ظل المخزن المغربي وفيا، وراعيا لمغاربته اليهود، ويتضح ذلك من خلال الوثائق الرسمية، ووثائق العائلات اليهودية وبخاصة المراسلات الإخوانية منها. وتعتبر الوثائق الرسمية التي تحتفظ بها مديرية الوثائق الملكية دليلا دامغا على الروابط القوية، والمتينة بين المخزن ويهوديه؛ فبعضها يتضمن صراحة أمر سلاطين الدولة بالاحسان إليهم داخل المغرب وخارجه. فبالإضافة إلى السماح لهم بممارسة طقوسهم وشعائرهم الدينية، وأنشطتهم الاقتصادية، ووهب وعاءات عقارية لهم لانشاء ملاحاتهم أو بيعهم فإن العلاقة ظلت قوية على مر العصور، وتعتبر الدولة العلوية نموذج الراعي الأول لفئة اليهود مقارنة بوضعيتهم خلال فترات حكم السعديين و المرينين والموحدين حيث كانوا مميزين عن جيرانهم باعتبار الهندام أساس للتميز طالب السلطان سيدي محمد بن عبد الرحمان من قائد الصويرة عمارة بن عبد الصادق بالوقوف إلى جانب التاجر اليهودي حاييم بن بخاش ضد المدين علي أتماسين وضرورة تطبيق الشرع معه في حالة عدم قدرته على التسديد او تملصه من أداء الدين. – قنصل الأنجليز بالصويرة يطلب من قائدها عمارة بن عبد الصادق تأمين مسار تجارة التاجر اليهودي المحمي الإنجليزي باروخ أحيون : – هي وثيقة تحمل رقم 3372/ مؤرخة في 4 محرم 1290/4مارس1873 موجهة من قنصل إنجلترابالصويرة إلى قائدها عمارة بن عبد الصادق يطلب منه ضرورة تامين مسار تجارة أحد محميي إنجلترا ويتعلق الأمر بالذمي باروخ أحيون الذي كلف نائبه داويد الناهوري. وحسب الرسالة فإن القنصل أصبح يلعب دور السلطان في حماية أهل الذمة كما تفرضه معاهدات الحمايات القنصلية التي تورط فيها المغرب؛ فبعدما كان السلطان هو الشخص الوحيد الذي يعهد له تأمين حياة التجار اليهود والحفاظ على ممتلكاتهم من النهب والتلف فإنه وبموجب هذه المعاهدات أصبح القنصل يراسل ممثلي المخزن باعتباره مسؤولا عن حماية التجار اليهود وعلى سلامة سلعهم وممتلكاتهم « وبعد، فإن التاجر باروخ أحيون ممن شملته حماية الانجليز وقد وجه نائبه داويد الناهوري بسلعة له بتارودانت على أن يباشر له هناك أمور البيع والشراء. وعليه نحب منك أن تكتب من جانبك كتابا لعامل ردانة بالإيصاء على داويد المذكور وتخبره بأن جميع ما يدور بيده من السلع إنما هو للتاجر باروخ. و تحضه على البرور به والاعتناء بجانبه وان يراعيه ويقف معه عند الاحتياج له. ويجريه فيما بيده مجرى أهل الحمايات وان لا يتعدى عليه أحد و لا يسومه بمكروه. والسلام.» – إصدار السلطان امره الشريف بإصلاح دار التاجر اليهودي سعديه أكوهن المحمي من طرف الأنجليز: تشمل رعاية المخزن ليهوديه الاعتناء بهم وإصلاح دورهم التجارية التي انعم بها عليهم المخزن إما من باب الشركة التجارية او للمنفعة الشخصية. وحسب وثيقة تحمل رقم 3374/ مؤرخة في 24 صفر 1290/23 أبريل 1873 فإن الأمينين عبد الكريم بن زاكور و محمد الحساني راسلا وزير المالية محمد بن المدني بنيس وهو امين الأمناء بتطبيق منطوق الرسالة السلطانية الشريفة الرامية إلى إصلاح دار الذمي « ومن تمامه وجدنا الامر الشريف أسماه الله صدر بإصلاح دار ليهودي يقال له سعديه أكوهن المكلف بالسنيدة لملاقات البابورات والمراكب ويكون إصلاحها على ستة في الماية. يعطي في كرائها كغيره لكونه طلب ذلك وقبضنا منه خط يده بطابع قنصوه الانجليزي ولأنه هو الواقف على هذا. وحيث كان الأمر كذلك شرعنا له في إصلاح الدار حسبما أمر سيدنا المؤيد بالله «. كما طالب السلطان ممثليه المخزنيين في الصويرة بضرورة الاعتناء بالذمي أبراهام قرقوز الذي سبق له وان راسل السلطان بهذا الخصوص وتطبيقا لأوامره فإن الأمينين راسلا السلطان تحت إشراف وزير المالية بانهم طبقا أوامر السلطان ويتضح ذلك من خلال مضمون المراسلة؛ ومما جاء فيها: « …واما أبراهام قرقوز فحين ورد علينا الأعز مسطورك وجد الحال مريضا فبعثنا على كاتبه وذكرنا له ما ذكرت لنا في كتابك كله. وبانك لم تقصر في جانبه ودفعنا له الكتاب الذي وجهت له طي كتابنا. وبه وجب إعلام سيادتك وعلى المحبة. والسلام».