سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
استئناف جولات الحوار الاجتماعي على صفيح ساخن : الحكومة تسعى إلى تمرير قانون الإضراب ورفع سن التقاعد والنقابات متشبثة بالزيادة العامة في الأجور وخفض ضريبة الدخل
على صفيح ساخن تستأنف غدا الثلاثاء بالرباط، جولة جديدة من الحوار الاجتماعي بين الحكومة والمركزيات النقابية، في سياق اجتماعي تدهورت فيه الأوضاع المادية لشرائح واسعة من المغاربة وفي مناخ مطبوع بالإضرابات التي اشتعلت نيرانها في العديد من القطاعات (التعليم، الصحة، العدل والتشغيل…). ويأتي استئناف مسلسل الحوار بعد توقف اضطراري دام شهورا عديدة، حيث كان من المفروض أن تجلس الحكومة مع النقابات في شهر شتنبر من العام الماضي، لكن تزامن الاجتماعات مع حادثة الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد، دفع رئيس الحكومة إلى طلب تأجيل الحوار. الحوار الاجتماعي يأتي أيضا في سياق اجتماعي واقتصادي جد صعب، تأثرت فيه القدرة الشرائية للمغاربة بشكل غير مسبوق بسبب ارتفاع معدلات التضخم منذ العام الماضي إلى مستويات قياسية (12.5 %) ما جعل تكاليف المعيشة لا تطاق من قبل شرائح واسعة من المجتمع التي وجدت نفسها دون حماية أمام موجة الغلاء الفاحش التي مازالت تضرب جيوب المواطنين للعام الثاني على التوالي، في وقت عجزت الحكومة عن كبح جماح فورة الأسعار في المواد الاستهلاكية الضرورية، على الرغم من حزمة التدابير التي أطلقتها دون جدوى. كما عجزت عن تحريك عجلة الاقتصاد وعن امتصاص جيوش العاطلين الذين فاق تعدادهم هذا العام 1.3 مليون عاطل… وبينما تسعى الحكومة اليوم إلى تمرير مشروع القانون التنظيمي لممارسة حق الإضراب، ومشروع القانون الخاص بالمنظمات النقابية، وتعديل مدونة الشغل، والرفع من سن التقاعد وتخفيض المعاشات والزيادة في نسبة الاقتطاع، تتشبث النقابات من جهتها بمطلب تحسين الوضعية المادية للموظفات والموظفين، مقترحة زيادة 1000 درهم صافية في أجور الموظفين والمستخدمين بالقطاع العام، مع الرفع من الحد الأدنى للأجور (السميك) إلى 4000 درهم ومراجعة أشطر الضريبة على الدخل وإحداث درجات جديدة للترقي، وضمان احترام الحريات النقابية وتفعيل ميثاق مأسسة الحوار الاجتماعي، وحل النزاعات الاجتماعية. وتنتظر النقابات من الحوار الاجتماعي الانكباب على معالجة القضايا الكبرى التي تتطلب نقاشا معمقا، خصوصا منها، القانون التنظيمي للإضراب، حيث تسعى الحكومة بضغط من الباطرونا إلى ضرب كل التراكمات التي تمت من خلال النقاش في هذا الموضوع، كذلك يشكل قانون النقابات، أحد الملفات القديمة التي مازالت تراوح مكانها، بسبب عرقلة واضحة لكي لا يخرج إلى حيز الوجود، إذ في غيابه يبقى الحقل الوحيد البعيد عن المأسسة، وفي غياب النية الصادقة لإخراجه إلى الوجود، سيبقى المشهد النقابي على حاله. غير أن المعضلة الكبرى تكمن في القدرة الشرائية للمواطنين بصفة عامة والشغيلة المغربية بصفة خاصة، التي عرفت تدهورا كبيرا، وتتحجج الحكومة بالزيادة الأخيرة، متجاهلة أن هذه الزيادة لم تكتمل بعد، فضلا عن كونها تهم فئة معينة، ومع ذلك تبقى متواضعة، في حين أن معظم المأجورين يعانون كثيرا، خصوصا بين فئات الطبقة المتوسطة الآخذة في التآكل يوما عن يوم، وهو ما يدعو الحكومة إلى إقرار زيادة عامة في الأجور سواء في القطاع الخاص أو القطاع العام . من الملفات الأخرى التي ينتظر المغاربة الانكباب عليها، هناك ملف إصلاح أنظمة التقاعد، الذي يراوح مكانه منذ حكومة إدريس جطو، والنتيجة هي خطر الإفلاس الذي يهدد عددا من الصناديق ومعه معاشات ملايين المغاربة.