مازالت موجة الغلاء الفاحش تضرب جيوب المواطنين للشهر العاشر على التوالي، في وقت عجزت الحكومة عن كبح جماح فورة الأسعار في المواد الاستهلاكية الضرورية، على الرغم من حزمة التدابير التي أطلقتها منذ بداية العام الجاري، والتي مازالت حتى الآن بعيدة عن تبديد مخاوف المواطنين الذين اكتووا طوال الشهور الثلاثة الأولى من العام الجاري بلهيب الأسعار، سيما وأن أسعار مواد الاستهلاك الأساسية لم تعرف إلى حدود نهاية مارس إلا اتجاها واحدا نحو الأعلى، وهو ما أكدته بيانات رسمية صدرت أمس عن المندوبية السامية للتخطيط، التي قالت إن تكاليف المعيشة عرفت خلال الشهر الثالث من العام الجاري ارتفاعا صارخا مقارنة مع 2022 حيث سجل معدل التضخم زيادة ب 8.2 في المائة بالمقارنة مع شهر مارس 2022 كما ارتفع مؤشر التضخم الأساسي، الذي يستثني المواد ذات الأثمان المحددة والمواد ذات التقلبات العالية، ب 8.1 في المائة بالمقارنة مع 2022. وسجل المؤشر الرئيسي للأسعار عند الاستهلاك في شهر مارس الأخير ارتفاعا ب 0,1 في المائة بالمقارنة مع الشهر السابق. وقد نتج هذا الارتفاع عن تزايد الرقم الاستدلالي للمواد الغذائية ب0,3 في المائة وتراجع الرقم الاستدلالي للمواد غير الغذائية ب 0,1 في المائة. وكشفت البيانات الإحصائية التي أعدتها المندوبية السامية للتخطيط أن ارتفاعات المواد الغذائية المسجلة ما بين شهري فبراير ومارس2023 على الخصوص طالت أثمان الفواكه ب 3,4 في المائة والسمك وفواكه البحر ب 2,2 في المائة والحليب والجبن والبيض والقهوة والشاي والكاكاو ب 0,3 في المائة والسكر والمربى والعسل والشوكولاته والحلويات ب 0,2 في المائة والخضر والخبز والحبوب ب 0,1 في المائة. وعلى العكس من ذلك، انخفضت أثمان اللحوم ب 0,8 في المائة والزيوت والذهنيات ب 0,1 في المائة. في ما يخص المواد غير الغذائية، فإن الانخفاض هم على الخصوص أثمان المحروقات ب 3,6 في المائة. ولم تسلم جميع تكاليف المعيشة الرئيسية من موجة الزيادات المتفاوتة التي ضربت جيوب المغاربة خلال الفترة الفاصلة بين مارس 2022 ومارس 2023، انطلاقا من أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية التي قفزت ب 16.1 في المائة، و17.6 خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام الجاري، والسكن والماء والكهرباء والغاز والمحروقات الأخرى التي ارتفع معدلها 1.1 في المائة، وتكاليف النقل التي ارتفعت ب 5.1 في المائة، مرورا بأسعار التبغ والمشروبات الكحولية التي زادت ب 5.3 في المائة وأسعار الأثاث والأدوات المنزلية التي نمت ب 5.8 في المائة، ووصولا إلى قطاع المطاعم والفنادق الذي عرفت أسعاره نموا ب 6.2 في المائة. وتأتي بيانات المندوبية السامية للتخطيط بخصوص أسعار الاستهلاك والتضخم لتؤكد ما ذهبت إليه توقعات بنك المغرب الذي أكد أن معدلات التضخم الذي بلغ نسبة 6.6 في المئة برسم سنة 2022، ستستمر خلال سنة 2023، بوتيرة أبطأ من تلك المتوقعة في شتنبر الماضي، والتي من المرتقب أن تستقر عند 3.9 في المئة قبل أن ترتفع مجددا إلى 4.2 في المئة خلال سنة 2024، مما يعكس تدويلا للضغوط التضخمية. وكان والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، أكد مؤخرا أن الضغوط التضخمية على مستوى المنتوجات غير المتبادلة واصل وتيرته خلال الأشهر القليلة الماضية، مسلطا الضوء على التطور المتزامن للوتيرة المرتفعة لتضخم المنتجات القابلة للتبادل، المتأثر بدوره بارتفاع أسعار المواد الأولية وانخفاض الدرهم مقابل الدولار.