الملك يأمر بنقل رئيس جماعة أصيلة إلى المستشفى العسكري بعد تدهور حالته الصحية    السعودية تطلق أول مدينة صناعية مخصصة لتصنيع وصيانة الطائرات في جدة    الصين: "بي إم دبليو" تبدأ الإنتاج الضخم لبطاريات الجيل السادس للمركبات الكهربائية في 2026    غوتيريش: وقف إطلاق النار في غزة "هش" وعلينا تجنب تجدد الأعمال القتالية بأي ثمن    اتحاد طنجة يسقط أمام نهضة الزمامرة بثنائية نظيفة ويواصل تراجعه في الترتيب    طقس بارد نسبيا في توقعات اليوم الإثنين    بنسليمان.. إطلاق الرصاص لتوقيف مسن هاجم الشرطة بسكين لتمكين إبنه المتورط في تجارة المخدرات من الفرار    الداخلة تحتضن مشروعًا صحيًا ضخمًا: انطلاق أشغال بناء المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بسعة 300 سرير    الوزير يدعم المغرب في الحفاظ على مكسب رئاسة الكونفدرالية الإفريقية للمصارعة وانطلاقة مشروع دراسة ورياضة وفق أفق ومنظور مستقبلي جديدة    آزمور.. مولود نقابي جديد يعزز صفوف المنظمة الديمقراطية للشغل    غياب الإنارة العمومية قرب ابن خلدون بالجديدة يثير استياء وسط السكان    قاضي التحقيق بالجديدة يباشر تحقيقًا مع عدلين في قضية استيلاء على عقار بجماعة مولاي عبد الله    مناقشة أول أطروحة تتناول موضوع عقلنة التعددية الحزبية في المغرب بجامعة شعيب الدكالي    وفد برلماني فرنسي يزور العيون    نقابة UMT تختم المؤتمر الوطني    الأمن يوقف عصابة في الدار البيضاء    حكيمي يهدي هدفين إلى الباريسيين    قطار يدهس رجل مجهول الهوية بفاس    نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي يدعو إلى قتل الفلسطينيين البالغين بغزة    انتخاب محمد انهناه كاتبا لحزب التقدم والاشتراكية بالحسيمة    صدمة كبرى.. زيدان يعود إلى التدريب ولكن بعيدًا عن ريال مدريد … !    بدء أشغال المؤتمر السابع للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية بالقاهرة بمشاركة المغرب    اختيار المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس يعكس جودة التعاون الثنائي (وزيرة الفلاحة الفرنسية)    حديقة المغرب الملكية في اليابان: رمز للثقافة والروابط العميقة بين البلدين    ألمانيا.. فوز المحافظين بالانتخابات التشريعية واليمين المتطرف يحقق اختراقا "تاريخيا"    الملك محمد السادس يهنئ سلطان بروناي دار السلام بمناسبة العيد الوطني لبلاده    نجوم الفن والإعلام يحتفون بالفيلم المغربي 'البطل' في دبي    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    الإمارات تكرم العمل الجمعوي بالمغرب .. وحاكم دبي يشجع "صناعة الأمل"    إسرائيل تنشر فيديو اغتيال نصر الله    الكاتب بوعلام صنصال يبدأ إضرابًا مفتوحا عن الطعام احتجاجًا على سجنه في الجزائر.. ودعوات للإفراج الفوري عنه    هذه هي تشكيلة الجيش الملكي لمواجهة الرجاء في "الكلاسيكو"    لقاء تواصلي بمدينة تاونات يناقش إكراهات قانون المالية 2025    مودريتش وفينيسيوس يقودان ريال مدريد لإسقاط جيرونا    تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس : الجمعية المغربية للصحافة الرياضية تنظم المؤتمر 87 للإتحاد الدولي للصحافة الرياضية    رسالة مفتوحة إلى عبد السلام أحيزون    طنجة تتصدر مقاييس التساقطات المطرية المسلجة خلال يوم واحد.. وهذه توقعات الإثنين    المغرب في الصدارة مغاربيا و ضمن 50 دولة الأكثر تأثيرا في العالم    تقرير.. أزيد من ثلث المغاربة لايستطيعون تناول السمك بشكل يومي    جمال بنصديق يحرز لقب "غلوري 98"    عودة السمك المغربي تُنهي أزمة سبتة وتُنعش الأسواق    حماس تتهم إسرائيل بالتذرع بمراسم تسليم الأسرى "المهينة" لتعطيل الاتفاق    هل الحداثة ملك لأحد؟    مسؤول أمني بلجيكي: المغرب طور خبرة فريدة ومتميزة في مكافحة الإرهاب    سامية ورضان: حيث يلتقي الجمال بالفكر في عالم الألوان    نزار يعود بأغنية حب جديدة: «نتيا»    نجاح كبير لمهرجان ألوان الشرق في نسخته الاولى بتاوريرت    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    الصين تطلق قمرا صناعيا جديدا    الشاذر سعد سرحان يكتب "دفتر الأسماء" لمشاهير الشعراء بمداد الإباء    فيروس غامض شبيه ب"كورونا" ينتشر في المغرب ويثير مخاوف المواطنين    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البوليساريو: من حَجْرَة في حذاء المغرب إلى كابوس على صدر النظام الجزائري
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 29 - 11 - 2023

يومأعلن العقيد الهواري بومدين، الذي استولى على السلطة في الجزائر عن طريق انقلاب عسكري سنة 1965(ثلاث سنوات بعد «الاستقلال» المشروط)،عن نيته في معاكسة المغرب وعرقلةمسيرته، كانت الفكرة هي وضع حجرة في حذاء المغرب حتى تتعثر خطواته وتخور قوته، فتنفرد الجزائر بقيادة شمال إفريقيا وصولا إلى زعامة القارة الإفريقية.وقد أعلن ذلك في محفل رسمي: هناك فيديووثَّق تلك اللحظة؛ وقد كان الحضور مُهِما. ربما كان ذلك خلال اجتماع لمجلس الثورة، أو في اجتماع لمسؤوليمختلف مؤسسات الدولة.
ولما تأسست»الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب»، المعروفة اختصارا بالبوليساريو، سنة1973 من قبلمجموعة من الشبانالصحراويين الذين كانوا يدرسون في جامعة محمد الخامس بالرباط، لم يفوِّت الهواري بومدين الفرصة لتحويل هذه الجبهة إلى «الحجرة في سباط»المغرب، التي يبحث عنها منذ أن استولى على السلطة. فبعد أن كان هدف المؤسسين للبوليساريو، هو تحريرالساقية الحمراء ووادي الذهب من الاستعمار الإسباني استكمالا لعمل آبائهم، تحول هذا الهدف إلى مطلب انفصالي بعد أن دخلت الجزائر وليبيا على الخط.
ويحكي البشير الدخيل، وهوأحد القياديين المؤسسين لجبهة "البوليساريو»، كيف حدث التحول الأساسي في هذه الجبهة خلال مؤتمرها الثاني في غشت من سنة 1974،حيث قامت الجزائر بإنزال أكثر من 460 جزائريا للتأثير في توجه المؤتمر. ويضيف البشير الدخيل «أن الجزائر قضت على معظم رموز جبهة البوليساريو المنحدرين من الساقية الحمراء (السمارة بوجدور الداخلة)، وذلك خلال سنتي 1974و1975، مشيرا إلى أن هدف الجزائر آنذاك كان هو القضاء على مؤسس البوليساريو مصطفى الوالي السيد والإتيان بقيادة جديدة تشتغل مع الجزائر» (أنظر موقع Le Site Info بالعربية).
وللتذكير، فإن المغرب قد استرجع إقليم طرفاية من إسبانياسنة 1958؛ أي سنتين بعد نيل استقلاله. وفي سنة 1963،وضع ملف الصحراء الغربية المغربية لدى اللجنة الرابعة للجمعية العامة لأمم المتحدة المعنية بقضايا تصفية الاستعمار؛وفي سنة 1969 استعاد المغرب سيدي إفني.وفي سنة 1975، أصدرت محكمة العدل الدولية رأيا استشاريا بشأن سؤالين قدمتهما إليها الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الصحراء الغربية (الصحراء الإسبانية آنذاك)؛ وقد أقر هذا الرأي الاستشاري بوجود روابط البيعة بين القبائل الصحراوية وملوك المغرب؛ حينها أعلن الملك الحسن الثاني عن تنظيم مسيرة خضراء نحو الصحراء، حدد لها يوم 6 نونبر من نفس السنة؛ وقد انطلقت هذه المسيرة من طرفاية نحو أقاليمنا الجنوبية التي كانت تحتلها إسبانيا، وعادت المسيرة إلى نقطة الانطلاق يوم 9 نونبر بعد أن حققت الغاية المرجوة منها.وفي يوم14 من نفس الشهر والسنة (نونبر 1975)، سيُبرم اتفاق ثلاثي في مدريد بين إسبانيا والمغرب وموريتانيا، الذي على أساسه سيتم إنهاء الوجود الإسباني على مستعمرته السابقةفي فبراير 1976.
وردا على نجاح المسيرة الخضراء، قام الهواري بومدين يوم عيد الأضحى (18 دجنبر 1975) بجريمة نكراء تمثلت في تهجير ثلاث مائة وخمسين ألف (350000) مغربي ومغربية (أي نفس عدد متطوعي المسيرة الخضراء). لقد اقتحموا عليهم مساكنهم ليلا وأخرجوهم بالقوة وسلبوهم ممتلكاتهم وكدسوهم في الشاحنات وألقوا بهم إلى الحدود الجزائرية المغربية في ظروف لا إنسانية.
وستبقىهذه الجريمة النكراء التي تعرفب»المسيرة الحكلة»، وصمة عار في السجل الأسود للنظام العسكري الجزائري البغيض. وقد وثَّقها التاريخ بحبر لا يمحى وفي سجل خاص بالأنذال والرِّعاع الذين لا ضمير لهم ولا أخلاق؛ لا إنسانية فيهم ولا رجولة. لقد ورثوا عقلية المستعمر وخبثه. فلا غرابة أن نرى اليوم النظام الجزائري يقدم لفلسطينالشعارات ولإسرائيل الغاز للاستمرار في تدمير غزة وإبادة الغزاويين.
وخلال شهر فبراير من سنة 1976،تم الإعلان، عن تأسيس «الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية» المزعومة، كرد فعل على الاتفاق الثلاثي المشار إليه أعلاه. ولم يدرك النظام الجزائري أبعاد ما أقدم عليه، حيث جعل من أرضه مأوى لعصابات البوليساريو، ومنها تنطلق الهجومات على المغرب بمشاركةالجنود الجزائريين (معركة أمغالة 1 وأمغالة 2).
ولعجزتلك الهجمات عن تحقيق أهدافها (الاستلاء على بعض الأراضي الصحراوية)،عمد النظام العسكري إلى جلب المرتزقة من أفريقيا وأمريكا اللاتينية بالإضافة إلى الموريتانيين والجزائريين لدعم هذا الكيان الوهمي. وقد أغدقت عليه ليبيا القذافي وجزائر بوخروبة الأموال الطائلة؛ خصوصا وأن خلال تلك الفترة كانت خزينة كل منهما تتهاطل عليهامئات المليارات من الدولاركعائدات نفطية.
ومع مرور الوقت، أصبح الصحراويون المنتمون إلى الصحراء الغربية المغربية أقلية في صفوف البوليساريو، خصوصا بعد أن عاد إلى أرض الوطن العديد من مؤسسي الجبهة، إن لم نقل جل المؤسسين (ونعني بهم الذين نجوا من الاغتيال من قبل العسكر الجزائري)،والكثير من الكوادر الذين لبوا نداء «إن الوطن غفور رحيم»؛ وكذلك الأمر بالنسبةللكثير من المحتجزين الذين تمكنوا من الفرار من جحيم مخيمات الذل والعار وعادوا إلى وطنهم للعيش في أمن وأمان.
وكما يقول المثل الشعبي المغربي «لِّي كيحْسبْ بوحْديه كيْشيطْ ليهْ»،فقد وجدت الجزائر نفسها متورطة في صراع يشارف على الخمسين سنة، ولم تحقق من ورائه إلا تفقير الشعب الجزائري، الغنية بلاده بالثروات الطبيعية الهائلة. وقد كبدها هذا الصراع خسائر بمئات المليارات من الدولار التي صرفت على الجمهورية الوهمية (تسليح، تمويل، تجنيد بعثات ديبلوماسية، إرشاء الدول الأفريقية الفقيرة للاعتراف بالبوليساريو، الخ) حتى أصبح المواطن الجزائري يقضي سواد يومه في الطابور لعله يضفر بشيء من المواد الغذائية الأساسية؛ ناهيك عن العزلة التي أصبحت عليها الجزائر إقليميا وجهويا ودوليا، بحيث تحولت إلى «دولة» لا هيبة لها ولا وزن ولا مواقف على الساحة الدولية، كما عبر عن ذلك وزير خارجية روسيا لتفسير أسباب عدم قبول «القوة الضاربة» في مجموعة «بريكس».
ومما لا شكك فيه، أنالنجاحات الديبلوماسية التي يحققها المغرب في موضوع وحدته الترابية، سوف تعمق هذه العزلة وترفع من حدة وخطورة الورطة التي ستجعل الجزائر في مأزق حقيقيمع صنيعتها وأمام المنتظم الدولي. فطرد البوليساريو من الاتحاد الأفريقي أصبح وشيكا وأمر تصنيفها كتنظيم إرهابي ليس بعيدا؛ وعند ذلك، تصبح الجزائر داعمة للإرهاب وتأويه على أرضها؛ وهذا يعني أنها دولة إرهابية. فهل يدرك النظام الجزائري هذه المعادلة؟
والسؤال الذي ربما لا يطرحه النظام العسكري على نفسه، هو كيف سيتصرف مع المرتزقة الذين تم جلبهمإلى تندوف منذ السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، خصوصا وقد أصبح الصحراويون المنتسبون للصحراء المغربية أقلية بين ساكنة المخيمات؟فهدف الجزائر من دعم البوليساريو، كان هو تحقيق حلمالوصول إلى المحيط الأطلسي من خلال زرع دويلة على حدود المغرب، مهمتها عرقلة انفتاحه على العمق الأفريقي وبعده الأطلسي الإفريقي. لكن الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء، والذي أعلنبكل ثقة وعزم وحزمعن تأهيل الواجهة الأطلسية للصحراء المغربيةو»هيكلة هذا الفضاء الجيو-سياسي علىالمستوى الأفريقي»، قد أقفل أمام أطماع الجزائركل المنافذ.
خلاصة القول، كل المعطيات الميدانية والاقتصادية والديبلوماسية والحقوقية والعسكرية والجيو-سياسية … تدل على أن ملف ما يسمى ب»الصحراء الغربية»، على وشك أن يتم إقفاله نهائيا. فما ذا ستفعل الجزائر مع ساكنة تندوف التي لا تنتمي للصحراء المغربية؟ هل سيعلن النظام رسميا عن قيام الجزائر الجنوبية إلى جانب الجزائر الشمالية حسبالتسمية التي اختارها بعض المحللين المغاربة لمخيمات تندوف أو سيحاول التنصل من مسؤولياته ويدفع بهم إلى الدول المجاورة؟ وهل سيقبل سكان المخيمات بهذا الحل؟
بكل تأكيد لا؛ وبهذا، ستتحول الحجرة في حذاء المغرب إلى كابوس مرعب للنظام الجزائري، ما لم نقل إلى صخرة ثقيلة وساخنة على أكتاف الجزائر. وبهذاينطبق عليها المثل العربي: «على نفسها (أو على أهلها) جنت براقش».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.