يوسف ايذي يسائل وزير العدل عن الإطار المؤسساتي لتكوين كتاب الضبط إسماعيل العالوي: هناك قصور في المنظومة التعليمية والإصلاح
أكد رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين يوسف ايذي، أن الحديث عن التكوين الأساسي والمستمر لكتاب هيئة الضبط، يستوجب استحضار آخر تعديل عرفه النظام الأساسي لموظفي الهيئة، والذي اعتبر أن الحد الأدنى للتكوين الأساسي هو 6 أشهر. وأوضح يوسف ايذي في تعقيبه على جواب وزير العدل، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، الثلاثاء، أن الإشكال المطروح اليوم، هو الإطار المؤسساتي لهذا التكوين، لأنه يوجد بوزارة العدل قسم التكوين والتتبع والتقييم بإمكانيات متواضعة بشريا وماديا، وكانت تتواجد في إطار تنظيم المعهد العالي للقضاء، مديرية لتكوين كتابة الضبط، واليوم نجد أن بقانون المعهد الجديد الذي من الممكن أن يتم المصادقة عليه، تم حذف مديرية تكوين كتاب الضبط من المعهد، وبالتالي، يتساءل ايذي، ما هو الإطار المؤسساتي لتكوين هذه الفئة، خاصة ونحن نعتبر في الفريق الاشتراكي، ألا إصلاح للجهاز القضائي، دون تحسين الأوضاع المادية والاعتبارية لموظفي هيئة كتابة الضبط، لذا فالإطار المؤسساتي جد مهم، يضيف المتحدث. وشدد ايذي على أنه كان هناك مطلب للحركة النقابية في قطاع العدل، لإحداث المدرسة الوطنية لكتابة الضبط أسوة بمجموعة من التجارب المقارنة، إضافة إلى هذا فهذه المدرسة توجد فيها توصية من طرف الحوار الوطني لإصلاح العدالة، بشكل واضح، مضيفا أن هناك توصية من قبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ولحدود الساعة لم يعرف هذا المطلب طريقه إلى التنفيذ، وهنا نتساءل ما هي الإشكالات والإكراهات والموانع التي تحول دون إخراج هذا المشروع البيداغوجي المهم لتطوير الإدارة القضائية، ولتحسين أداء كتاب هيئة الضبط وتطوير إمكانياتهم في ممارسة العمل. وتساءل ايذي في تعقيبه على جواب وزير العدل، حول انعكاسات هذا التكوين المستمر على موظفي الهيئة، مؤكدا في نفس الوقت، أن موظفي هيئة الضبط بالكفاءة العالية والتراكم الميداني، وبالشواهد والديبلومات المحصل عليها، لا يعطى لهم الحق في ولوج المهن القضائية، حيث إن المحاماة تفتح أمام الأستاذ الجامعي والقاضي ولا تمنح لموظف هيئة كتابة الضبط، وحتى النصوص القانونية لا تسمح لهؤلاء الموظفين بالولوج لبعض المهن القضائية. من جهته ناقش المستشار إسماعيل العالوي، باسم الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة المكلفة بالتحضير للجلسة السنوية الخاصة بمناقشة السياسات العمومية وتقييمها حول موضوع: «التعليم والتكوين ورهانات الإصلاح»، يوم الثلاثاء 18 يوليوز 2023. واعتبر إسماعيل العالوي، أن الفريق الاشتراكي يولي أهمية بالغة، لورش التربية والتكوين، على اعتبار أن هذا الورش يعد أحد أبرز القضايا التي دأب حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على تشخيصها ومناقشتها وتقييمها وتقديم أكبر قدر من المقترحات الواقعية من أجل معالجتها وتطويرها، والرفع من أهميتها داخل هامش النقاش العمومي، حيث يمكن اعتبارها قضية وطنية ذات صبغة استراتيجية، وأداة فعالة لتعبئة الرأسمال البشري من أجل تنمية شاملة ومستدامة. وشدد المستشار الاتحادي على أن هذا التقرير، ومن خلال كافة أبوابه ومحاوره، يبرز الإرادة السياسية والواقعية لبلادنا في النهوض بالشأن التعليمي، نظرا للغلاف المالي الذي يتم رصده لتدبير هذا القطاع، والمتمثل في أكثر من ربع الميزانية العامة، وحجم المخططات الموضوعة للرقي به وجعله أداة محورية لصناعة المواطن بكل ما تحمله الكلمة من معنى، مسجلا بأنه وبالرغم من المجهودات المبذولة في إطار تنزيل المخططات والاستراتيجيات المرتبطة بالمنظومة التعليمية، تظل النتائج المرجوة بعيدة المنال، خصوصا في مجال الارتقاء بالجودة ومحاربة الهدر وربط التكوين بالتشغيل والاندماج الاجتماعي. واعتبر إسماعيل العالوي، أن هذا الخلل يعود بالأساس إلى غياب الانسجام والالتقائية في تنزيل الرؤى الاستراتيجية للإصلاح التربوي والتعليمي والتكويني والبحثي، وإلى طغيان السياسات اللحظية القصيرة الأمد، هذا فضلا عن التردد العام في ابتكار الحلول الملائمة للإشكالات البيداغوجية الكبرى، وضعف تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة والمساءلة. وشدد على أن طرح الإصلاح كأداة للتغيير يقتضي مقاربته في وضعه الشمولي وليس الجزئي، فإصلاح مكونات التعليم يعتبر جزءا من إصلاح مجتمعي شامل، بحيث لا يمكن أن تكون المدرسة أو الجامعة فاعلة في مجتمع لا يعترف بقيمتها ودورها التربوي والتأهيلي بالشكل الحقيقي وقد لا يساير تطورها. وسجل المستشار البرلماني، أنه رغم ما حققته منظومة التربية والتكوين من تقدم على مستوى تنزيل الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2023، وخارطة طريق لإصلاح منظومة التربية الوطنية 2022 –2026، وتوصيات النموذج التنموي الجديد، ومقتضيات القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، خاصة في مجالات تعميم التمدرس وتعبئة الموارد البشرية والمادية والمالية المواكبة، وكذا الجوانب البيداغوجية والتدبيرية، فإن مظاهر التعثر والخصاص تظل مترسخة بل وتستفحل في كل ما يرتبط بالصورة العامة للتعليم ببلادنا والقيمة العالقة بمستواه العام. ودعا إسماعيل العالوي، باسم الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، إلى تجاوز التشخيصات الهامشية لمجال التدخل بالنسبة لكافة الفاعلين والمستهدفين، عبر تحديد ومناقشة الصعوبات الحقيقية بكل أمانة ومصداقية، والتفكير في وضع شبكة خاصة بكافة الممارسين لتعزيز التفكير الجماعي حول المعارف والممارسات البيداغوجية، مع إنشاء بنك من الممارسات الناجحة المحلية والوطنية والدولية قصد تشجيع الممارسات التي ترتقي بالبناء الذاتي للمعرفة من قبل المتعلمين، ضمن مسار تعزيز حافزية الفاعلين التربويين لممارسة المهن المرتبطة بالتربية والتعليم، والتي يبدأ تهييئها منذ مباريات ولوج المهنة، ويتم تغذيتها عبر توفير ظروف عمل ملائمة، على اعتبار أن الأستاذ يلعب دورًا حاسمًا وحيويًا في النظام التعليمي البيداغوجي، من حيث توجيه وتعليم الأجيال الناشئة وتعزيز وتثبيت روح المواطنة لديهم، وعليه يجب إيلاء العناية الخاصة والكاملة لكافة نساء ورجالات التعليم ببلادنا. وشدد على ضرورة تعزيز نظام الحكامة التربوية المبنية على الاستقلالية واللامركزية، وتشجيع الابتكار البيداغوجي من خلال التخطيط البعيد المدى، ومحاربة الممارسات البيروقراطية داخل المنظومة التربوية، وإنشاء مجالات للأنشطة التي تربط المدارس داخل نفس المجال الجغرافي وينظمها الفاعلون التربويون داخل فرق تربوية محلية سواء حسب التخصص المنهاجي أو حسب مقاربة متعددة التخصصات. وخلص المتحدث إلى أن تنزيل هذا الورش الإصلاحي الكبير يظل ممكنا في حال تضافر كل الجهود وكافة القطاعات ذات الصلة، وفق مقاربة سياسية واجتماعية وثقافية جادة وحقيقية، تتأسس على ثلاثية الوعي بروح وطنية مسؤولة، والحفاظ على المكتسبات المحققة، وانخراط الجميع في ورش إصلاح المنظومة التعليمية، بما يجعلها تستجيب لمتطلباتنا التنموية والحداثية، ومتلائمة مع التطورات التي تجري في مجتمعنا وفي العالم من حولنا، وبما يجعلها منظومة ذات جودة وجدوى، منظومة تؤسس لمسار تكوين مغربي منفتح على محيطه ومتجاوب مع تطلعات الشعب المغربي، لذلك فإن التوجه نحو الأفق الإصلاحي الممكن يقتضي القيام بمراجعة شاملة لواقع المنظومة التربوية في مستوياتها الاستراتيجية والسياسية والتدبيرية إلى حدود الساعة، وذلك بما يمهد للوصول إلى مشروع تربوي وطني مشترك واقعي وطموح، قابل للتطوير وللاستثمار المجتمعي والاقتصادي لمغرب الغد.