قدمت القناة الثانية « دوزيم» مساء أول أمس الأحد فيلما وثائقيا مميزا تحت عنوان « قبل زحف الظلام» للمخرج علي الصافي، وهو إنتاج مشترك بين بين القناة الثانية و "Cinemaat Productions" و"Les Films du Passage" ، تناول فيه المخرج جوانب اجتماعية و فنية و ثقافية و سياسية.. بارتباطها بالمظاهر الإنسانية العامة بمغرب السبعينيات من القرن الماضي، حيث تم رصد تلك المظاهر من خلال إنتاجات الفنانين المغاربة في تلك الفترة، وكيف تعاملوا مع التوترات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بإبداعات فريدة و تعابير فنية من لوحات و ملصقات و أغلفة مجلات و صور من أرشيف أفلام و فن المسرح و الموسيقى «ناس الغيوان..» و الرسوم المتحركة.. التي تحكي عن المغاربة و تحفظ ذاكراتهم.. ولعل بث هذا الشريط التوثيقي المميز يعد لحظة فارقة من بيت لحظات أخرى في البرمجة التلفزيونية لقناة « الدوزيم» في الفترة الاخيرة مقارنة مع ما كان يقدم مع على هذا المستوى..، إذ نادرا ما كنا نتابع برامج ذات حساسية خاصة في التاريخ المغربي، خصوصا في فترة نهاية الستينيات و السبيعينيات.. من القرن الماضي، والمعروفة ب» سنوات الرصاص»، إذ وفق المخرج علي الصافي – و»دوزيم» – في مدة زمنية محدودة، في بسط جوانب متعددة مما سجلته تلك الفترة من زمن المغرب من صراعات ومتابعات سياسية ومشاكل اجتماعية من فقر و بطالة و جهل أمية .. من خلال وثائق مصورة ومكتوبة و شهادات حية.. لفنانين تشكيليين و سينمائيين ومسرحيين ورجال سياسة ونقابيين ومناضلين متابعين وعموم الناس.. ولعل – أيضا – عرض هذا الشريط الوثائقي الموفق جدا لعلي الصافي، المخرج المختص في إنجاز الأفلام الوثائقية، في فضاء أكثر انتشارا و متابعة، وهو التلفزيون، وفي قناة وطنية عمومية، بدل الاقتصار العروض الخاصة و التظاهرات السينمائية المحدودة، يكشف عن بداية تحول عميق ومحمود في المشهد التلفزيوني و الفضاء السمعي البصري الوطني، تحول نريده أن يستمر و يتوالى مع إنتاجات وثائقية، بل ودرامية، أيضا»، من أجل رفع الستار عن ما يحتويه «مسرح» ذاكرتنا الجماعية التاريخية الثرية.. بهدف التصالح و التعايش معها دون عناء أو ألم أو خجل أو وجل. تجدر الإشارة إلى أن المخرج علي الصافي، وكما صرح في مناسبات عديدة، تطلب منه الاشتغال على فيلمه الوثائقي «قبل زحف الظلام»، 10 سنوات من البحث في الأرشيف الخاص بمغرب السبعينيات من القرن الماضي، المعروف بتوترات سياسية واجتماعية وشباب حالم بالتغيير..، حيث مكنته عملية البحث و التنقيب في المادة الأرشيفية من الاطلاع على العديد من التفاصيل والأحداث التي لم يكن يعرفها، كما يقول، والمرتبطة بمغرب تلك الفترة، إذ أن مهمة إنجاز الشريط – يضيف – لم تكن بالسهلة بالنسبة إليه، باعتبار صعوبة الوصول لأرشيف هذه الفترة وغياب كتب تاريخ الفن وتاريخ السينما، مبرزا أنه استعان بالأرشيف السينمائي الذي كان أساسيا في الفيلم، مثل أرشيف المسرح والموسيقى والأخبار، وأيضا أرشيف العائلات التي كان لها ارتباط بفترة السبعينيات من القرن الماضي..