هل يمكننا أن نتحدث بالمغرب فعليا عن الدخول الفني والثقافي بنفس الشكل الذي نتحدث فيه عن الموسم الرياضي؟ هل تلعب المرافق الثقافية بالمغرب دورا مهما في التنمية كما كان الحال في السنوات السابقة مع دور الشباب والنوادي السينما… كل هذه الأسئلة، ومحاور أخرى في نفس المنحى، اختارت جريدتنا طرحها على الاستاذ آدم بوهلال، مدير المركب الثقافي حسن الصقلي بالدارالبيضاء.
تأخر موعد الدخول الثقافي بسبب الزلزال الذي عرفه المغرب منذ شهر، فماذا عن انطلاقته؟ بالفعل كان للزلزال الذي ضرب إقليمالحوز منذ شهر، الأثر البالغ ولكن بشكل آني على مجمل مناحي الحياة اليومية للمغاربة، خاصة أنه جاء في مستهل شهر شتنبر، هذا الشهر الذي يعتبر بمثابة شهر الانطلاقة والدخول إلى موسم جديد تعليمي، ثقافي، فني، رياضي، اجتماعي وحتى سياسي. جاء كذلك بعد العطلة السنوية، ولكن بالرغم من كل ذلك، استطاع المغرب والمغاربة، بفضل الإجراءات الاستباقية لجلالة الملك وتوجيهاته وتعليماته ، الخروج السريع من تداعيات هذا الزلزال بحيث جعلوا التأثير نسبيا بفعل تظافر جهود الجميع، حتى السنة الدراسية في المناطق المتضررة استطاعت العودة بسرعة إلى وتيرتها العادية، وكذلك الشأن بالنسبة لمباريات كرة القدم و كل مناحي الحياة، ويمكن أن نقول بأنه بالرغم من كل ذلك، استطاع الفاعلون الجمعويون و الثقافيون، العمل بجدية من أجل تقديم المساندات إلى ساكنة الدواوير المتضررة ونظموا القوافل التضامنية وكانوا في طليعة المتضامنين، وهنا يمكن أن نقول إن الدخول الثقافي هذه السنة كان استثنائيا بطعم اجتماعي. هل يمكننا أن نتحدث بالمغرب فعليا عن الدخول الفني والثقافي بنفس الشكل الذي نتحدث فيه عن الموسم الرياضي؟ أكيد، فأنا أعتبر بأن الحديث عن انطلاقة الموسم الثقافي والفني هو سنة محمودة ، يتم فيها الاحتفاء بالثقافة والفن. ولا ضرر أن يتم تنظيم مجموعة من التظاهرات الفنية والثقافية لانطلاقة الموسم كما هو الشأن بالنسبة للموسم الرياضي. أنت مسؤول عن المركب الثقافي حسن الصقلي بمقاطعة سيدي البرنوصي، حدثنا عن نوعية الأنشطة بهذا المركب؟ عرف المركب الثقافي حسن الصقلي الانطلاقة الرسمية للأنشطة به منذ نونبر 2008 ، وبالتالي يمكننا الحديث عن 15 سنة من الفعل الثقافي والفني بهذا الفضاء. هذا المركب طاقته الاستيعابية تتسع لأكثر من 700 مقعد بقاعة العروض الفنية والمسرحية، ويتضمن كذلك خزانة وقاعة للمطالعة وملحقة للمعهد الموسيقي ونحن مقبلون على تنظيم الأيام المفتوحة في نهاية شهر أكتوبر 2023 للتعريف بأهم المواد التي تدرس في مجال الموسيقى والمسرح. هذا المسرح كذلك يستضيف العديد من أنشطة المجتمع المدني المحلي والجهوي والوطني ويستضيف كذلك العديد من العروض المسرحية والتظاهرات الفنية وغالبية الأنشطة التي تنظمها مقاطعة سيدي البرنوصي، وكذلك أنشطة الأطفال واليافعين الكبار. يمكن أن نقول إن هذا الفضاء ومن خلال 15 سنة الماضية، استطاع أن يكون قبلة للساكنة المحلية والبيضاوية باستضافته لأهم العروض التي كانت في السابق تنظم بمركز المدينة، وأصبحنا نشاهدها بالفضاءات الثقافية المتواجدة بربوع مدينة الدارالبيضاء تحت اشراف مباشر من مقاطعة سيدي البرنوصي ومن جماعة الدارالبيضاء. هذا المركب يعرف تنظيم أنشطة متنوعة لفائدة كل الاجيال والفئات، فالكل يجد نفسه داخل هذا الفضاء. من هو آدم بوهلال وما هو تصوره للمشهد الفني والثقافي بالمغرب؟ آدم بوهلال أولا فاعل جمعوي، منذ الطفولة خبرت الميدان الجمعوي والشبابي والمدني عموما. بعد التوظيف كمتصرف حرصت على الاشتغال في الميدان الذي أعشقه، وأعرف أنني أستطيع أن أقدم فيه الشيء الكثير. كما تعلمون إن المشهد الفني والثقافي المغربي يعرف تجاذبات، صعودا ونزولا، حسب السياقات التاريخية التي يتعايش فيه المجال الفني والثقافي. فمغرب الأمس ليس هو مغرب اليوم، أكيد هناك الكثير من الأشياء التي يمكن أن تخرج إلى حيز الوجود وخاصة في مجال الدعم والتنظيم من أجل تفعيل المجال الثقافي والفني. وأنتهز هذه المناسبة كي أطلب من المسؤولين إعادة الاعتبار للمدبرين للفضاءات الثقافية ، فنحن الذين نساهم في تدبير الوقت الثالث للبيضاويين وبالتالي نأمل في المزيد من الدعم والمساندة. هل لديك مشاريع مستقبلية في نفس الميدان؟ بالفعل حرصت سابقا على تنظيم الأيام المسرحية التي عرف بها المركب، والتي وصلت إلى دورتها الخامسة وسنسعى إلى استعادة هذه التجربة، وهناك آفاق أخرى متنوعة من قبيل إحداث فرقتين للمسرح والموسيقى بالمركب، وخلق نوع من التواصل مع المحيط ليسترجع المركب وهجه وبريقه. وأختم بالقول وكما أقول دائما بأن تدبير الفضاءات الثقافية يحتاج إلى هامش من الحرية في التنظيم والإبداع والخلق.