في اليوم الثالث على الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب ، وبينما يسابق رجال الإنقاذ المغاربة الزمن بدعم من فرق أجنبية للعثور على ناجين، وتقديم المساعدة لمئات المشردين الذين دمرت منازلهم جراء تلك الكارثة لا تتوقف المآسي الإنسانية عن الظهور. ومن بينها حكاية طفل مغربي تناول العشاء الأخير مع عائلته قبل وقوع الكارثة. فقد كان حميد بن هنا قد طلب للتو من ابنه الصغير مروان إحضار سكين لتقطيع البطيخ لتناوله مع وجبة العشاء مع الأسرة عندما وقع زلزال المغرب مساء الجمعة. وكانوا يستمتعون بتناول طاجن من لحم الضأن والخضراوات مع بداية عطلة نهاية الأسبوع، وكان مروان يخبر والده عن الأدوات التي سيحتاجها للعام الدراسي المقبل، وفق لما كشف الأب المكلوم. ثم أضاف متمتما: «وقع الزلزال وقع في تلك اللحظة.. الغرفة بدأت تهتز وانطفأت الأنوار وبدأت الأنقاض تتساقط من سقف منزلنا التقليدي الواقع في قرية نائية بجبال الأطلس الكبير». فخرج بن هنا وابنه الآخر معاذ من الباب المفتوح إلى الزقاق عندما بدأ المنزل في الانهيار، وتمكنا من إخراج زوجته أمينة وابنته الصغيرة مريم. لكن عندما انقشع الغبار، اكتشفوا الطامة الكبرى، ووجدوا أن مروان لم يتمكن من النجاة. وكان الطفل البالغ من العمر ثماني سنوات قد ركض إلى داخل المنزل وعثروا على جثته تحت كومة من الأنقاض بلغ ارتفاعها مترا، ولم يتم انتشال جثمانه إلا في اليوم التالي، بعد أن وصل إخوة بن هنا بسياراتهم من الدارالبيضاء، التي تبعد مسافة تُقطع في خمس ساعات، للمساعدة في رفع الركام. أسرة مكلومة معدمة الأسرة الآن ليست حزينة فحسب، بل صارت معدمة. جميع ممتلكاتهم تحت أنقاض منزلهم المنهار ويواجهون المبيت في العراء في ظل برد الجبل القارس. فمصدر رزق بن هنا، الدراجة ذات الثلاث عجلات التي كان يستخدمها لنقل البضائع في أنحاء الحي مقابل رسوم رمزية، دُفنت تحت الأنقاض ولم تعد تعمل. والزقاق المؤدي إلى منزلهم مغطى بالصخور المتساقطة. ولم يعد بحوزة الأسرة بعد الزلزال سوى حمار وعنزة غير أن طعامهما كان في مخزن تعرض كذلك للدفن تحت الأنقاض، كما أن ذبحهما لن يجدي نفعا لعدم قدرة الأسرة على تبريد لحومهما.