجلس الأمن "قرار2703″، وعدم قدرته على العودة إلى حيث انتهت مباحثات جنيف في شوطيها.