أضافت أمس الهيئة الفدرالية للرقابة على الاتصالات وتقنيات المعلومات والإعلام «روس بوتريب نادزور» موقع التواصل الاجتماعي «إنستغرام» إلى قائمة المواقع المحدودة في روسيا. وقالت مصادر صحافية في روسيا إنه بات من المتعذر الوصول إلى تطبيق إنستغرام للتواصل الاجتماعي الذي تملكه شركة «ميتا» الأميركية، والذي تتهمه موسكو بنشر دعوات إلى العنف ضد الروس على خلفية النزاع في أوكرانيا. ويأتي هذا القرار كحلقة جديدة من الحرب الموازية القائمة بين روسيا والغرب، والتي تعتبر وسائل الإعلام والمنصات الاجتماعية ساحة لها. يقال بأن الحقيقة هي الضحية الأولى للحروب، ومنذ أن أعلن بوتين عن قراره غزو أوكرانيا، تأجج الصراع بين الطرفين، روسيا والغرب، حول من سيفرض وجهة نظره على الصعيد الإعلامي، وبدأت قرارات الحظر والمنع تتناسل، في محاولة للسيطرة على مصادر المعلومات وتوجيهها لخدمة ما يتوخاه كل طرف من هذه المواجهة، ومن سيتمكن من التأثير أكثر على الرأي العام.
حظر وسائل الإعلام الروسية في الغرب منذ أن بدأت أصوات الرصاص والقذائف تنهال على أوكرانيا، وفي الوقت الذي نزل الغر ب بكل ثقله متخذا سلسلة من الإجراءات العقابية غير المسبوقة لشل الاقتصاد الروسي، اتخذت قرارات أخرى موازية لعزلها إعلامية، ومنع روايتها من تجاوز حدودها. وكانت أولى هذه القرارات قد مست وكالات الأنباء والقنوات التلفزية الروسية التي تبث في الغرب. وفي هذا الإطار قرر الاتحاد الأوروبي في الأيام الأولى للحرب، حظر وسيلتي الإعلام الروسيتين « أر تي»، روسيا اليوم، و» سبوتنيك» وألزمت كل دول الاتحاد بتنفيذه بداية من 3 مارس الجاري. وقال الاتحاد الأوروبي إن هذا القرار يعود لكون القناتين « أداتا تضليل» بيد موسكو لتبرير حربها على أوكرانيا وبث بروباغاندا في مختلف دول العالم. ومنذ ذلك الوقت، لم يعد من الممكن بث محتوى من «سبوتنيك» و»آر تي» بالإنجليزية والألمانية والفرنسية والإسبانية على شبكات التلفزة والإنترنت على حد سواء، بحسب القرار الذي نشر في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي. وحظرت أيضاً حسابات تابعة للشبكتين على مواقع التواصل الاجتماعي، بينها الحسابات العربيّة، كما توقف موقع «آر تي» الرئيسي عن العمل، فيما استمرّت منصات الشبكة على مواقع التواصل الاجتماعي بنشر تحديثاتها. وتتهم هاتان الوسيلتان ببثّ بروباغندا للكرملين في ما يخص الاجتياح الروسي لأوكرانيا. ويقول الاتحاد الأوروبي إنها تبث الرواية الرسمية لموسكو، التي تتحدث عن «اجتثاث للنازية من أوكرانيا»، و «الحفاظ على الأمن الروسي»، وتتهم أوكرانيا بالاعتداء على روسيا وتهديد أمنها والمواطنين المتحدثين بالروسية فيها، عدا عن أنها تنكر استهداف المدنيين أو تعرضهم لأي أضرار خلال الحرب. وفيما تستخدم السلطات الروسية هذا التبرير، وينشره المحللون الروس عبر وسائل الإعلام حول العالم، يعتمده صحافيو هاتين القناتين من دون أي تشكيك أو بحث. منصات التواصل تدخل على الخط وتحاصر وسائل الإعلام الروسية بدوره أعلن موقع يوتيوب أن حظر وسائل الإعلام التي تمولها روسيا صار يشمل أنحاء العالم وليس فقط أوروبا، وهو إجراء آخر يهدف إلى عزل موسكو. وقال متحدث باسم موقع مشاركة الفيديو الذي تملكه مجموعة غوغل «تحظر إرشاداتنا المحتوى الذي ينكر أو يقلل أو يهزأ من أهمية أحداث العنف الموثقة جيدا، وسنزيل المحتوى المتعلق بالغزو الروسي لأوكرانيا الذي ينتهك هذه القواعد». وأضاف «وفق هذه القواعد، سنحظر أيضا بأثر فوري في أنحاء العالم قنوات يوتيوب المرتبطة بوسائل الإعلام التي تمولها الدولة الروسية». وقال الموقع إن المحتوى المعني يمكن أن يراوح من مزاعم تصور الضحايا على أنهم ضحايا وهميون يؤدي أدوارهم ممثلون إلى مقاطع فيديو تصور الغزو الروسي على أنه عملية حفظ سلام أو تحرير. من ناحية أخرى، قد يتم التسامح مع بعض المنشورات التي تحتوي على تحريض على الكراهية شرط أن تكون أهدافها «تعليمية أو وثائقية أو علمية أو فنية»، وفق ما أكدت المنصة. وأضاف الموقع أن الأمر سيستغرق بعض الوقت قبل أن يصبح الحظر العالمي فعالا بشكل كامل. فيسبوك، الذي سبق أن اتخذ قرارا مماثلا بمواجهة الدعاية الروسية، فاجأ الجميع باتخاذه قرارا آخر، أسال الكثير من المداد، حيث قرر استثناء الخطاب المناهض «للغزاة الروس» في أوكرانيا من قواعده المتعلقة بحظر أي محتوى على الموقع يدعو إلى العنف والبغض، مشيرا إلى أنه لن يحذف بالتالي المنشورات المعادية لجيش روسيا وقادتها. وقال آندي ستون المسؤول عن الاتصالات في ميتا»، الشركة الأم لفيسبوك، في بيان إنه «بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، فقد سمحنا مؤقتا بأشكال من التعبير السياسي تنتهك في العادة قواعدنا المتعلقة بالخطاب العنيف مثل «الموت للغزاة الروس». وأضاف أن فيسبوك لن يسمح بالمقابل «بأي دعوات ذات مصداقية للعنف ضد المدنيين الروس». وأصدرت «ميتا» بيانها بعدما قالت وكالة «رويترز» للأنباء نقلا عن رسائل عبر البريد الإلكتروني تبادلها مديرو المحتويات في عملاق وسائل التواصل الاجتماعي، إن تحديث هذه القواعد ينطبق على كل من أرمينيا وأذربيجان وإستونيا وجورجيا والمجر ولاتفيا وليتوانيا وبولندا ورومانيا وروسيا وسلوفاكيا وأوكرانيا. وأثار قرار شركة ميتا، المالكة لفيسبوك، ردود فعل عديدة، وبهذا الخصوص أعرب مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان عن قلقه إدخال استثناءات على قواعد المنصة المتعلقة بالإعلانات من خلال عدم حذف الرسائل المعادية للجيش والقادة الروس. وقالت الناطقة باسم مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان إليزابيث ثروسيل خلال مؤتمر صحافي في جنيف «من الواضح جدا أن هذا موضوع معقد للغاية، لكنه يثير مخاوف بشأن حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي». وقالت ثروسيل إن الغموض المحيط بهذا الإعلان «يساهم بالتأكيد في خطاب الكراهية الموجه ضد الروس عموما». وأضافت أن المفوضية العليا ستتواصل مع «ميتا» لمزيد من التوضيح. وتابعت «سنشجعها (ميتا) على إعادة النظر في الضرر الذي قد يصاحب هذا التغيير في السياسة»، مشيرة إلى أن الموضوع يتطلب مراجعة أعمق بسبب تعقيدات المفاهيم القانونية المحيطة خصوصا بحرية التعبير والسياق الخاص بالنزاع. روسيا التي سبق أن حظرت فيسبوك على أراضيها ردا على قرار المجموعة الكاليفورنية فرض حظر في أوروبا على وسائل إعلام مقربة من الكرملين، وفرضت أيضا قيودا شديدة على الوصول إلى موقع تويتر، قالت إنها ستلاحق شركة ميتا قانونيا بسبب «دعوات إلى قتل» مواطنين روس. وأوضحت لجنة التحقيق الروسية التي تحقق في الجرائم الكبرى أنها ستطلق تحقيقا «بسبب دعوات غير قانونية لقتل مواطنين روس من قبل موظفين في شركة ميتا الأميركية». كما طلب مكتب المدعي العام الروسي أن يصنف عملاق الإنترنت «متطرفا» ودعا إلى حظر إنستغرام في البلاد. وقال مكتب المدعي العام «نشرت مواد على إنستغرام تضمنت دعوات إلى ارتكاب أعمال عنف ضد مواطني روسيا بمن فيهم العسكريون» مشيرا إلى أنه طلب من الهيئة الناظمة لوسائل الإعلام الروسية «منع الوصول» إلى إنستغرام. ومنذ بدأت القوات الروسية غزو أوكرانيا قطعت غالبية شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة علاقاتها مع موسكو. وفي هذا السياق علقت «مايكروسوفت» و»آبل» مبيعات منتجاتهما في روسيا، في حين علقت «نتفليكس» و»إنتل» و»إير بي إن بي» أنشطتها في هذا البلد. قيود روسية مشددة على وسائل الإعلام لفرض روايتها الوحيدة حول الحرب منذ وصوله إلى السلطة، فرض الرئيس الروسي فلادمير بوتين قيودا مشددة على وسائل الإعلام التي تنتقد سياسته، قيود اشتدت مع بداية الحرب، حيث وقع قانونا ينص على أحكام بالسجن تصل إلى 15 عاما «لنشر أخبار كاذبة عن الجيش الروسي». ووقع بوتين أيضا مشروع قانون تفرض بموجبه غرامات أو عقوبة بالسجن للمطالبة بفرض عقوبات على روسيا بسبب الغزو. وأقرت روسيا مبدأ فرض عقوبات جزائية قاسية في حال نشر «معلومات كاذبة» عن الجيش، في آخر خطوة تعكس تشدد موسكو في الداخل بالتزامن مع غزو أوكرانيا. واعتمد النواب الروس (الدوما) في قراءة ثالثة، نصا يتضمن عقوبات بالسجن وغرامات شديدة لكل من ينشر «معلومات كاذبة» عن الجيش. وينص هذا التعديل على عقوبات مختلفة بالسجن لمدة يمكن أن تصل إلى 15 عاما إذا أدت «معلومات كاذبة» إلى «عواقب خطيرة» على القوات المسلحة. وينص تعديل منفصل أقر أيضا على معاقبة مطلقي «الدعوات إلى فرض عقوبات على روسيا» التي تواجه إجراءات انتقامية غربية قاسية لغزوها أوكرانيا. ومن أجل السيطرة على الرواية التي تقدمها عن النزاع إلى الشعب الروسي، عززت السلطات الضغط على وسائل الإعلام المستقلة القليلة التي تمكنت من العمل في السنوات الأخيرة على الرغم من المناخ العدائي. فقد أعلنت هيئة تنظيم وسائل الإعلام أنها فرضت قيودا على الوصول إلى أربع وسائل إعلام مستقلة، بما فيها النسخة الروسية من ال»بي بي سي» بطلب من النيابة. وقالت سلطة تنظيم وسائل الإعلام أن الاطلاع على المواقع الإلكترونية لخدمة اللغة الروسية التابعة للبي بي سي و»دويتشه فيلي» و»ميدوزا» و»راديو سفوبودا»، الفرع الروسي لإذاعة أوروبا الحرة، أصبح «محدودا». وردا على هذا القرار علقت وسائل إعلام غربية عملها من روسيا تحسبا لاستهداف صحافييها. وفي هذا الإطار، قال رئيس تحرير بلومبيرغ «جون ميكلثويت» في مقال نشره موقع بلومبيرغ الإلكتروني: « قررنا ببالغ الأسف أن نعلق مؤقتاً عملنا في جمع الأخبار في روسيا «، وأضاف: « إن التغيير في القانون الجنائي الذي يبدو أنه يهدف إلى تحويل أي مراسل مستقل إلى مجرم بالتبعية البحتة، يجعل مستحيلاً الاستمرار في أي شكل من أشكال الصحافة العادية داخل البلاد «. من جهتها قالت شبكة « سي إن إن « التي تعمل على مدار 24 ساعة إنها « ستتوقف عن البث فى روسيا بينما نواصل تقييم الوضع وخطواتنا التالية للمضي قدماً «. وأعلنت هيئة الإذاعة البريطانية « بي بي سي « أيضاً أنها أوقفت عمل صحفييها في روسيا. وقال المدير العام ل «بي بي سي « تيم ديفي في بيان: « يبدو أن هذا التشريع يجرّم عمل الصحافة المستقلة «. وحذّر من أن الصحفيين قد يواجهون « خطر الملاحقة الجنائية لمجرد تأديتهم عملهم». كما قالت هيئة الإذاعة الكندية « سي بي سي « إنها أوقفت مؤقتاً التقارير الواردة من روسيا. وقد تم حجب مواقع دويتشه فيله و «بي بي سي « ووسائل إعلام غربية عديدة في روسيا. البحث عن بدائل لمنصات التواصل الأمريكية إدراكا منه للنفوذ الكبير الذي تحظى به منصات التواصل الأمريكية، وبعد أن دخلت هذه الأخيرة على خط المواجهة مع روسيا، وقع الرئيس الروسي، مرسوما بهدف لتسريع تنمية قطاع تكنولوجيا المعلومات في بلاده. وجاء في بيان صادر عن الخدمة الصحفية للكريملين «وقع الرئيس الروسي مرسوما يتعلق بالإجراءات التي تضمن عملية تسريع وتنمية قطاع تكنولوجيا المعلومات على أراضي الاتحاد الروسي». ووفقا لبنود المرسوم «سيتم تبسيط إجراءات الحصول على الإقامة الدائمة للأجانب القادمين للعمل في شركات تكنولوجيا المعلومات في الاتحاد الروسي». وجاء في نص وثيقة المرسوم «حكومة الاتحاد الروسي اتخذت تدابير تهدف إلى تبسيط إجراءات توظيف المواطنين الأجانب في قطاعات العمل المختلفة في البلاد، ومنح هؤلاء الأشخاص تصاريح للإقامة على الأراضي الروسية». وحسب وسائل إعلام تابعة للكرملين، فإن شبكات التواصل الاجتماعي الروسية أصبحت تشهد ازديادا في نشاط المستخدمين. وفي هذا الإطار أعلن القائمون على شبكة «VK» الروسية للتواصل الاجتماعي أن الشبكة شهدت مؤخرا ازديادا ملحوظا في نشاط المستخدمين. وأشار القائمون على الشبكة إلى أن الفترة الماضية شهدت زيادة ملحوظة في نشاط المستخدمين، وما بين 21 و27 فبراير الماضي وزاد متوسط جمهور الشبكة اليومي بمقدار 200 ألف شخص، لتبقى هي شبكة التواصل الاجتماعي الأكثر شهرة بين شبكات التواصل بالنسبة لجمهور الإنترنت الروسي. وقالت نفس المصادر إن يزورها يوميا ما بين 47 و53 % من مستخدمي الإنترنت في روسيا، إذ يشير القائمون على الشبكة إلى أن منشورات المستخدمين تعتبر هي المصدر الرئيسي للمعلومات على شبكتهم. وبينت التحليلات أيضا أن مشاهدات موجز الأخبار على الشبكة نمت بنسبة 5% تقريبا في الفترة الأخيرة، كما ازدادت مشاهدات قسم الفيديوهات بنسبة 15 % أيضا. وتجدر الإشارة إلى أن القائمين على الشبكة كانوا قد أضافوا بعض التعديلات على صفحاتها، وأطلقوا قسما جديدا لمتابعة الأحداث والمواقع والمواضيع التي تلقى رواجا ملحوظا بين مستخدمي الإنترنت. وحسب معلومات نشرتها قناة «آر تي» بموقعها على شبكة الأنترنيت، فإن شبكة « VK» تأسست عام 2006، وباتت أضخم منصات التواصل الاجتماعي في روسيا وإحدى أشهر المنصات في أوروبا والعالم، وتضم اليوم أكثر من 400 مليون مستخدم، وينشر عليها يوميا نحو 12 مليون منشور ب 44 لغة.