النائب عبد الحق أمغار: مشروع قانون مالية 2024، لا يختلف عن سابقيه من حيث النفس الليبرالي المفرط النائبة عويشة زلفي: الدولة الاجتماعية ليست شعارا مجزأ، بل كيانا موحدا متكاملا تلتقي حوله كل المنجزات
صوت الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية بمجلس النواب ضد الميزانيات الفرعية للقطاعات التي تدخل في اختصاصات لجنة القطاعات الإنتاجية، البنيات الأساسية، لجنة القطاعات الاجتماعية ولجنة التعليم والثقافة والاتصال. وفي هذا الإطار، سجل النائب عبد الحق أمغار، في كلمة له باسم الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، في الجلسة العامة الخاصة بمناقشة الجزء الثاني من مشروع قانون المالية لسنة 2024، أن توجهات مشروع قانون المالية لهذه السنة، التي لا تختلف عن سابقتها من حيث النفس الليبرالي المفرط، لا يمكن الاطمئنان إليها، أمام تفاقم المؤشرات المقلقة على المستوى الاجتماعي، خاصة معدل البطالة الذي بلغ ( 13،5 في المائة)، وبتفاوت واضح بين المجالين الحضري والقروي. وفي هذا الصدد أكد النائب الاشتراكي، أن هذه التوجهات، تعكس غياب أي تصور للحكومة فيما يتعلق بالاختيارات الاقتصادية، التي يُمكِن أن تنعكس بشكل مباشر على مجال التشغيل، بل تعكس فشلا واضحا في البرامج والأوراش التي أطلقتها، وانقلابا ملموسا على الوعود التي قدمتها.وبالموازاة مع ذلك، جدد النائب أمغار التأكيد على أهمية الترابط الوثيق والعلاقة المتشابكة بين الجانبين الاقتصادي والاجتماعي في السياسات العمومية، كأحد مخرجات النموذج التنموي الجديد الذي انخرطت فيه البلاد تفعيلا لتوجهات جلالة الملك، فالأوضاع الاجتماعية اليوم ما هي في الواقع إلا انعكاسا لاختيارات اقتصادية وسياسية لحكومتكم في السنتين الماضيتين. وفي السياق ذاته، انتقد النائب أمغار الحكومة، إذ في هذا المشروع تكرس نفس العطب المنهجي القائم على اختيارات أنتجت تفاوتا واضحا بين المنجز، والمتوقع في قانون المالية لسنة 2023؛ ووسعت من التفاوتات الاجتماعية والمجالية، وفاقمت أوضاع الساكنة القروية، وأنعشت الهشاشة الاقتصادية، وأنهكت الطبقة المتوسطة، وغذت نزيف إفلاس المقاولة الصغيرة والمتوسطة. وتساءل النائب الاتحادي، انطلاقا من استنطاق الأرقام، سواء في الشق الاقتصادي أو الاجتماعي، عن المنهجية التي تشتغل بها الحكومة؛ معتبرا أن الإجراءات المتضمنة في هذا المشروع، غير كافية لإحداث التحول الاقتصادي المنشود، كما أشار إلى ذلك جلالة الملك في أكثر من مناسبة. واعتبر بنفس المناسبة أن توجهات مشروع قانون المالية في الشق الاقتصادي، غير مناسبة لدفع الاقتصاد الوطني للانتقال إلى « اقتصاد متنوع ومنتج للثروة وقادر على خلق قيمة مضافة ومناصب شغل ذات جودة». حيث أنه إذا كانت القيمة المضافة للقطاع الصناعي قد سجلت ارتفاعا نسبيا، فإن ذلك لم ينعكس بشكل مباشر على المالية العمومية ولا على الواقع اليومي للمغاربة؛ كما أنه إذا استثنينا التطور الذي تعرفه الصناعة الاستراتيجية، فإن باقي الصناعات المحلية لا زالت تشكوا من أعطاب مختلفة ومقلقة. وفي مجال الاستثمار باعتباره رافعة لتعزيز النمو الاقتصادي، لم يؤدي اعتماد الميثاق الوطني للاستثمار إلى إحداث التحول المنشود، حيث لازالت الكثير من الصعوبات الهيكلية مستمرة، كارتفاع نسب إفلاس المقاولات، وضعف مؤشر الولوج إلى القروض، وتباطؤ المساطر الإدارية والقضائية؛ والانخفاض الحاد في نسب المقاولات الناشئة. أما في مجال الفلاحة والصيد البحري، أكد النائب أمغار من جديد، أن الجفاف لم يعد مجرد حدث عابر، بل معطى هيكلي يتعين على الحكومة أن تتعامل معه، لا أن تتخذه كمبرر للتنصل من التزاماتها؛ كما أن النسب المرتفعة للتضخم خاصة في بعض المواد الاستهلاكية الأساسية، لم يعد معطى مستوردا كما تدعي الحكومة، بل هي نتاج لاختياراتها الاقتصادية في مجال الفلاحة والتي يكرسها اليوم مشروع قانون المالية. كما سجل أن مشاكل قطاع الصيد البحري لازالت تزداد تعقيدا في عدد من المناطق، ولا تعكس توجهات مشروع قانون المالية أي التفاتة لإصلاح هذا القطاع وتقييم أداء المخططات السابقة. وعلى مستوى قطاع السياحة، أشار النائب أمغار أن ليس هناك تدابير من شأنها تحسين العرض السياحي الوطني كسوق وطنية واعدة، بل تم الحفاظ على نفس التوجهات التي أنتجت ثلاث سمات أساسية للسياحة الوطنية؛ 1. تركيز العرض السياحي في محورين أو ثلاث واستقرار الأسواق التقليدية؛ 2. الطابع الموسمي للسياحة الوطنية خاصة بالنسبة للجالية المغربية بالخارج؛ 3. عدم وجود عرض في المستوى المطلوب للسياحة الداخلية. وهو ما ينعكس بشكل لافت على تباطؤ نسب الاستقطاب التي لم تسجل أي تحول نوعي. من جهتها، جددت النائبة عويشة زلفي، باسم الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية اعتزاز الفريق الاشتراكي بالمشاريع الملكية الكبرى، ومنها على سبيل المثال لا الحصر تأهيل مناطق الأطلس الكبير، وما وضع له من إمكانيات تمويلية، وخطط ذات أبعاد اجتماعية وثقافية وروحية، والدعم المباشر للأسر المعوزة، وتوسيع دائرة الفئات الجديدة المستفيدة منه، ودعم السكن لمن لا يملكه، مؤكدة أن مرتكزات الدولة الاجتماعية التي شكلت على الدوام ثابتا فكريا وسياسيا وأخلاقيا ومجتمعيا في الفريق لاشتراكي، قد حظيت بما يجب من العناية الملكية والحرص على تأسيسها وتركيز مقوماتها، لكن في الوقت نفسه فإن الدولة الاجتماعية ليس شعارا مجزأ، بل هي كيان موحد متكامل وتلتقي حوله منجزات التغطية الاجتماعية، والدعم المباشر، والتغطية الصحية والتشغيل والتعويض عن فقدانه والتفاوض الاجتماعي. وساءلت النائبة زلفي الحكومة، من خلال الوقوف على الإجراءات الفعلية والقرارات العملية التي اتخذتها من أجل تأهيل كل هذه المقومات، بما يتدارك التعثر في بعضها كما هو حال التفاوض الاجتماعي، أو النظر في منظومة المرتكزات التي تستوجب ذلك، كما هو حال المدرسة العمومية التي تعتبر أهم سلم للارتقاء الاجتماعي وبناء الدولة الاجتماعية. وفي هذا السياق، سجلت النائبة الاتحادية، فشل الحكومة في حل أزمة التعليم بالبلاد، حيث كانت الشغيلة التعليمية تراهن على إصدار نظام أساسي محفز، ومنصف، يضمن حقوقهم المشروعة. مبرزة أن المنظومة التعليمية تعيش وضعا غير مسبوق من الاحتجاجات المستمرة، الرافضة لبعض مضامين هذا النظام، سببت في توقف الدراسة، مما أدى إلى حرمان 08 مليون تلميذ وتلميذة من حقهم في التمدرس طيلة فترة الإضرابات. وأشارت إلى أن النظام الأساسي والذي كان من المفترض أن يكون جزءا من الحل، لكنه وبسبب منهجية الحكومة، أصبح أول المشاكل التي تعرفها المدرسة العمومية، مؤكدة أن الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية، يعتبر أن المدخل الرئيسي اليوم لحل أزمة قطاع التعليم وإعادة الاعتبار للمدرسة العمومية ولنساء ورجال التعليم، هو تجميد هذا النظام الأساسي. وذكرت النائبة الاتحادية بأن أن تحقيق الجودة والمناصفة وتكافؤ الفرص، يتطلب إصلاحات جوهرية في المناهج التربوية والعناية بالموارد البشرية، والحد من الهدر المدرسي بالوسط القروي عبر توفير النقل المدرسي و المطعمة، وتطوير وتعميم التعليم الأولي، ومواكبة التلاميذ المتعثرين والذين في وضعية هشاشة وغيرها، وهو النفس الإصلاحي الذي غاب عن تصور الحكومة، والتي أعلنت عن اتخاذ تدابير وإجراءات لا يمكن الرهان عليها حتى من أجل تنفيذ التزاماتها بالرغم من محدوديتها، بل إن من هذه الإجراءات من تشكل اليوم تهديدا فعليا للسلم الاجتماعي. أما بخصوص سياسة الحكومة في مجال التشغيل، شدد النائبة زلفي أن ارتفاع معدل البطالة على المستوى الوطني إلى أزيد من 13% (HCP)، مؤشر على فشل هذه الحكومة في بلوغ التزاماتها بخصوص التشغيل، الذي يعد أحد أهم ركائز نظام الحماية الاجتماعية. وانطلاقا من عزم المغرب على إرساء نظام حماية شامل، انسجاما مع التوجيهات الملكية السامية القاضية بتعميم الحماية الاجتماعية على جميع المغاربة، فالمفروض في تدخلات الحكومة، أن تركز بالأساس على توفير جميع وظائف الدولة الاجتماعية، وفي مقدمتها وظيفة التشغيل، اعتبارا لأهمية هذه الوظيفة وانعكاساتها الإيجابية على الأوضاع الاجتماعية للمواطنين، حيث يعد توفير فرص شغل مستقرة ولائقة، ضمان لكرامة المواطنات والمواطنين المغاربة. وهو ما لم يتحقق للأسف. إلى ذلك سجلت النائبة فشل هذه الحكومة حتى في الوفاء بالتزامها القاضي بإحداث مليون منصب شغل صافي على الأقل خلال الولاية الحكومية، متسائلة هل يمكن اعتبار برنامج أوراش حل لمعضلة البطالة؟ أما بخصوص سياستها في قطاع الصحة، الذي عرف إطلاق ورش الحماية الاجتماعية من طرف جلالة الملك محمد السادس، من أجل تعميم وتمتيع الفئات الهشة بالتغطية الصحية، أشارت النائبة زلفي أنه ورغم انخراط والتعاطي الإيجابي مع الورش الملكي منذ الإعلان عنه، إلا أنه نسجل في الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، عدم تجاوب الحكومة مع مقترحاتنا ومبادراتنا التي تهدف إلى المساهمة في تجويد البرامج والتدابير التي تتخذها. إن تراجع عدد المستفيدين، تضيف، من خدمات AMO TADAMON إلى 10 مليون مستفيد، مقابل 18 مليون كانت تستفيد من خدمات «راميد RAMID» يبرز أن الحكومة تفتقد إلى آليات تنزيل ومواكبة الورش الملكي للحماية الاجتماعية، خاصة ما يتعلق منه بإرساء تغطية تأمينية شاملة وموحدة، في ظل النقص الحاد في الموارد البشرية (الأطر الطبية وشبه الطبية) بالمؤسسات الاستشفائية وهشاشة بنيات الاستقبال، والنقص الحاد في مجموعة من التخصصات خاصة بالمناطق الهشة والنائية. أما بخصوص التعهدات التي التزمت بها الحكومة لفائدة الأسرة ضمن البرنامج الحكومي(2021-2026 )، ومن خلال الميزانية المرصودة لها في مشروع قانون المالية 2024، فلم يتم تفعيلها على أرض الواقع. – مدخول الكرامة لفائدة المسنين (أكثر من 65 سنة) بصرف 1000 درهم شهريا. – صرف منح سنوية قدرها 500 مليون درهم للجمعيات التي تشتغل في مجال الإعاقة. – المراقبة الطبية الإجبارية المجانية لجميع النساء الحوامل، وطبيب الأسرة، والبطاقة الطبية الذكية. وبناء عليه، أكدت النائبة الاتحادية أن النهوض بأوضاع النساء والأطفال والمسنين والأشخاص في وضعية إعاقة، والأطفال المتخلى عنهم، باعتبارهم فئات أكثر هشاشة، يتطلب من الحكومة اتخاذ قرارات عملية وجريئة لتزيل وأجرأة تعهدات والتزامات القطاع الحكومي الوصي عليها.