سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحكومة تعول على جباية 270 مليار درهم من جيوب نفس الملزمين وترفض إقرار أي ضريبة على الثروة : استخلاص 53 مليار درهم من الضريبة على الدخل معظمها من رواتب الأجراء والموظفين القانون المالي يسقط النفط تماما من فرضياته رغم تحكم سعر البرميل في منحنيات التضخم
تعول الحكومة خلال 2024 على جباية أزيد من 270 مليار درهم من الضرائب (بجميع أنواعها) بزيادة تفوق 15 مليار درهم مقارنة مع المحاصيل الجبائية للعام الجاري. وتفيد بيانات مشروع قانون المالية برسم 2024 أن هذا المحصول الضريبي سيتوزع كما جرت العادة بين 3 ضرائب رئيسية وهي الضريبة على الدخل والتي عزمت الحكومة على رفع مداخيلها إلى 53 مليار درهم سنة 2024 عوض 48 مليار درهم سنة 2023 ( زائد 10%) و الضريبة على الشركات التي ستستقر في حدود 61 مليار درهم وهو نفس المبلغ المحصل برسم 2023 (بزيادة 0% !! ) وأخيرا الضريبة على القيمة المضافة التي تنقسم مداخيلها إلى قسمين TVA الاستهلاك الداخلي وستجني منها الدولة 37.4 مليار درهم بدل 33.5 هذا العام، وTVA الاستيراد التي ستؤمن للخزينة ما لا يقل عن 57.5 مليار درهم عوض 54.2 مليار درهم ، هذا بالإضافة طبعا إلى الرسم الداخلي للاستهلاك المفروض على المنتوجات الطاقية الذي سيبقى في نفس مستواه الحالي أي 16.7 مليار درهم .. والملاحظ هنا أن الانصاف هو الغائب الأكبر عن هذا القانون، طالما أن السياسة الجبائية، وتدبير الإنفاق وتخصيص الموارد، بما في ذلك الاستثمار، لاتزال وفية للنموذج التنموي السابق، بالرغم من انتاجه للمزيد من الفوارق واللامساواة. حيث ما زال نفس الملزمين شركات وأفرادا يؤدون أكبر قدر من الضرائب دون أن تفكر الحكومة في إضافة مقتضيات جديدة تسمح بتوسيع الوعاء الضريبي ليشمل أصحاب الثروات الكبرى و لو بتضريب رمزي يتراوح بين 2 و5 في المائة. وهكذا تبقى الضريبة على الثروة و هي الغائب الأكبر عن هذا القانون حيث تعمدت الحكومة التغاضي عنها مرة أخرى على الرغم من كل النقاش الداخلي الذي دار بشأنها منذ توصيات المناظرة الوطنية للجبايات المنعقدة سنة 2019 بالصخيرات. كما تجاهلت الحكومة في هذا الشأن توصيات صندوق النقد الدولي الذي سبق أن دعا الحكومة المغربية إلى «ضرورة توسيع القاعدة الضريبية، وتحسين تصاعدية النظام الجبائي، والبحث عن موارد ضريبية جديدة مثل ضريبة الكاربون أو الأشكال الجديدة من ضرائب الثروة» وإذا كان النظام الجبائي هو الوسيلة المحورية للحد من الفوارق، من حيث كونه يساعد على توزيع الدخل الأولي، كما أنه يمكن من التأثير على مستقبل الأفراد من خلال تحرير الموارد الكافية لتمويل البنى التحتية والخدمات العمومية، لا سيما للأشخاص في المناطق الأكثر هشاشة، ( حيث أن 80 ٪ من الفقر يتمركز في الوسط القروي)، فإن الحكومة في قانونها المالي المقترح برسم 2024 تكرس نفس الصيغ الضريبية الكلاسيكية بدل تكريس مبدأ تصاعدية الضريبة على الشركات حيث 82 ٪ من عائدات الضريبة على الشركات تأتي من 2 ٪ فقط من المقاولات، والقاعدة الضريبية للضريبة على الشركات منخفضة للغاية، خاصة و أن القطاع غير المهيكل لا يخضع للتضريب . ولم تعمل الحكومة في قانونها المقترح على تحسين التدرج الضريبي وفرض ضريبة عاجلة، استثنائية أو دائمة، على الثروات الكبيرة والبيئية بالإضافة إلى جعل النظام الضريبي رافعة للإنفاق العمومي الفعال الموجه نحو القطاعات الاجتماعية. كما لم تبالي حكومة أخنوش بالنداءات المتكررة داخليا وخارجيا لجعل الضريبة على القيمة المضافة أداة في مكافحة اللامساواة الطبقية والمبنية على النوع الاجتماعي، وكذا دراسة مدى ملاءمة الإنفاقات الضريبية عن طريق تقليل إعفاءات الضريبية التي لم تنتج الآثار الاقتصادية المنتظرة أو تلك التي تساهم في توسيع الفوارق الاجتماعية. وتواجه ميزانية الدولة هذا العام تحديات خطيرة وغير مسبوقة تتمثل في محدودية الموارد بالمقارنة مع ارتفاع غير متوقع في حجم النفقات، وذلك بسبب التطورات المتسارعة على الساحة الدولية وتقلب أسواق المواد الأساسية، وعلى رأسها النفط الذي اختفى تماما من جدول الفرضيات التي بني عليها هذا القانون المالي، على الرغم من أن هذه المادة حتر بعد التحرير ما زالت تتحكم بقوة في منحنيات التضخم ببلادنا ، وهو ما سيكون له بلا شك تأثير مباشر على تدبير مالية الخزينة التي تشهد ضغطا غير مسبوق بفعل إغفال هذا المكون الرئيسي الذي طالما بنيت عليه سياسات المالية العمومية ببلادنا . ولا تقتصر الاختلالات الواردة في هذا المشروع على الجبايات المركزية بل تتعداها إلى الجبايات المحلية، حيث أن التدابير الجبائية المتخذة على المستوى المحلي، ظلت ولاتزال منفصلة عن التصور العام لجبايات الدولة، كما أنها لم تسفِر عن تغييرات مهمة من شأنها تنمية المداخيل وتعزيز تأثيرها على التنمية المحلية.